آلت الدكتورة السورية "خولة حسن الحديد" على نفسها الاهتمام بفئة الأطفال منذ تخرجها من قسم علم النفس في جامعة دمشق باعتبارهم الحلقة الأضعف في المجتمع.
ومع بداية الحرب في سوريا تضاعف اهتمامها بهذا المجال فاتجهت لتأسيس منظمة أطلقت عليها اسم "نداء" للعمل على حماية هذه الشريحة من الاعتداء الجنسي والتحرش، بعد معايشتها لعدد كبير من الحالات، ومن خلال الاستشارات التي بدأت تردها ومن خلال تحوّل هذا الأمر إلى ظاهرة في مجتمعنا.
وروت "الحديد" لـ"زمان الوصل" أن فكرة تأسيس المنظمة كانت من خلال إطلاقها "أونلاين" عبر موقع إلكتروني يتم ترخيصه من إحدى مدن الإعلام في الأسواق الحرة والتي تتبع قوانينها لقانون منظمة التجارة العالمية، وليس دولة بعينها، كمؤسسة أهلية متخصصة بالتوعية، لتلافي صعوبات تأسيسها واقعياً.
وأضافت أن هذا الاختيار جاء ليتسنى للمنظمة الانتشار والعمل في كل الساحات العربية، وأماكن تواجد العرب في المهاجر، موضحة أنها قامت شخصياً بتأمين كل ما يلزم لهذا المشروع خلال عدة شهور، حتى إطلاق الموقع الإلكتروني في يوليو الماضي، ومن ثم الإعلان عن المؤسسة ودعوة الناس للانتساب لها وفق النظام الداخلي المنشور.
واعتمدت مؤسسة "نداء" لوغو يحمل صورة طائرة ورقية تطير في فضاء أبيض مفتوح، وذلك لرمزية الطائرة الورقية، بتعدد ألوانها، وطيرانها، ولكونها لعبة مشتركة بين البالغين والأطفال، ويصنعها الكبار ليلعب بها الصغار، وما يُمثل ذلك من أفق جميل يجمع عالم الكبار مع عالم الأطفال، وما تشير إليه تعددية اللون إلى قبول التنوع والتعدد والاختلاف، معتمدة شعار "سلوغن" (من أجل بيئة آمنة لأطفالنا).
وحول مهام "نداء" أشارت الدكتورة "خولة" إلى أن هذه المؤسسة باعتبارها أهلية، مجتمعية، تعمل على حماية الأطفال من التحرش والاعتداء الجنسي بكل أشكاله، وفقاً لعدة مداخل: الوقائي، الإرشادي، العلاجي، القانوني، في البلاد العربية، وأماكن تواجد المواطن العربي في المهاجر، ولا يخفى على أحد اليوم أن الهدف التوعوي وغيره من أهداف أصبح من الممكن تحقيقه عبر شبكة الإنترنت، حيث عززت أزمة "كورونا" هذا العمل وأثبتت إمكانية نجاحه.
ولفتت "الحديد" إلى أن أهمية هذا المشروع تبرز في أنه يعمل على جانب مسكوت عنه في مجتمعنا، بسبب خوف الناس من الفضيحة، وثقافة العار، وبحيث إنه بات هناك الكثير من الجهات العاملة على حقوق الطفل وحمايته، ولكن غالبيتها لا تركز على قضايا الاستغلال الجنسي للأطفال، والذي بات ظاهرة مخيفة في مجتمعنا، وخاصة في البلاد التي تعرضت للحروب والاضطرابات والنزعات كسوريا وليبيا واليمن والعراق، حيث يوجد عدد كبير من الأطفال الأيتام، أو حتى البلاد التي يوجد فيها ظاهرة أطفال الشوارع كـ"مصر" مثلاً.
ونوّهت صاحبة المشروع إلى أن مؤسستها تقوم بأعمال خدمية، إرشادية وعلاجية، ودورات تدريبية وورش عمل، مأجورة، تمول من خلالها الخدمات المجانية التي تقدمها في القطاعات ذاتها لغير القادرين على دفع مستحقات مالية مقابل الخدمات المقدّمة لهم، في حين يحصل المختصون من الأعضاء على أجر مقابل عملهم كلّما تسنى ذلك.
وتضم المؤسسة قاعدة بيانات محددة، تشمل أسماء الأطباء والأخصائيين النفسيين، والقانونيين، والمؤسسات الإعلامية، والذين سيتم التعامل معهم خلال تقديم خدماتها، والقيام بنشاطاتها.
ولا يقتصر عمل المؤسسة على منصات التواصل الاجتماعي ومحاضرات الأون لاين، بل هناك جزء من عملها على أرض الواقع فمن المقرر أن تبدأ حملة توعية للأسرة والمجتمع حول قضايا التحرش والاعتداء الجنسي على الأطفال باسم (حماية الطفل من الاعتداء تبدأ من الأسرة) بمدينة "عفرين" في الفترة من 21 تشرين الثاني نوفمبر الجاري وحتى 20 كانون الثاني يناير/ 2022 وورشة عمل بعنوان: (كيف أحمي طفلي من التحرش والاعتداء الجنسي)، في مدينة "عفرين" بالشمال السوري، وورشة عمل أخرى بعنوان (توعية الأطفال ضد التحرش والاعتداء الجنسي): الفئة المستهدفة: الأطفال من عمر 4 إلى 9 سنوات، أونلاين، وفي مدينة "عفرين"، الشمال السوري.
كما أطلقت المؤسسة شخصيات أطفال كرتونية ولد وبنت "شمس" و"نجم" ليكونا من الشخصيات الأساسية في كل حملات التوعية، بالصور والفيديوهات الموجّهة للأطفال والأسرة ونشر فيديوهات توعية للأطفال والأسرة، أبطالها الشخصيتان المذكورتان أعلاه وفيديوهات أخرى بمحتوى تثقيفي بأكثر من صيغة.
وعبرت د. "خولة" عن أملها في أن تتمكن مؤسستها من العمل قريباً في مصر واليمن عبر بعض الأصدقاء المصريين اليمنيين وبالتعاون مع بعض الجهات.
وأن يتوسع عملها أكثر ليشمل كل الساحات العربية وأماكن وجود العرب، كما تسعى المؤسسة من خلال أعضائها الموجودين في أوروبا وإلى ترخيصها هناك وخاصة البلدان التي فيها تواجد للعرب كفرنسا وألمانيا، كما تطمح إلى إنشاء دار رعاية خاصة بالأيتام الذين يتعرضون للاعتداء الجنسي في الشمال السوري أولاً، نظراً للحاجة الكبيرة والماسة لمثل هذا المشروع وتأسيس دور بديلة مثلها في كل بلادنا العرب بالتعاون مع جهات دولية وإقليمية ومواصلة حملات التوعية التي تترك أثر في الأسرة والمدارس وكوادرها من جهاز إداري ومعلمين، لأن حماية الطفل من الاعتداء تبدأ بهذه المؤسسات.
ولا يتوقف طموح المؤسسة عند هذا الحد -حسب د. "خولة"- بل هناك رغبة في بناء قاعدة بيانات إحصائية مهمة، ومعلومات مفيدة، نزود بها جهات الرعاية الدولية، لتأخذ بعين الاعتبار حاجة بلادنا إلى المساندة في هذا الأمر، مشيرة إلى أن الشمال السوري يفتقر إلى مؤسسة تعمل بهذا المجال لأنهم اعتبروه"خارج السياق السوري" وهذا أـمر غريب، إضافة لنشر بحوث ودراسات ذات قيمة، ومواد توعوية من قصص وأفلام نقوم نحن بإعدادها، ونجعلها متاحة مجاناً أو بأسعار رمزية للجميع.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية