أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لأول مرة في ألمانيا.. المؤبد لجهادي عائد من سوريا

أرشيف

طالب المدعي العام "بيرند ماينرز" بالسجن المؤبد وتحديد "جسامة الذنب" في قضية إرهابي تنظيم "الدولة" (نيلز دوناث -31 عاماً)، وقال الأول في مرافعته إنها "قضية جنائية ذات أهمية بارزة"، حسب ما جاء في تقرير لصحيفة (بيلد) الألمانية.

التقرير الذي ترجمت "زمان الوصل" أهم تفاصيله قال إن "دوناث" شارك في عمليات التعذيب والقتل المنهجية الفظيعة لمدنيين سوريين، وكانت أفعاله تذكرنا بـ(SS) منظمة القتل النازية الألمانية في الحرب العالمية الثانية.

ويضيف التقرير أن "دوناث" انتمى إلى "لواء Lohberger" سيئ السمعة، وهي عصابة من الأصدقاء "الإسلاميين" من مدينة (Dinslaken-Lohberg) وهي مدينة صغيرة تقع في الشمال الغربي لمنطقة "الرور"، وعندما انتقلوا إلى سوريا في عام 2013، تبعهم "دوناث" إلى منطقة الحرب، حيث صار عضوًا في "فرقة اقتحام" تابعة لتنظيم "الدولة" أرهبت السكان المحليين وأخذت الناس للتعذيب في السجون بسبب معارضتهم "الحكم الإسلامي". كان "دوناث" قال في وقت لاحق أثناء استجوابه إنه كان وأعضاء وحدته يعتقلون رجالا سوريين بانتظام، وكان يرى زوجاتهم وأطفالهم ينهارون وهم يبكون، ولكنه يدعى أنه لم يدخل السجن بنفسه.

الآن يجلس (دوناث) مرتديًا قميصًا جديدًا وقصة شعر قصيرة للمرة الثانية أمام "مجلس شيوخ أمن الدولة" في محكمة (دوسلدورف الإقليمية العليا) ويستمع مرة أخرى إلى نداء من مكتب المدعي العام الفيدرالي.

* السادة الجدد
يتابع التقرير في عام 2016، حُكم عليه بالسجن لمدة 4 سنوات ونصف لانتمائه إلى منظمة إرهابية، لكن قبل يومين من إعلان الحكم في ذلك الوقت، حصلت صحيفة (BILD) على شاهد "سوري" (محمد-أ) تدين شهادته "دوناث" بشكل خطير واعتبر المدعي العام أن الشهادة ذات مصداقية، وتطابقت مع الانطباع العام لسلوك "دوناث" من خلال البحث الذي أجراه محققو مكافحة الإرهاب في "LKA" سابقًا.

تتحدث الصحيفة عن صورة لـ"دوناث" وهو يرتدي قناعاً، وأمامه رجل مقيد يرتدي سترة فوق رأسه. ويظهر في الصورة (دوناث) وهو يحمل مسدسًا في مؤخرة رأس الرجل، ووصفت المشهد بأنه "لحظة قبل جريمة قتل"، لكنها كانت "مجرد مزحة" كما زعم "دوناث" في ذلك الوقت، ولا يمكن إثبات عكس ذلك، حتى لو اشتبه المحققون في ذلك الوقت في أن "الألماني" لم يكن بأي حال من الأحوال مجرد متفرج غير مشارك في أعمال التنظيم.

في المحاكمة الثانية، التي استمرت لأكثر من عامين، اتهم الجهادي بارتكاب جرائم قتل  و"جرائم حرب".

ونقلت الصحيفة عن المدعي العام (ماينرز) في مداخلة أن "دوناث" كان يخُشى بين السجناء، من الواضح أنه أحب تلك القدرة على اللعب على حياة السجناء والقدرة على التحكم في مصائر أسراه في سوريا مابين الحياة والموت، في الصور من ذلك الوقت، كان "دوناث" يحمل تعابير الوجه الفخور لفائزٍ، "رجل ينتمي إلى السادة الجدد", الألماني الذي يسمي نفسه (أبو إبراهيم) في سوريا تمتع بقوته وبث الخوف والرعب بين الأسرى.

ويذكر التقرير أنه كان من المفترض الآن أن يتم الاستماع إلى ضحايا "دوناث" في محكمة ألمانية، لكن لم يُسمح لـ"لمحمد. أ" بمغادرة تركيا، وبدلاً من ذلك تم استجوابه عدة مرات من قبل محققين "أتراك" أرسلوا الاستجوابات إلى ألمانيا.

وتضيف الصحيفة "تمكن محققو مكافحة الإرهاب الألمان أخيرًا من تحديد مكان شهود آخرين في ألمانيا، كان (محمود. س) لا يزال قاصرًا عندما تم اختطافه في عام 2014 إلى السجن الذي يوجد فيه "دوناث" ورفاقه.

حيث استخدم حراس التنظيم الطريقة التي أطلقوا عليها اسم "بالانغو- الشبح" تقييد الذراعين خلف الظهر، تم سحب السجين من السقف، ثم يقوم  "بلطجية التنظيم" بضرب وركل العزل حتى ينالهم التعب.

 قال "محمد أ" في استجوابه: "لم يعد بإمكان السجناء المشي، ثم يلقون بهم  مرة أخرى في الزنزانة الممتلئة بالأسرى".

ويتابع "الشاهد" أن  أتباع التنظيم يجبرون الأسرى على حمل زملائهم المعتدى عليهم.

*إعدام وحشي
وبجسب ما أوردت الصحيفة  في تقريرها في 28 تموز يوليوز/2014، قام بلطجية من تنظيم "الدولة" بضرب سجينين تم جلبهما حديثًا، كان الشقيقان من أعضاء "الجيش السوري الحر"، الجماعة المسلحة التي حاربت نظام الأسد وتنظيم "الدولة"، وحين علا صراخ (حسن .ن) في وجه شقيقه بأنه "يلعن الجيش السوري الحر ودينهم"، لأنهم انتهى بهم الأمر في زنزانات تنظيم "الدولة" بسبب ذلك. سمع حراس التنظيم الشتائم وفسروها على أنها "كفر"، وبالتالي فإن (حسن .ن) "كافر" بالنسبة لهم، ولم يعد بشريًا.

قام حينها "دوناث" الضخم وجهاديون آخرون بضرب (حسن.ن) الذي تم تعليقه من السقف، واستمروا يعذبونه بشدة لدقائق بقبضات اليد والركلات والضربات بالعصا، من "الطبيعي" أن تموت بعد هذه المحنة، كما يقول (محمود .س) في المحكمة: "إنها القاعدة في سجن بمدينة شمال سوريا عام 2014، حيث يمكن للسادة الجدد الاختيار بين الحياة والموت في أي وقت".

يتابع التقرير، حين سئم الجلادون، قاموا برمي (حسن.ن) في المهجع الممتلئ، يقول "محمد. أ": "لم يستطع أكل أي شيء. ظل يتقيأ"، بعد وقت قصير، كان جسده باردًا، فأحضر حراس التنظيم حقيبتين تلف بهما الجثث إلى "محمد"، وطلبوا أن يقوم بلف جثة (حسن) قائلين، أما الثانية فهي لك، "لكن (محمد أ) نجا من التعذيب وأطلق سراحه بعد أسابيع قليلة.

وبحسب التقرير تمكن "محمود.س" أيضًا من الفرار إلى تركيا ثم إلى ألمانيا. حيث أخذ يحاول أن ينسى ما حدث، لكن بعد سنوات قليلة اتصل به زميله السجين السابق من تركيا. كان صديقه (محمد.أ) يخبره إن "أبو إبراهيم" يخضع للتحقيق في ألمانيا، وهو الجلاد الوحشي الذي ارتجفوا أمامه في السجن في ذلك الوقت.

تواصل الصحيفة موضحة أن "محمود. س" كان  لا يريد الشهادة في البداية، فهو لا يزال خائفًا. بينما أصر المحققون أن (محمود. س) الشاب السوري يجب أن يمثل أخيرًا أمام محكمة (دوسلدورف).كان "محمود" يلوم "محمد" على جعله يضطر لمقابلة جلادة "نيلز دوناث" مرة أخرى، فكما يقول "محمود": "إن ذكرى ما عانى منه ( حسن.ن) عادت له، وكيف تعرض للتعذيب حتى الموت".

وتشدد الصحيفة في تقريرها على أنه بالنسبة للمدعي العام (بيرند ماينرز)، فإن التناقضات الطفيفة في الأقوال التي ظهرت هي أيضًا دليل على أن الشاهدين لم يتفقا على تجريم معذبهما، وعندما سئل كلاهما عما إذا كانا شاهدا أي جرائم قتل أخرى على يد "دوناث" بأم عينيهما، نفى الشاهدان ذلك.

*ليست تجاوزات مختل عقليا
واعتبر المدعي العام في مرافعته جرائم تنظيم "الدولة" الذي قطع الرؤوس  وصلبها وأحرقت وأغرقت  في الآبار وسحل الجثث، لبث الخوف، بأنها "ليست تجاوزات من قبل مختل عقليًا فرديًا، بل نهج مستهدف".

وأضاف أن "الدولة" لم تستهدف منافسيها الإقليميين فحسب، "بل استهدفت من خلال فروعها في بلدان أخرى وهجمات إرهابية في الخارج، من حيث المبدأ، البشرية جمعاء".

ويختم التقرير بأن "دوناث" الذي مارس التعذيب كـ"عمل يومي" والذي كان "من خلال تصرفاته الحقيرة غير مبالٍ بمعاناة ضحاياه"، لم يُظهر أي ندم بعد عودته، وبدلاً من ذلك قلل من أهمية دوره في جهاز التنظيم أو أنكره، لذلك يجب أن يُحكم على "دوناث" بالسجن مدى الحياة بتهمة القتل و"جرائم الحرب"، ستكون هذه هي "المرة الأولى" التي يصدر فيها مثل هذا الحكم ضد ألماني عائد كان مقاتلا مع التنظيم.

ترجمة: حسن قدور - زمان الوصل
(113)    هل أعجبتك المقالة (83)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي