كتاب يتناول قضية الإستعباد الخفي للمرأة السورية في ريف حلب

يضيء كتاب "الاستعباد الخفي للمرأة السورية" للكاتب والصحفي "محمد إقبال بلو" على قضايا راهنية وشائكة تتعلق بالمرأة السورية التي لا زالت تبحث عن مكان لها في الهيئة الاجتماعية، وهي قضايا موجودة وإن تم نكرانها أو التكتم عليها. وينكر البعض توصيفها بالحالة العامة، بل يعتبرون بأن حوادث كتلك مجرد حالات شاذة قليلة الحدوث.

وينحدر بلو من مدينة عندان بريف حلب الشمالي، عاش في حلب وبقي فيها حتى خروجه من سوريا عبر الحدود التركية مع بداية الحرب، ولم يتمكن من إكمال دراسته في قسم الجغرافيا بجامعة حلب التي غادرها وهو في السنة الثانية وما يحمله هو الشهادة الثانوية التي مكّنته من أن يمسك قلماً ويكتب به وعمل خلال السنوات العشر الأخيرة في الصحافة ولديه ما يزيد عن خمسمائة مادة صحفية في (القدس العربي، عربي 21 ، أورينت نت، مضمون جديد، البيان الإماراتية، الاتحاد برس، حنطة، صدى الشام.. الخ).

وحول فكرة كتابه (الاستعباد الخفي للمرأة السورية ريف حلب نموذجاً) أشار بلو لـ"زمان الوصل" إلى أنه لم يكن ينوي تأليف الكتاب، بل كتبّ بضعة مقالات تتعلق بظروف المرأة السورية التي كانت ومازالت تعانيها في ظل العيش تحت سلطة مجتمعية لا يمكن وصفها بالذكورية فحسب، بل هي سلطة مستبدة تتشابه إلى حد بعيد مع سلطة النظام السوري المستبد التي يمارس من خلالها استعباده للشعب وأشار المصدر إلى أنه قرر أن يجمع تلك المقالات والقصص الإنسانية في كتاب اختار له هذا العنوان لكون معظم ما ورد في الكتاب متعلقاً ببيئة ريف حلب التي عرفها جيداً وفهم تفاصيلها وعقد مجتمعها وقوانينه المجحفة بحق المرأة وبحق نفسه وأبنائه.

تحالف وتناقض ضد المرأة
ولفت بلو إلى أن كتابه ليس دراسة بحثية، إذ تحتاج الدراسة البحثية إلى متخصصين في هذا الشأن وجامعي بيانات وإحصائيات وما إلى ذلك، والأهم أنها تتطلب مؤمنين بحقوق المرأة وإنسانيتها ووجودها، غير مؤدلجين أو متحيزين لمنهج أو دين أو عادات-حسب قوله- وعبر محدثنا عن اعتقاده بأن المهتمين بهذا المجال قلة قليلة غالبا ما يحاولون الدوران حول الكرة دون تسديدها في المرمى كهدف واضح وصريح، ووجد-كما يقول- بأن المخزون الذي تحتويه ذاكرته من أحداث وحوادث وجرائم عرفها عن قرب وشهد كثيرا من تفاصيلها، لا بد أن يكتب عنه أحد.

ولفت مؤلف الكتاب إلى أنه اختار في كل نص مكتوب في كتابه أن يكون الأشخاص حقيقيين رغم عدم ذكر أسمائهم الصريحة، وكانت الأحداث الحقيقية التي كان شاهداً عليها هي الفضيحة التي يخشاها الجميع، وأردف أن ما ورد في الكتاب نعرفه كلنا وندرك همجيته كلنا، لكننا نريد أن نختفي وراء كذباتنا عن تكريم المرأة واحترامها، وزاد أن "الكتاب ينتقد مختلف السلوكيات التي كانت ومازالت تمارس بحق المرأة، حتى أنني انتقدت نفسي في إحدى المقالات واعترفت بانتهاكات مارستها أنا يوما ما" وناقش الكتاب تالياً تحالف السلطة الدينية والسلطة المجتمعية تارة وتناقضهما تارة أخرى، وكيف تسير الأمور بين السلطتين اللتين تتحدان في ظرف ما ثم تفترقان عند آخر، لكنهما لم تختلفا يوما في شأن المرأة، بل تعاونتا لاستكمال السور حولها ولشد الوثاق فوق عينيها.

الاعتراف بوجود أي مشكلة هو الخطوة الأولى لحلها
ونوّه بلو إلى أنه من خلال كتابه حاول أن يقدم المشكلة وأسبابها لكنه لم يقترح الحلول إلا في مواقع محددة قليلة، إذ أن معرفة الأسباب كافية لتجنب المشكلة لو توفرت إرادة لذلك، ويبقى طموحه الحالي-كما يقول- هو الوصول إلى مرحلة الاعتراف بوجودها، إذ أن الاعتراف بوجود أي مشكلة هو الخطوة الأولى لحلها، إذ يقول معظمنا بأن مجتمعنا الريفي وخاصة في ريف حلب معظمه مجتمع مسلم والإسلام كرم المرأة، ربما الإسلام فعل ذلك، لكن المؤكد بأن مسلمينا لا يفعلونه بالمطلق.

وأعرب مؤلف الكتاب عن أمله بأن يكون كتابه مقدمة لما يليه من تفاصيل أوسع حول كل قضية مطروحة، وربما محاولة البحث عن حلول وجمع آراء من مختصين وتابع أن مضمون الكتاب قد يلقى رفضاً من الكثيرين لكن الأمل لديه يبقى كبيراً فلربما يحرك الكتاب شيئاً أو يستفز فكرة أو يشجع على البحث عن حلول.

ولدى بلو كتابان سابقان وهما مجموعتان شعريتان (رحيق الغمام 2010 - سارين 2019).

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(171)    هل أعجبتك المقالة (164)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي