أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

صديقة الحجر والكلمة.. الموت يغيب النحاتة "منى السعودي" في بيروت

السعودي

غيّب الموت النحاتة والكاتبة الأردنية الشهيرة "منى السعودي" في بيروت أمس الأول عن عمر ناهز 77 عاماً بعد معاناة شديدة مع مرض السرطان تاركةً وراءها إرثاً ثميناً من الأعمال الخالدة والرؤى التنويرية.

واشتهرت بمنحوتاتها الهائلة التي تستقصي بحساسية شعرية بالغة مواضيع الإبداع، والأرض، والأم وتطور الكائنات.

ونعت وزارة الثقافة الأردنية "منى السعودي" التي يمثل رحيلها "خسارة كبيرة ليس للأردن والعرب فحسب، وإنما للحركة التشكيلية العالمية التي كانت واحدة من أبرز رموزها"، مشيرة إلى أن "السعودي تعد واحدة من الفنانات الرائدات اللواتي سجلن اسمهن بحروف واضحة في مجال النحت، وكان لها حضورها العربي والعالمي من خلال رحلتها الطويلة في مجال النحت".

ولدت "منى عبده السعودي" في "جبل اللوبيدة" وسط عمان عام 1945 وتخرجت من مدرسة "زين الشرف"، وحصلت على شهادة التوجيهي من القاهرة.

ظهرت موهبتها في النحت منذ طفولتها وقدمت أعمالها الأولى في سن العشرين، حيث كانت تقطن بجوار مجموعة من الآثار الرومانية بعمان، ما أتاح لها تكوين علاقة حميمية مع الحجارة والصخور والمنحوتات، وكان لهذه العلاقة تأثير هام في حياتها، درست في مدرسة الفنون الجميلة في باريس في ستينات القرن الماضي.

عاشت متنقلة بين باريس وعمان وبيروت وأقامت الكثير من المعارض في العالم العربي وأوروبا والولايات المتحدة وآسيا.

قدمت أوّل معرض لرسوماتها عام 1963 في مقهى الصحافة في لبنان. ثم التحقت بالمدرسة العليا للفنون الجميلة في باريس عام 1964 حيث درست النحت بالحجر.

وكان موضوع أوّل منحوتاتها في عام 1965 الأمومة، ومن أعمالها النحتية "قمر مكتمل" من حجر الترافيرتين، وكذلك "أمزجة الأرض" و"شروق الشمس" و"كسوف القمر"، و"المتشرّد"، و"صبار"، من حجر اليشم الأردني الأخضر، و"ماء الحياة" من العقيق اليماني، و"المرأة النهر" من الغرانيت الأخضر الزمردي وعمل نحتي مميز بعنوان “هندسة الروح” تم نصبه أمام معهد العالم العربي في باريس كما تزدان العديد من متاحف العالم بأعمالها المعروضة مثل المتحف الوطني للفنون الجميلة في الأردن، والمتحف البريطاني، ومتحف غاغنهايم ومعهدي الفن في شيكاغو وديترويت. وكان للسعودي نشاط في فضح الدعاية الصهيونية وتم إعتقالها في كوبنهاجن 1969، بتهمة محاولة إغتيال ديفيد بن غوريون الذي كان حينها في جولة لجلب الدعم لإسرائيل.

وإلى جانب تجربتها النحتية الطويلة للراحلة تجربة أدبية لا تقل إبداعاً عن نحت الحجر ومن مؤلفاتها "أربعون سنة من النحت" (2007) الذي دوّنت فيه سيرتها الحياتية والفنية، وديوانا شعر "رؤيا أولى" (1970) و"محيط الحلم" (1993). وكتاب "شهادة الأطفال في زمن الحرب" 1968، ولها عدة مجموعات من رسومات مستلهمة من وحي الشعر أنجزت كتحية لعدة شعراء مثل الشاعر الفلسطيني محمود درويش، والشاعر السوري أدونيس، والشاعر الفرنسي سان جون بيرس وكذلك إلى الشاعر العربي الجاهلي امرئ القيس.

ونعى عدد من الفنانين والمثقفين الفنانة الراحلة.

وقالت "أرواد سعيد": "غادرت منى سعودي اليوم. لقد حاربت المرض، بشدة، من أجل ابنتها بشكل رئيسي، أعرف ذلك. عندما اتصلت بها آخر مرة قبل أسبوع، بينما كانت في المستشفى، كان كل ما كانت تهتم به هو ضياء". وعلق النحات السوري "عبد الباسط فهد" قائلا "منى السعودي صديقة الحجر والكلمة ورفيقة البدايات. الأردنية التي أشرقت فيها فلسطين، والبيروتية التي نحتت قلبها في حديقتها في كليمنصو، النحاتة والشاعرة والرسامة، استسلمت للحجر الذي صار كلمة وماتت".

وبدوره قال الصحفي والكاتب "بيار أبي صعب" إن "السعودي لم تكن مبدعة ونحاتة مهمة، بين أبرز أسماء الفن العربي الحديث، فحسب، بل كانت صديقة الشعراء الكبار، وشاهدة أساسية على ذاكرة ثقافية وسياسية، ومن رموز زمن خصب بالأفكار والإبداعات والمعارك. زمن طاعن في الغياب".

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(196)    هل أعجبتك المقالة (167)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي