أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الشاعر السوري الذي غمطوه.. رحيل "عملاق" نشيد الأطفال عن عمر 104 أعوام

شيخ الأرض

إذا كنت في الخمسينات من عمرك، أكبر أو أصغر قليلا، ولكنك ما تزال تردد تلك الأنشودة بكل حماس وكأنك ما زلت طفلا متسمرا أمام الشاشة، فإن هذا الخبر سيعني لك الكثير والكثير جدا، حيث سيعرفك على الرجل الذي حفرت كلماته بذهنك عقودا، رغم أنك لم تكن تدري على الأغلب من هو.

فخلال الساعات الأخيرة، نعى أفراد من عائلة "شيخ الأرض" الدمشقية المعروفة، كبيرهم "موفق" الذي عاش قرابة 104 أعوام، غُمطت خلالها كثير من حقوقه الأدبية والمادية، بوصفه شاعرا مميزا، ترك بصمته في أكثر من مجال، لاسيما المسلسل الكرتوني "غرندايزر" الذي كتب كلمات شارته الحماسية، لترن في أذهان الأطفال وحتى الكبار عقودا وعقودا.

ورغم ما أحدثته كلمات ذلك النشيد من "ضجيج" فقد عاش صاحبها ورحل بصمت وهدوء شبه مطبيقن، وربما مع كثير من المرارة لتغييب اسمه وذكره، وعدم منحه الحقوق الأدبية أو المادية المتعارف عليها، بخصوص أي شخص يشارك في عمل فني أو إبداعي.

رحل إذن الشاعر "موفق شيخ الأرض" دون أن يعلم برحيله كثيرون، بعد أن عاش كما قال بعضهم حياة طويلة وكأنه يحاكي "البطل الخارق" الذي كتب له أجمل أناشيده، فدعاه لمكافحة الشر وتحطيم المكر، مبشرا بأن في الأرض خيرا يزهو، وحباً يسمو.

مات "شيخ الأرض" في صمت، إلى درجة أن الممثل اللبناني "جهاد الأطرش" الذي شارك في أداء أهم الأدوار في "غرندايزر" لم يسمع بخبر وفاته إلا بعد مرور يومين، ما يشي بزهد الراحل في الأضواء والشهرة.

"شيخ الأرض" الذي كتب إلى جانب شارة "غرندايزر"، كلمات أغاني لعدد من  المطربين المعروفين، في مقدمتهم "وديع الصافي".. "شيخ الأرض" ظهر قبل سنوات قليلة في لقاء مصور نادر قال فيه إن ما يحز في نفسه أن جمعية المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقا في باريس ولبنان لم تعطه "قرشا واحدا" من حقه في قصيدة "غرندايزر" التي كتبها عام 1975، لا بل إن مغني الشارة "سامي كلارك" تجاهل ذكر "شيخ الأرض" في لقاءاته، رغم أن كلمات النشيد الذي كتبه هذا الشاعر الدمشقي ساهمت في إبراز قوة صوت "كلارك" وإظهار جدارته.

لقد عاش شاعر الطفولة والبطولة عمرا مديدا وحافلا بالإبداع، رغم من حاولوا تغييب اسمه وهضم حقه.. قال خلال هذا العمر كلماته بشفافية وبساطة لامست شغاف براءة ملايين الأطفال فاستقرت في وجدانهم حتى بعد أن غدا هؤلاء الأطفال آباء وأجدادا.

ولسبب لا نعلمه، فإن "شيخ الأرض" عاش سنوات طويلة من عمره في لبنان، ودفن فيها ليرقد بجوار "شهداء فلسطين" في المقبرة الخاصة بهم، فيما لا يزال صدى نشيده الأشهر يتردد، ومعه جملته التي قالها قبل سنوات قليلة "يا مرحبا بالموت يأتيني، إن كانت العلياء لي سببا".

زمان الوصل
(313)    هل أعجبتك المقالة (305)

دمشقي حر

2021-10-23

اللهم ارحمه واغفر له واجعل مثواه الجنة.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي