أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

كش ثورة... فؤاد حميرة*

أرشيف

كل الدلائل تشير إلى أن المجتمع الدولي بالتعاون مع بعض الدول الإقليمية قد أتم عملية الإجهاز على ما تبقى من الثورة السورية بعد أن جعلت هذه الدول من الشعب السوري درسا في عدم التمرد والثورة وبرهانا على أن الثورات في المنطقة مصيرها الموت مهما قدمت من تضحيات ومهما كانت الأثمان.

النظام العالمي ومعه دول المنطقة حولوا الشعب السوري وثورته إلى درس خصوصي لشعوبهم فكأنهم يقولون لشعوبهم بأن مصيركم سيكون مثل مصير الشعب السوري إن فكرتم في التمرد أو القيام بثورة ضد أية أوضاع وضد أية حكومة في المنطقة أو في العالم.

 لقد أشار الباحث "سلامة كيلة" إلى هذه الحقيقة في معظم كتاباته، وأكد على أن الجتمع الدولي لن ولم يدعم الثورة السورية، بل أدخلها في متاهات وطرقات متعرجة بعيدا عن أهدافها الأولى التي طالبت بالعدالة الاجتماعية والديمقراطية الحقيقية.

لقد خافت حكومات المنطقة ومعها الدول الغربية من انتصار الثورة السورية برونقها الحقيقي، هذا الخوف كان نابعا من تعلم شعوبها من الشعب السوري، لذلك عمل الجميع على وأد هذه الثورة وإفشالها، فكان لتلك الحكومات، ما أرادت أخيرا عبر إعادة تعويم النظام إقليميا ودوليا فكانت أولى الخطوات العلنية تمرير الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا وقبول الأردن بتلك الصفقة التي كان من نتائجها دخول جيش النظام إلى درعا البلد وريفها وإنهاء الثورة فيها عبر مصالحة مع النظام لم يكن أمام ثوار درعا من طريق آخر سوى عقد هذه المصالحة في ظل تخل محلي وعربي ودولي عن ثوار درعا بعد حصار دام أشهرا قدمت فيه درعا تضحيات كبيرة واستبسل ثوراها في رفض شروط النظام وإيران، ولكن في النهاية لم يكن في الإمكان أفضل مما كان فجاءت المصالحة القسرية مع النظام لتضع حدا لأهم مراكز الثورة وأكثرها نقاء.

تلى موضوع تصدير الغاز والكهرباء المصريتين إلى لبنان عبر سوريا عقد لقاء بين وزراء الطاقة في سوريا ومصر والأردن، ثم جاءت زيارة وزير الدفاع السوري العماد علي أيوب إلى عمان ولقاؤه مع رئيس هيئة أركان الجيش الأردني وبحثا أمن الحدود بين البلدين ومحاربة "الإرهاب"، إضافة إلى موصوع مكافحة تهريب المخدرات، وذلك وفقا لما ذكره الإعلاك الرسمي في البلدين.

وكان قد سبق للعاهل الأردني أن أشاد بالجيش الروسي خلال زيارته لموسكو في آب الماضي، وقال حينها إن (القوات الروسية التي ساعدت في عكس مسار الصراع السوري لصالح الرئيس السوري بشار الأسد ونجحت في تحقيق الاستقرار في البلاد).

الخطوة العلنية الأخرى كانت مفاجئة وهي مشاركة وزير خارجية النظام في اجتماعات الأمم المتحدة ونشاطه غير المسبوق في هذه الاجتماعات فعقد لقاءات مع وزراء خارجية عرب كان على رأسهم وزير الخارجية المصري السيد "سامج شكري"، كما ذكرت مصادر مطلعة أن وزير الخارجية السورية التقى نظيره السعودي سمو الأمير "فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود"، إضافة إلى لقاء مع وزير الخارجية التونسي وسياسيين عرب آخرين وأوروبيين وأفارقة وآسيويين، كل هذه اللقاءات تؤكد بأن هناك خطة دولية وعربية تهدف إلى إعادة تعويم النظام السوري بذريعة أن دول المنطقة تعبت من الوضع السوري (وهو وضع مزرٍ في الحقيقة) وأنه صار لا بد من وقف الموت والدمار والحرب في سوريا.

والتآمر على الثورة ليس جديدا فهو قديم ويعود إلى بدايات الحراك حين أعلن الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما أن واشنطن لا تريد تغيير النظام وإنما تريد تغيير سلوكه، وكرر هذه المقولة سلفه الرئيس دونالد ترامب، وبالرغم من أن واشنطن فرضت عقوبات على النظام (عقوبات قيصر) في العام 2020، إلا أن هذا القانون تعرض للكثير من الثقوب والاختراقات على مرأى من الإدارة الأميركية وحلفائها في المنطقة وحتى لدول الغربية التي غضت النظر عن مشروع الغاز المصري العابر للأراضي السورية، بل إن بعض المصادر تذكر بأن الفكرة جاءت من واشنطن أصلا وهي التي دعمتها وأصرت عليها بحجة قطع الطريق على إيران التي قررت تصدير النفط للبنان رغم العقوبات المفروضة عليها.

والأمر الجدير بالملاحظة هنا هو أن الانفراجة الدولية والإقليمية التي يشهدها النظام السوري ترافقت بانفراجة في العلاقات الغربية مع إيران فبريطانيا أعادت سفيرها إلى طهران، وفرنسا تستقبل وزير الخارجية الإيراني، وكثير من الدول الأوروبية بدأت بكسر العقوبات المفروضة على إيران بدعم روسي وصيني واضحين.

وكا يحدث في لعبة الشطرنج حين يحاصر اللاعب لمنتصر خصمه ويشارف على الفوز يقول له (كش ملك) إشارة إلى أن ملك الخصم بات في خطر وعليه التصرف لحماية ملكه، كذلك يقول لنا المجتمع الدولي (كش ثورة) وعلينا التصرف لحماية ثورتنا من هذه الكشة التي تحاصرها.

فؤاد حميرة - زمان الوصل
(226)    هل أعجبتك المقالة (199)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي