أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حرق وريقات عمره في مجمر الفن ...هاني الروماني بدأ مع «أسعد الوراق» وانتهى معه

وكأن قدر هاني الروماني أن يبدأ نجاحه وتألقه ونجوميته مع (أسعد الوراق) عام 1975 وأن ينهي حياته معه في عام 2010 حيث كانت النسخة الجديدة من هذا العمل التي تصور الآن هي آخر مشاركاته وإطلالاته وإبداعاته في الفن. توفي هاني الروماني وبذلك تخسر الدراما السورية رائداً آخر ومغامراً آخر و(مجنوناً) آخر ترك الطب لكي يحرق وريقات عمره في مجمر الفن الذي لا يحرق إلا ليضيء، توفي الفنان الذي أجاد أداء أدوار الشر فكان في الدراما السورية كتوفيق الذقن في الدراما المصرية رغم أنه كان كالطفل من الداخل كما يؤكد أصدقاؤه والمقربون منه.

 

فردوس الأتاسي:
أداؤه لا يُنسى وخسارته كبيرة


بتأثر واضح تحدث المخرج محمد فردوس الأتاسي عن هاني الروماني الممثل الذي لا يُنسى أداؤه المتميز، كنا أصدقاء لأكثر من ثلاثين سنة وعملنا معاً في عدة أعمال، لقد كان نجم السبعينيات من القرن المنصرم، وما زالت الأعمال التي شارك بها حية في الأذهان فمن ينسى هاني الروماني في (أسعد الوراق).
شارك في عدة أعمال أخرجتها مثل (أحلام مثقف الليل) و(ياقوت الحموي) وكان مجيداً كممثل ومخرج لذا أرى أن خسارة (أبو علي) رحمه الله خسارة كبيرة وفقده محزن.

هيثم حقي:
كان شديد الذكاء وجمعتنا مودة الاختلاف

تحدث المخرج هيثم حقي عن المرحوم هاني الروماني مستذكراً أيامه معه ويقول: بدأت مع المرحوم هاني الروماني العمل في التلفزيون معاً وكنا أصدقاء رغم اختلافنا الشديد في الكثير من القضايا التي تخص الفن وخاصة في الجانب المتعلق باللغة السينمائية في التلفزيون وقد ضمنت كتابي (بين السينما والتلفزيون) مقالاً عن مسلسل (حد السيف) الذي أخرجه الروماني وشارك فيه، مسألة التصرف في الحدث التاريخي.
كان رحمه الله شديد الذكاء والدهاء وسرعة البديهة ويذكر كل الزملاء المواقف الطريفة التي كنت وإياه طرفيها، لقد جمعتنا مودة الاختلاف حيث كان يفضّل الإخراج داخل الاستديو.
لقد عمل معي في عدة مسلسلات منها (هجرة القلوب إلى القلوب) ودوره فيه لا يُنسى كما عمل في مسلسل (عز الدين القسام) و(بصمات على جدار الزمن)، ولا أنسى جلساتنا المشتركة مع الفنان رشيد عساف والمبارزة الدائمة التي كانت تجمعنا في الفن وقضاياه.

عباس النوري: خسارته موجعة فقد كان أستاذي
يرى الفنان عباس النوري أن المرحوم كان يتمتع بحضور حقيقي «لذا فإن غيابه حقيقي، إن فقد هاني الروماني من الخسارات الموجعة لقد كان حقيقياً بثقافته وانتمائه لسورية، لقد كان مخلصاً للثقافة والفن في زمن الزيف، كان استثنائياً بثقافته المتنوعة والفنية، كان يتمتع بذهن متوقد وذاكرة قلما يتمتع بها إنسان، وعلى الصعيد الشخصي خسرت أهم أساتذتي الذين علموني وساندوني.

رياض بكرلي:
كان طفلاً وشفافاً وقدرته على الحفظ عجيبة

يذكر المخرج رياض بكرلي أن الفنان المرحوم هاني الروماني قدم إلى الفن هاجراً الطب في عام 1963 حيث انضمت فرقة رفيق الصبان المسرحية وكان أحد أعضائها للتلفزيون وهو مازال في سنواته الأولى. ويضيف بكرلي: لقد كان إنساناً طيباً وطفلاً من الداخل ومتسامحاً وشفافاً وجميلاً وزينة الجلسات التي كانت تجمعنا، لقد كان فناناً كبيراً لديه قدرة عجيبة على الحفظ، كان رحمه الله يحفظ لمجرد تصفح الورق وكان يحفظ حواره وحوار الفنان الذي يقابله في المشهد وكان يصحح للآخرين.

رحلة غنية في الفن والحياة
ولد المرحوم هاني الروماني في دمشق عام 1940 وكانت حياته محطات عطاء وإبداع وقد بدأ حياته كفنان مع بدايات التلفزيون والسينما في سورية ولكن مسلسل (أسعد الوراق) للمخرج علاء الدين كوكش عام 1975 كان العلامة الأبرز في حياته كممثل رغم أن العمل لم يتجاوز السبع حلقات وقد اعتُبر هذا العمل الأكثر جرأة وعمقاً، وقد كتب السيناريو والحوار له الكاتب عبد العزيز هلال من رواية (الله والفقر) للكاتب صدقي إسماعيل وقد قبل رحمه الله أن يشارك بدور ثانوي في النسخة الجديدة التي تعمل المخرجة رشا شربتجي على إنجازها لتعرض في رمضان القادم وقد شارك كممثل في عديد الأعمال السورية الأخرى منها دليلة والزيبق، والهشيم والجوارح ونهاية رجل شجاع وغيرها ويعتبر مسلسل (حمام القيشاني) للكاتب دياب عيد بأجزائه الخمسة أهم الأعمال التي أخرجها المرحوم الروماني حيث قدم من خلاله تناولاً مهماً وجريئاً وموضوعياً لتاريخ سورية المعاصر وكان خطوة مهمة في اتجاه قراءة هذا التاريخ قراءة هادئة وقد حظي العمل بمتابعة كبيرة وخاصة في الأجزاء الثلاثة الأولى، كما أخرج المرحوم عدة أعمال أخرى منها مسلسل (حد السيف) وشارك كممثل في عديد المسلسلات حيث كان مواكباً النهضة الدرامية السورية التي كان مساهماً في تأسيسها وتثبيت قواعدها، كما شارك الروماني في تجارب سينمائية سورية مهمة لعل أبرزها فيلم (الحدود) للفنان دريد لحام.
وعلى الصعيد الإنساني تعرض الروماني لمحنة شديدة إثر وفاة ابنته (نادين) جراء مرض مزمن وهي لم تتجاوز عمر الثانية عشرة وكان الروماني متزوجاً من سيدة إنكليزية وله منها ابنه الوحيد (علي). وشقيقه أسامة من الفنانين السوريين المعروفين وما زال موجوداً في الذاكرة رغم غيابه عن الدراما السورية منذ سنوات وقد شارك في مسلسل (حمام القيشاني) تحت إدارة شقيقه المرحوم ولعب شخصية الرئيس الشيشكلي كما كان عضواً في الدور التشريعي الثاني لمجلس الشعب.
نسأل الله أن يتغمد الفنان هاني الروماني بواسع رحمته وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان، لقد ترجّل فارس جديد من فرسان الدراما السورية الأوائل، والعزاء في أنهم تركوا وراءهم آثاراً لا تنسى بسهولة ووضعوا قطار الدراما السورية على السكة الصحيحة.

الوطن
(166)    هل أعجبتك المقالة (190)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي