قبل ساعات معدودة، وقعت أهم قناة إخبارية بعموم المنطقة في خطأ فادح، حين ادعت أن " 91.5% من جرائم العنف بين الأزواج والأزواج السابقين المبلغ عنها لدى الدوائر الأمنية في ألمانيا عام 2020 تنسب إلى سوريين".
فقد نشرت قناة "الجزيرة" على صفحتها الرسمية الخاصة بسوريا، خبرا قالت إنها استقته من المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة في ألمانيا، موردة فيه هذه النسبة "المرعبة" بخصوص السوريين وما يمثلونه من جرائم العنف الزوجي، لدرجة أن قارئ الخبر يكاد يجزم أن لا عنف زوجياً في كل ألمانيا سوى من فعل السوريين، حيث لم يبق خبر "الجزيرة" لغير السوريين، سواء من ألمان أو أجانب (وهم يعدون بعشرات الملايين) سوى نسبة 8.5% فقط!
وتبين من مراجعة تقرير المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة، أن "الجزيرة" وقعت في مطب كبير ومررت معلومة مغلوطة لقرائها، الذين اعتادوا منها المصداقية والتحري.
فبالعودة إلى التقرير المكون من 60 صفحة، تبين أن السوريين مقارنة ببقية الأجانب الموجودين في البلاد (وليس مقارنة بإجمالي الحالات الخاصة بالألمان وغير الألمان)، جاءوا في المرتبة الأولى بارتكاب أعمال العنف الزوجي، وبنسبة 28.8%، وهي نسبة تقارب ضعفي ما اقترفه الأفغان في ألمانيا (14.2%)، والذين أتوا مباشرة بعد السوريين.
وحل العراقيون خلف الأفغان، تلاهم النيجريون ثم الإيرانيون، فالصوماليون ثم الصرب.

رجعت "زمان الوصل" إلى النسخة الأصلية لتقرير "مكتب مكافحة الجريمة" الألماني، فوجدت أن اللبس الذي وقعت فيه "الجزيرة" ناجم عن سوء فهم لفقرة وردت في الصفحة 23، تتحدث عن التوزيع "الجندري" لمرتكبي جرائم العنف الزوجي، أي تقسيم المرتكبين حسب جنسهم (ذكور، إناث)، وتوقل هذه الفقرة إن الذكور السوريين من المتورطين في العنف الزوجي يمثلون نسبة 91.5% من إجمالي الأعمال المرتكبة في هذا المجال والمسجلة باسم سوريين.
وبمعنى آخر، فإن هناك 8.5 % من جرائم العنف الزوجي مقيدة ضد سوريات، ارتكبنها بحق أزواجهن.
اللافت أن الذكور الأتراك يماثلون الذكور السوريين في النسبة، فالذكور الأتراك أيضا يستحوذون على نسبة 91.5 % من إجمالي الحالات المسجلة ضد الأتراك عموما (رجالا ونساء).
إذن، فمصدر النسبة 91.5% التي أرعبت من قرأها "في الجزيرة" بات واضحا، ولمزيد من الإيضاح فإن الصفحة التالية (24) تدرج جدولا بمرتكبي أعمال العنف الزوجي من الأجانب، موزعين حسب جنسياتهم، وقد أوردنا آنفا أن السوريين يتصدرون هذه القائمة بنسبة 28.8% (ألف و667 حالة)، يليهم الأفغان فالعراقيون.
وعلى وجه الإجمال، فقد وردت كلمة "السوريون" في تقرير المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة في 11 موضعا، اختارت "زمان الوصل" استعراض بعضها لكم.
-من إجمالي الذكور (غير الألمان) الذي تعرضوا لعنف الشريك الحميم ( وعددهم 7454 ضحية) ، هيمن المواطنون الأتراك بنسبة 11.9٪ (1125) ، تلاهم البولنديون بنسبة 8.6٪ (640)، ثم السوريون بنسبة 7.0٪ (520 حالة).
-من إجمالي عدد الحالات المسجلة (122 ألفا و537 حالة)، يتصدر الألمان بنسبة 65.8% (80 ألفا و667 حالة)، أما السوريون المشتبه بهم فهم يمثلون نسبة 2,8 % وبعدد 3 آلاف و466 حالة.
*عند أخذ الرقم الإجمالي لجرائم ومحاولات العنف الزوجي المسجلة بألمانيا عام 2020، فإن نسبة السوريون تشكل 2.8 من إجمالي جميع الحالات المسجلة ضد ألمان وغير ألمان.
*عند استثناء الألمان، والحديث فقط عن الأجانب، فإن السوريين يتصدرون قائمي مرتكبي العنف الزوجي بنسبة تقارب 29%، ويتقدمون على من خلفهم مباشرة (الأفغان) بنسبة تضاهي الضعف.
*عند الحديث عن "جنس" ضحايا العنف الزوجي بين حملة الجنسية السورية في ألمانيا، سنكتشف أن هناك –وخلافا للسائد ذهنيا- ضحايا من الذكور السوريين عُنفوا من قبل زوجاتهم، لا بل أن السوريين من ضحايا عنف الزوجات جاءوا في المرتبة الثالثة بعد الأتراك والبولنديين.
*من بين ما يقارب 3 آلاف و460 حالة تخص السوريين، فإن الذكور شكلوا الغالبية الساحقة من المتورطين بأعمال العنف الزوجي، إذ إن نسبة المعتدين الذكور تبلغ 91.5% بالمئة، مقابل 8.5 بالمئة من مرتكبات العنف الزوجي من السوريات.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية