أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

العالم يحتفل بالحب في زمن العواطف الباردة..... أين انت أيها الحب لنحتفي بك؟

أحمر..... أحمر..... أحمر.... أحمر... أينما ذهبت لن تجد إلا اللون الأحمر... المحال، الورود، الديكورات، الألعاب وخاصة الدببة، فكل المحيط بات لونه أحمر احتفاء بما يسمى عيد الحب! أو عيد العشاق! ولكن السؤال الذي يتبادر للأذهان، هل بات هناك حب حقيقي للاحتفاء به أم إن المصالح والمآرب الشخصية التي عبثت بكل القيم والمثل من حولنا اخترقت عالم الحب والمحبين لتقلب موازينه واعتباراته؟

حب وأغنية
(عل البساطة البساطة ياعيني عل البساطة أديش مستحلية عيش جنبك يابو الدراويش تغديني خبزة وزيتونة وتعشيني بطاطا) لعل مطلع أغنية المطربة صباح يعكس لنا أقصى طموحات المحبين الذين عاشوا في زمن مضى، الذين كان أكبر همهم الاقتراب والاقتران بمن يحبون ولو بأدنى متطلبات الحياة، فيكفي الحبيبان أنهما باتا معا ليبدأا مشوار الحياة وليتقاسما أعباءها وهمومها تظللهما راية الحب الذي سيقوى مع مرور الأيام. من منا لم يعشق أغنية سلطان الطرب جورج وسوف وتمنى لو يستطيع تجسيدها على أرض الواقع عندما قال: (إنت وأنا يا ريت عنا كوخ مخبا بين الحور والكينا ولا يكون عنا كهربا ونعيش وما يعرف حدا فينا) نعم إنه الحب الذي كان يتغنى به الشعراء والكتاب ويدندنه المطربون... ولكن أين أصبح هذا الحب في عالم تحكمه المظاهر والشكليات فالكوخ بات منزلا فخما في أحد الأماكن الراقية، والحور سيارة آخر موديل، والكينا تحولت إلى رصيد بالبنك وحفل زفاف فخم في فندق خمس نجوم ليحضره الأقارب والأصدقاء وليتفاخر به العروسان ولاسيما العروس! علما أن الحب الحقيقي أغلى من كل تلك المظاهر البالية الفانية؟ وربما سيدة الغناء العربي وصفت حال شبابنا منذ عشرات السنين عندما غنت وأطربت (حب إيه اللي إنت جي تقول عليه إنت عارف قبله معنى الحب إيه).

بين الحب والصداقة..... حب من دون زواج!
الحب لا يمكن تعريفه بكلمات ولا صياغته بمقالات وأحرف، فهو حالة لا يمكن أن يترجمها إلا المحب العاشق بالأفعال لا بالأقوال!
إلا أن حب هذه الأيام قلب الموازين وغير المعايير..... وظهر في الآونة الأخيرة حب من نوع خاص صمم على مقاس وطموحات شباب اليوم.
منذ عشرات السنين كان الحب حلماً يسكن وجدان وعقل الشاب والشابة اللذين كانا يسعيان ويبذلان قصارى جهدهما ليتحول إلى حقيقة، أما اليوم فالحب واقع يسهل الوصول إليه ولكن في عيون الشباب تحول إلى سراب ووهم لا يعيرونه أي اهتمام. كان الشاب يسعى إلى التعرف إلى الفتاة ليحبها ويحافظ عليها وعلى سمعتها ساعيا لتأسيس علاقة جدية وشريفة معها، واضعا في حساباته أن هذه الفتاة ستكون زوجته وأما لأولاده، وفي حال تم الفراق يعيش الاثنان في كآبة وإحباط وحالة حزن مزمن، قد تدوم سنوات، أما اليوم فيتعرف الشاب إلى الفتاة، وأقصى أحلامه أن يعيشا كما يحلو لهما وأن يتجاوزا حدود العلاقة ولكن دون زواج لأن ظروف الشاب لا تسمح له بإقامة علاقة زوجية، عدا أنه لا يمكن أن يفكر بالزواج بفتاة سمحت له بمسك يدها، فكيف يمكن له أن يربط اسمه باسم فتاة ذهبت معه إلى منزله، علما أن ما يعيب الفتاة يعيب الشاب وحكم الزاني كحكم الزانية بكل الشرائع السماوية ولكن القوانين والأحكام الاجتماعية المتخلفة هي من أقرت ووضعت هذه الشرائع، حيث يمكن للذكر أن يشرق ويغرب ويذهب مع هذه ويضاجع تلك... ليبحث عن زوجة (لم يقبل فمها إلا أمها) ناسيا أن الزاني لا ينكح إلا زانية! وفي حال رفضت الفتاة أن ترافق شاباً بطموحات سطحية همه الوحيد إقامة علاقة عبثية فلن يكترث لشأنها على مبدأ (يذهب عاشق ليأتي ألف مشتاق!).

حب في عيون الشباب
تقول لما حباب طالبة جامعية: عن أي حب تتحدثون، فشباب اليوم قضوا على الأحاسيس والمشاعر الراقية لتحل محلها الرغبات الدنيئة والغرائز الجنسية، فالشاب يسعى للفتاة لا ليتزوجها وإنما ليصاحبها أو ليكسب الرهان الذي أطلقه أمام أصدقائه....
وما دام لا يوجد محبون حقيقيون، فلا يوجد حب حقيقي، ولا يوجد عيد لهذا الحب.
سامر مجذوب مندوب مبيعات يقول: عيد الحب طقس سنوي جميل، أحبه كثيراً وهو لا يعني أنني لا أحب سوى مرة في السنة كما يقول البعض، وإنما مناسبة كهذه تكسر الروتين مع من نحبهم وتخرجنا من جمود الحياة اليومية، وهل هناك أجمل من الورد الأحمر لنقدمه إلى من نحب عربون إخلاص ووئام، فالهدية تخلق الود وتقرب الحبيين من بعضهما.
أما سميرة أيوبي موظفة فعرضت تجربتها قائلة: تعرفت إلى شاب كنا ننوي الارتباط وإنشاء عائلة، ولكنه كان يختلق مشكلة معي قبل عيد الحب أو عيد ميلادي أو أي مناسبة تتطلب شراء هدية، ليثبت لي أنه إنسان بخيل لا يمكن العيش معه مهما حصل.
عهد ميلوي طالب جامعي يقول: عيد الحب هذه السنة كان نكبة علي، فلدي ثلاث حبيبات، ما يعني أنه علي أن أحضر ثلاث هدايا، ولا يوجد أرخص من الورد الجوري الذي يرمز للمناسبة، وسعر الوردة يزيد ضعفين أو أكثر في هذا اليوم ما يعني أن شراء ثلاث وردات سيكلفني مبلغاً باهظاً.
ماجد عبد الحميد بائع في محل ألبسة رجالية يقول: الطمع والجشع أعمى عيون البنات، فالفتاة باتت تبحث عن الشاب الغني ليس فقط بدافع الزواج وإنما لتقضي معه وقتاً وليصرف عليها، وفي أحسن الأحوال لتقترن به بغض النظر عن مشاعرها وأحاسيسها، وعن الحب الذي تتحدثون عنه.
فبنات اليوم لم يعد يرضيهن الوردة التي يقفز سعرها إلى أضعاف مضاعفة في يوم الحب الذي لم يعد فيه حب، فممكن أن ترضى الفتاة وردة شرط أن تكون مرفقة مع هدية أغلى بكثير.

الوطن - دارين صالح
(183)    هل أعجبتك المقالة (187)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي