أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

معارض سوري يسرد تفاصيل اعتقاله في الفرع 148 قبل 22 عاماً

الصوفي

استعاد المعارض السوري "زياد الصوفي" جوانب من تجربة اعتقاله قبل 22 عاما في الفرع (148 كفر سوسة) بدمشق، وهي التجربة التي لا تغيب عن ذاكرته إلى الآن إذ لا يمر عليه أسبوع إلا ويستيقظ ليلاً مرتعباً والعرق يرشح من كل جسده.

وتم زج "الصوفي" في الزنزانة رقم 10 بسجن فرع التحقيق العسكري واعتاد -كما يروي في منشور على صفحته في فيسبوك- على فتح باب الزنزانة ومناداة السجان له "زياد الصوفي، تعا عالتحقيق..!!" مضيفاً أن آثار الطماشة الكاوتشوك السودا لازالت ظاهرة على وجهه وندب الكلشة لا زالت محفورة وكذلك الوشم على إبهام يده اليسرى حتى لا ينسى أين كان في يوم من الأيام.

بعد استدعائه يقوم السجان باقتياده من قبو الفرع صعوداً باتجاه مكتب العقيد "محمود الحسين"، الذي لم يكن يعرف شكله ولا يعرف عنّه شيئاً إلا رائحة كولونيا الـ"Bien Etre"، التي كان يضعها، ويمضي المعتقل السابق قائلاً أن رائحة العطر المذكور لا تلبث أن تقترب منه وكذلك لهاث أنفاس المحقق النتنة على وجهه.

وأضاف "الصوفي" سارداً تفاصيل رحلة التحقيق معه فالعقيد المذكور اعتاد على عدم التفوه بأي كلمة، ولكنه كان-الصوفي- يحس برطوبة بصاقه على وجهه الذي كان ينثره بتكتيك أولاد الشوارع وعندها طلب العقيد من السجان أخذه إلى المنفردة بعد وصفه بأوصاف بذيئة اعتاد الجلادون عليها صارخاً في وجه السجان "لا حدا يذكرني فيه".


بعد رحلة العودة من جحيم مكتب العقيد إلى نار قبو الفرع، تم نزع الطمّاشة الكاوتشوك عن وجه "الصوفي"، ودخل في ممر قصير يحوي خمس انفراديات على جانبي الممر، وحينها قام السجان بشد الكلبشة على يديه وقال له كما يروي "والله يا حيوان لحتّى عضامك يتخّو هون، فوت انقبر!!"

ويسترسل "الصوفي" المتحدر من مدينة اللاذقية واصفاً الانفرادية التي وضع فيها فهي بالكاد تسمح للسجين بالوقوف دون أن يحني ظهره، ولا يمكن التمدد فيها لصغر مساحتها مع جورة صغيرة نتنة عند الباب للتبوّل والتغوّط، وفي كل مكان من الزنزانة كان هناك صراصير باستقباله –حسب قوله- وهم أكثر حرية من زوار الانفرادية وكان ثمة فتحة صغيرة –كمايقول- أسفل الباب لوضع ما يٌسمى بالأكل وعلى أحد جدران الزنزانة المتشحة بالسواد حفر أحد زوار الزنزانة قبله هذه العبارة "كان الله بعون اللي جاية بعدي..!!"

ويتابع المعتقل السابق أن السجان رمى له بطانية تفوح منها رائحة العطونة ولا تزال رائحتها كما يقول عالقة في أنفه واستخدمها للجلوس عليها، وليس التغطية.

مر وقت طويل و"الصوفي" مسنود على حائط الغرفة لم يفتح عينيه إلا على صوت صبية تغنّي وحينها وقف على الباب ليعرف من فتحة التهوية مصدر الصوت، فاكتشف أن زنزانة النساء قريبة منه واعتادت إحداهن على الغناء من زنزانتها "يا عبدو جبلي كعك..!!"ويمضي "الصوفي" قائلاً أن 26 يوماً كاملة مضت عليه في الانفرادية لم يعرف فيها الماء ليستحم ولم يُفتح عليه الباب ليتكلم مع أحد خلالها حتى شقيقه لم يسمح له بزيارته فترة إقامته بالمنفردة.

خلال فترة مكوثه في المنفردة حاول "الصوفي" البحث عن أي شيء يقتل فيه الوقت ووصل إلى إحساس أنه سيمضي كل وقته داخل هذه الزنزانة وذات يوم فتح الباب وجاء السجان ذاته ليقول له: (يللا قوم يا حيوان حاجتك.)

وقام بسحبه من يده وهو يشتمه ويلعن الرائحة التي تنبعث منه ليعيده إلى أحضان الزنزانة 10 ذاتها ين نزلاء كانوا بدورهم يهربون من رائحته.

وختم: "أتذكّر اليوم هذه الحادثة بعد 22 عاماً و أنا أقول لنفسي: الفرق الوحيد اللي لاحظتو بنفسي بين السجن الصغير في الفرع، والسجن الكبير في سوريا، كان ريحتي فقط".

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(578)    هل أعجبتك المقالة (290)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي