أصدرت "هيومن رايتس ووتش" و"البرنامج السوري للتطوير القانوني" تقريرا حول عمل وكالات الأمم المتحدة في سوريا، توصل إلى أن عدم وجود ضمانات كافية في ممارسات الشراء المتبعة من قبل هذه الوكالات التي تقدم المساعدة في سوريا أدى إلى مخاطر جسيمة تتمثل في تمويل الكيانات المنتهكة.
كما يتضمن أداة تقييم لمساعدة الوكالات الأممية على تحديد الموردين السوريين المعرضين لخطر المشاركة في انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بالنزاع.
قالت سارة الكيالي، باحثة أولى في شؤون سوريا في هيومن رايتس ووتش: "ارتكبت الحكومة السورية فظائع بحق شعبها، بما في ذلك التعذيب الجماعي والهجمات بالأسلحة الكيمائية والعنف الجنسي. رغم هذا السجل المرعب، لم تبذل وكالات الأمم المتحدة في كثير من الأحيان العناية الواجبة بحقوق الإنسان لضمان أن الطريقة التي يحصلون بها على الإمدادات والخدمات محليا لا تعزز انتهاكات حقوق الإنسان والفساد".
وأكد التقرير أن الحكومة السورية ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي – من الاحتجاز التعسفي والتعذيب إلى مصادرة الممتلكات والضربات الجوية العشوائية واستخدام الأسلحة المحظورة.
وقالت المنظمتان إن على الوكالات الإنسانية أن تتجنب كليا المساهمة في مثل هذه الانتهاكات أو تسهيلها. عليها أيضا الالتزام بالمبدأ الإنساني المتمثل في عدم إلحاق الضرر، والتزاماتها الحالية بحقوق الإنسان، وتجنب مخاطر الإضرار بالسمعة المرتبطة بتسهيل انتهاكات حقوق الإنسان.
ووجد التقرير أن الوكالات الأممية العاملة في سوريا لا تقوم في كثير من الأحيان بإجراء تقييم لمخاطر حقوق الإنسان خاص ببلد العمل. لم تتضمن وثائق العطاءات والمشتريات التي راجعها الباحثون المعايير الحقوقية التي يُتوقع من الموردين الالتزام بها. يبدو أيضا أن مسؤولي المشتريات نادرا ما يبحثون فعلا عن معايير عدم الأهلية المتعلقة بحقوق الإنسان، بل يعتمدون بشكل كبير على الإبلاغ الذاتي من قبل الموردين المحتملين أو قوائم عقوبات الأمم المتحدة.
وتضم قوائم العقوبات هذه فقط "تنظيم القاعدة" والجماعات التابعة له و"تنظيم الدولة"، لكنها لا تشمل منتهكي الحقوق الآخرين، بمن فيهم المنتمون إلى الحكومة السورية والميليشيات التابعة لها. نتيجة لذلك، تعاقدت الأمم المتحدة مع كيانات فُرضت عليها عقوبات من قبل الولايات المتحدة أو "الاتحاد الأوروبي" لتورطها في انتهاكات حقوقية وقمع السكان المدنيين.
ويشتمل الدليل على أمثلة عن عمليات شراء مباشرة من جهات منتهِكة، بالإضافة إلى أمثلة يتطلب فيها إجراء مزيد من تدقيق الأمم المتحدة للشركاء الثانويين.
في أحد الأمثلة، بين 2015 و2020، منحت وكالات الأمم المتحدة "شركة شروق للحماية والحراسات" عقود خدمات أمنية تزيد قيمتها عن أربعة ملايين دولار. بحسب ما ورد، فإن لهذه الشركة الأمنية الخاصة صلات بماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، والفرقة الرابعة للجيش السوري سيئة السمعة، والتي شاركت في أعمال أدت إلى قتل آلاف المتظاهرين خارج نطاق القضاء والاعتقال التعسفي لعشرات آلاف الأشخاص في جميع أنحاء البلاد.
وارتُكبت هذه الانتهاكات كجزء من هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين، وبالتالي فهي تشكل جرائم ضد الإنسانية. يضم طاقم الشركة أعضاء متقاعدين وسابقين من عدة ميليشيات، ويقال إن قيادتها تتألف من أعضاء سابقين في الجيش السوري وأجهزة المخابرات، بما في ذلك القوات الجوية والمخابرات العامة.
في مثال آخر، في 2019، وفقا لصور متاحة علنا، ورد أن "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" تعاقد مع "فيلق المدافعين عن حلب"، وهو ميليشيا أصبحت مزود للخدمات في حلب، لدعم إصلاح أنابيب إمدادات المياه وإزالة الأنقاض في حي بمدينة حلب. المجموعة، التي أعلنت التعاون بنفسها، تشكلت من مجموعات مليشيات شاركت في التهجير القسري للسكان في حلب.
وقالت المنظمتان إنه من خلال إتاحة الموارد المالية لمورّد مشارك أو معرض لخطر المشاركة في انتهاكات حقوق الإنسان، تخاطر الوكالات الأممية بالمشاركة في الانتهاكات. الأمم المتحدة ملزمة بموجب القانون الدولي بواجب احترام حقوق الإنسان. ينص دليل المشتريات للأمم المتحدة على أن "الأمم المتحدة ملتزمة بممارسة الأعمال التجارية فقط مع الموردين الذين يشاركونها قيم احترام حقوق الإنسان الأساسية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية واحترام الحقوق المتساوية للرجال والنساء".
وبموجب "معايير ومبادئ المساعدة في سوريا"، أكدت الأمم المتحدة أيضا أنه "يجب تطبيق معايير صارمة للعناية الواجبة، مستمدة من مبادئ سياسة العناية الواجبة بحقوق الإنسان. وتطبق الأمم المتحدة مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية للأعمال التجارية وحقوق الإنسان في جميع مجالات عملها في سوريا ".
زمان الوصل - رصد
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية