أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

درعا وعقيدة جيش الأسد

مجددا أخطأت دبابات جيش الأسد طريقها إلى الجولان المحتل، واختارت ذات الطريق الذي سلكته قبل 10 أعوام، المؤدي إلى درعا، فهو الأسهل والأقرب، والأقل تكلفة، لأن "النصر" في نهايته محقق بعون الروس والإيرانيين والميليشيات الطائفية، صاحبة عقيدة "طريق الجولان والقدس يمر بدرعا وحمص وحلب وإدلب ودير الزور".

هي لم تخطئ وتعرف طريقها جيدا وإلى أين وجهتها، فأهل درعا العزل (وفق زعمهم) هدف سهل أمام الجحافل المشحونة بالحقد والكراهية، وليست كـ"العدو الصهيوني" ولو أنه ينتهك كل يوم "السيادة" التي تتغنى بها دول "الممانعة" عبر قصف المواقع العسكرية في أدنى وأقاصي البلاد، هذا لا يهم أمام كرسي بشار ومعاقبة الرافضين لحكمه والمشاركة بمسرحية انتخاباته.

ولعل التعبير المناسب لوصف هذه الحالة ما قاله الشاعر: "أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامة.. ربداء تجفل من صفير الصافرِ".

في المرتين سواء في الأولى عام 2011 أو الثانية 2021، أدار الأسد ظهر جيشه "الباسل" للجولان رغم أنه يُرى بالعين المجردة من سهل حوران، لكن ما يميزهما عن بعضهما أن أهالي درعا هذه المرة لم يتفاجؤوا كالأولى ولم يصرخوا بالقول "هنا درعا وليس الجولان" وإن "جيش بلادهم" أخطأ الطريق ما هي إلا ساعات ويعدل عن محاصرتهم وقتلهم، ما إن تصحو ضمائر قادته وجنوده، بل أصبحوا يعرفون تماما أنه قادم لقتلهم وتشريدهم وانتهاك كراماتهم واستباحة أرضهم ونهب بيوتهم، ولهذا اختاروا في المفاوضات الأخيرة التهجير القسري لكل المحاصرين بشيبهم وشبابهم وأطفالهم ونسائهم على العودة لحكم النظام القاتل.

حتى هذه البقعة الجغرافية الصغيرة التي لا يملك أهلها ما تملكه الجيوش من أسلحة، ستكسر بصمودها شوكة الأسد وجيشه مجددا، وسيدفن الأخير رأسه في الرمال ليخفي هزيمته أمام مواليه، فدرعا لن تكون لقمة سائغة كما خُيّل لهم، بل هي أكثر إصرارا من أي وقت مضى على عدم الرضوخ لمن قتل وهجر أبناءها، وما يميزها في عام 2021، اجتماعها على كلمة واحدة وقلب واحد، فأهلها لن يثقوا بأي ضامن كما فعلوا عام 2018، عندما أخذوا بوعود روسيا والقوى الدولية والإقليمية المتوافقة على ما سمي حينها بـ"التسوية"، ولن يتخذوا أي قرار إلا بما يتوافق مع مبادئهم وما تفرض الظروف عليهم.

لن يرضخ أهالي درعا وسيقاومون النظام وعصبته بما أوتوا من قوة حتى النهاية، ولن ينتصر جيش الأسد عليهم، فهو كلما أعلن عن نصر على الشعب الأعزل يخسر مزيدا من الأخلاق (البريء منها براءة الذئب من دم يوسف) ويصبح عصابة مارقة واهنة كبيت العنكبوت تزول مع أول صافر نار. 

المفارقة أن حملة النظام على درعا تزامنت مع مؤتمر عقده في دمشق يزعم أن الهدف منه عودة اللاجئين، هو بالطبع دعاية فاشلة تحاول تجميل "سوريا الأسد" أمام الرأي العام العالمي، لكنه على أرض الواقع لن يفعل إلا ما تمليه عليه سياسة "سوريا المتجانسة" الخالية من أي شكل رافض أو معارض للأسد، فلذلك عزم على قتل وترحيل من بقي من أهالي "درعا البلد" وسينتقل بعدها إلى بقية مناطق حوران والمدن السورية في كافة مناطق سيطرته.

من يريد أن يعرف مستقبل المدن السورية خلال الشهور والسنين القادمة، ما عليه إلا مشاهدة "خطاب القسم" لبشار الأسد الذي ظهر ضاحكا مزهوا بنصره على الشعب، على الرغم من أنه المسؤول الأول عن أكبر موجات نزوح ولجوء عرفتها الكرة الأرضية منذ عقود، والسبب في تدمير غالبية المدن السورية والاقتصاد وتدهور العملة، وصاحب الفضل في ظاهرة الطوابير وتراجع سوريا إلى العصور الوسطى لا ماء ولا كهرباء الحصول فيها على مخصصات الخبز يعد ترف ورفاهية.

لا خلاص للسوريين إلا بزوال النظام المجرم الذي استنصر على شعبه الروس والإيرانيين وجميع قتلة الأرض، وقدم لهم البلاد على طبق من ذهب على مرأى عالم متخاذل جبان رأى السلاح المحرم يقتل بشعب أعزل وبقي صامتا رغم كل ذلك.ب الحدودي مع الأردن.

محمد الحمادي - زمان الوصل
(196)    هل أعجبتك المقالة (151)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي