أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مشروع فني لنحاتة سورية يحاكي قصص المعتقلين في سجون النظام

النحاتة السورية "ميريام سلامة" - Damon Amb

اختارت النحاتة السورية "ميريام سلامة" موضوع المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام عنواناً لمشروع تخرجها من كلية الفنون الجميلة في جامعة "ملبورن" باوستراليا، وأهدت معروضات المشروع التي ضمها معرض جماعي لـ 170 طالباً وطالباً إلى روح الفنان الشهيد "وائل قسطون" ابن بلدتها الذي كان له دور في صقل موهبتها والأخذ بيدها قبل أن يغيب ويُستشهد تحت التعذيب في سجون النظام أواخر تموز يوليو/2012. 

وتنحدر الفنانة "ميريام" من قرية "مرمريتا" بريف حمص الغربي، درست الفنون التشكيلية في مركز "صبحي شعيب" في حمص والترجمة الفورية في جامعة البعث وتدربت لمدة 8 سنوات على النحت في محترف الفنان التشكيلي "وائل قسطون".

وعند اندلاع الثورة السورية في عام 2011 شاركت مع أصدقائها في تأسيس مجلة أطلقوا عليها اسم (العدالة) بشكل سري لتوثيق انتهاكات الأسد في مدينة حمص، وبسبب نشاطها السلمي هذا أجبرت على مغادرة وطنها بعد أن تم تهديدها من قبل مخابرات النظام بالاعتقال والاغتصاب فهربت خفية عام 2012 إلى لبنان ومنه إلى استراليا. 

وروت ميريام لـ"زمان الوصل" أنها سجلت في جامعة "ملبورن" وتخرجت من كلية الفنون في فيكتوريا (Victorian College of the Arts)، وآثرت في مشروع تخرجها العودة إلى الصلصال بعد قطيعة امتدت لسنوات فعل ظروف الحرب واللجوء -كما تقول- مضيفة أنها قامت باسترجاع ما تعلمته على يد الفنان الراحل "وائل قسطون"، ولذلك اختارت أن يكون مشروع التخرج تكريماً له ولجميع المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب. 


ولفتت الفنانة الشابة إلى أنها أطلقت على مشروعها اسم "الداخل مفقود والخارج مولود" وهي عبارة يستخدمها السوريون في وصف الرعب والتعذيب الذي يتعرض له المعتقلون في السجون السورية منذ سنوات، واستخدمت في منحوتات المشروع الصلصال الخام، معتمدة من خلال إنشاء كل  بورتريه على صور "قيصر"، وهي 55 صورة اختارتها بدقة.

وأشارت الفنانة الشابة إلى أن الصلصال مادة معرضة للعطب والتشقق مع مرور الوقت، وهي حالة تشبه كثيراً حيوات المعتقلين داخل السجون حيث يدخلون بصحة جيدة ويتعرضون للتعذيب الوحشي إلى أن يتلاشوا وتنتهي حياتهم في أماكن مظلمة لا تدخلها الشمس.

وكشفت الفنانة القادمة من ريف حمص الغربي أنها أنجزت 21 منحوتة كمرجعية لـ 55 ألف صورة التي سربها "قيصر" منذ سنوات، ونوهت محدثنا إلى أنها تقصدت تصميم حوامل اللوحات بطريقة فنية موظفة حيث اعتمدت في إنشاء كل بورتريه على الصورة والدلالات الرمزية التي يحملها. ولجأت -كما تقول- إلى طلي قوائم الحوامل باللون الأزرق في إشارة إلى الزي الذي اعتاد "قيصر" ارتداءه لتمويه هويته في لقاءاته مع الجهات القانونية والقضائية العالمية، وتقصدت كذلك أن تجعل هذه الحوامل صدأة ومختلفة الأشكال على شكل نواصب كاميرا في إشارة إلى عمل "قيصر" وإضافة إلى ذلك عمدت –كما تقول- إلى تغيير ألوان الصلصال لتعطي خلفية لكل معتقل وتباينت تعابير البورتريات بين عمل وآخر تبعاً للشخصيات التي تم تجسيدها وجهدت -كما تقول- في أن لا يكون المعتقلون مجرد أرقام كما اعتاد النظام على ترقيمهم وكما ارتبطت بمخيلة الناس، ومن هنا حاولت تمييز كل بورتريه بالرغم من وضعها لأرقام أيضاً.


ولفتت ميريام إلى أن مشروعها حظي بحفاوة واهتمام داخل الجامعة من قبل الدكاترة والطلاب، وحصل على جائزة "فيونا ماير"، وفوجئت بتفاعل رواد المعرض من الاستراليين، فهنا لا يعرفون الكثير عما يجري في سوريا ويعتمدون على ما يروجه إعلام النظام والإعلام العالمي عامة.

 ونوّهت "ميريام" إلى أن النقطة التي أرادت طرحها من خلال مشروعها الفني هذا هي تفحص علاقتنا في مواجهة ومعالجة الوقت من خلال التفاعل، وفحص علاقتنا بمواجهة الأحداث المتكررة عبر الزمن ومعالجة الصور التي تنتجها هذه الأحداث، والتساؤل عن الأدوار التي نؤديها في معالجة المعلومات والأخبار والقضايا الإنسانية.

وتعيش "ميريام سلامة" مع عائلتها في مدينة (ملبورن) عاصمة ولاية "فيكتوريا" الأسترالية منذ عام 2013، وتعمل في مجالات الرسم والنحت والفيديو وفن الأداء والتصوير.

وتستمد ممارستها من تجربتها كفنانة مهاجرة، تسعى للمواءمة بين تعليمها الفني التقليدي والممارسات الثقافية المعاصرة، ومعالجة قضايا الهوية والنزوح والصراع والذاكرة.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(242)    هل أعجبتك المقالة (114)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي