بعد أن طاف على أكثر من 20 مهرجاناً سينمائياً دولياً وحصد 15 جائزة في مختلف الفئات، من المقرر أن يعرض الفيلم الوثائقي"بين الحياة والموت" للمخرج السوري الشاب "بادي خليف" في المركز الثقافي التابع لمدينة "نورنبرغ" الألمانية بتاريخ 5/3/2022 في عرض خاص للجمهور.
ويتخلل عرض الفيلم قراءة مقتطفات من كتاب للمخرج خليف بعنوان "زنزانة خمس نجوم" باللغتين العربية والألمانية بمشاركة المخرج الألماني "ميخائيل أوره" بمرافقة عازف العود "حاجم رضا".
ويتناول الفيلم خلال 30 دقيقة جوانب من الثورة السورية التي بدأت منذ ربيع 2011، ويسلط الضوء على عدة مراحل منها، كما يتناول المظاهرات التي خرجت في المدن السورية وجوانب من رحلة اللجوء التي كانت الخيار الأوحد أمام مئات الآلاف من السوريين هربا من الحرب التي يشنها النظام السوري وحلفائه.
ينحدر "بادي خليف" من حي "الحميدية" في مدينة حماة 1989، وهو الحي الذي شهد اشتباكات ومعارك عنيفة ضد نظام الأسد، عمل كناشط إعلامي وميداني في المدينة، وإضافة إلى مشاركته في المظاهرات السلمية التي كانت تشهدها أحياء المدينة كان يظهر في مداخلات ونقل الأخبار والتطورات الميدانية في عدد من القنوات العريية والأجنبية باسم "أبو هادي الحموي" يين عامي 011-2015، وتم اعتقاله للمرة الأولى من قبل النظام في بداية العام 2011 في مدينة اللاذقية، وبعد خروجه من المعتقل واقتحام قوات النظام لمدينة حماة خرج إلى ريف حمص الشمالي لفترة، ومن ثم انتقل إلى ريف حماة الشمالي وجبل الزاوية.
وروى "خليف" لـ"زمان الوصل" أنه عمل خلال هذه الفترة مع وكالات عالمية عدة، ومنها وكالة الصحافة الفرنسية AFP و"رويترز" كمصور صحفي ومع مجلة "تايم" في الفترة التي كان فيها في حماة والعديد من المنظمات ومنها منظمة (ويتنس) لتوثيق الانتهاكات ومنظمة حقوق الإنسان، وكان أغلب عمله –كما يقول- يتركز على الجانب الإنساني والميداني وتغطية القصف الذي كان يطال منازل المدنيين والأحياء والمظاهرات وتغطية معارك الجيش الحر التي كان يقوم بها ضد قوات النظام.
وأضاف محدثنا أنه اضطر للخروج إلى تركيا بعد انعدام السلامة الأمنية على الصعيد الشخصي وملاحقته من قبل عدة جهات تتبع للاستخبارات السورية وصدور بيان لتنظيم "الدولة" بقطع رأسه أينما وجد ومحاولة اغتياله عدة مرات في ريف حماة الشمالي وريف ادلب.

وفي تركيا لم يسلم من المخاطر أيضاً، حيث رصد تنظيم "الدولة" مبلغاً مالياً لقاء تسليمه لهم هناك، مما اضطره لمغادرتها من جديد واللجوء إلى أوروبا وألمانيا تحديداً، حيث دخل مجال صناعة الأفلام لأنه وجد أنها الطريقة الأنسب التي يمكن من خلالها إيصال الصوت والصورة لما يحدث في سوريا وخاصة أنه كان شاهداً على الكثير من جوانبه، وأنجز العديد من الأفلام خلال السنوات الماضية ومنها "الحدود"و"أبي لا يتعب" و"بين الحياة والموت" وصولاً إلى فيلمه الدرامي القصير "خارج السرب".
وأغلب هذه الأفلام تتمحور –حسب قوله- حول أحداث من الثورة السورية وتركز على الكثير مما يعانيه السوريون في المعتقلات ومن قصف مباشر وتشريد.
ولفت المخرج الشاب إلى أن رحلة إنجاز فيلمه الوثائقي الدرامي "بين الحياة والموت" كانت صعبة على كل الأصعدة وتخلله بعض المشاهد التي تم إعادة تصويرها وهي تجربة جميلة ومتبعة في آن معاً، حيث حاول -كما يقول- أن يوصل رسالة عن معاناة الناس تحت القصف إلى الآن ومعاناة الذين لا زالوا داخل المعتقلات.
ونوّه "خليف" إلى أن فيلمه يطرح فكرة كيف تحولت الثورة من شكلها السلمي إلى ثورة مسلحة، وما الأسباب التي دفعت الثوار إلى حمل السلاح في وجه قوات النظام ويتطرق الفيلم -حسب مخرجه- إلى موضوع استهداف منازل المدنيين بشكل عشوائي من قبل قوات النظام، وكيف تعاملت هذه القوات مع الأشخاص المصابين ومشاهد تطويق الأحياء من جهات عدة والتمهيد بالقصف الجوي والمدفعي قبل اقتحامها، وكيف تمكن تنظيم "الدولة"، فيما بعد من السيطرة على المناطق التي حررتها المقاومة السورية وإعادة تسليمها من قبل التنظيم إلى النظام من جديد على طبق من ذهب.
ويوثق الفيلم -كما يقول خليف- الاشتباكات بشكل حي ومباشر على عدة جبهات وكان يقوم بتوثيقها بكاميرته آنذاك ومن ضمنها جبهة "مورك" في ريف المدينة الشمالي.

واستغرق إنجاز "بين الحياة والموت" ما يقارب الثلاث سنوات ونصف، إذ يعزو مخرجه هذا التأخير إلى ضعف الإمكانيات التقنية وعدم وجود جهة داعمة له.
وكشف "خليف" أنه قام بمفرده بجميع المهام من إخراج وتصوير وسيناريو ومونتاج وساهمت الناشطة "نتالي درويش" بترجمة الفلم للغة الإنكليزية كما ساهمت الألمانية "غابريلا ديكمان" بالتعاون مع المخرج بترجمة الفيلم إلى اللغة الألمانية، وكان عليه خلال 30 دقيقة هي مدة الفيلم أن يوصل شيئاً من المعاناة بطريقة تلامس قلوب ووجدان الناس.
وحول دلالات عنوان الفيلم أوضح الخليف أن فيلمه "بين الحياة والموت" يوثق رحلة ما بعد خروج الناس من سوريا ويطرح قضيتهم ويجيب عن التساؤلات التي يمكن أن تراود أناسا يجهلون ما يحصل في سوريا، وما عاشه السوريون من لحظات تفصل بين الحياة والموت أثناء سقوط البراميل المتفجرة وسقوط الصواريخ والقنابل المدفعية، وفيما بعد عبور البحر عبر قوارب الموت باتجاه الفردوس المفقود في أوروبا أو ورحلة اللجوء سيراً على الأقدام، أضف إلى ذلك توثيق لحظة خروج الروح من الجسد لضحايا من بداية الثورة السورية أثناء خروج الناس في المظاهرات، وكيف تم الرد عليهم بشكل مباشر بإطلاق الرصاص الحي وبعضهم كان في الأحياء المحاصرة وفارقوا الحياة بسبب النزيف وعدم إمكانية إسعافهم.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية