في منطقة محصّنة ومحاطة بالحواجز في منطقة "المحطة" جنوب غرب مركز مدينة حمص يقع فرع الأمن العسكري الذي يصفه ناشطون بأحد أكثر الفروع وحشية في سوريا منذ أحداث الثمانينات.
ووثقت منظمات حقوقية حتى حزيران يونيو/2013 اعتقال ما لا يقل عن 2500 شخص جرى تعذيبهم داخل الفرع حتى الموت بينهم 84 طفلاً و25 امرأة ممن تم توثيق أسمائهم وصورهم مع بقاء مئات من حالات الموت تحت التعذيب دون توثيق.
وبحسب ناشطين، كان الفرع المعروف برقم أيضاً بالرقم (261) يشهد العديد من حالات الإعدام الميداني وخاصة لرؤساء ما كان يتمّ اتهامه بتزعم جماعة مسلحة، وكانت عملية الإعدام تتم من قبل عناصر "ملثمة" تابعة لحزب الله اللبناني، وكانوا يلقبون بأسماء مختلفة، وحتى مكان إقامتهم كانت بعيدة عن مكان إقامة الضباط الآخرين وكان ينادون بعضهم بأسماء مختلفة يومياً لعل أكثر اسم "الحجي" واسم "محمد".
وروى معتقل سابق كان في الفرع المذكور جوانب من عمليات التعذيب التي دأب ضباط وعناصر الفرع سيئ الصيت على ممارستها بحق المعتقلين من الصعق الكهربائي إلى الضرب بالهراوات والكابلات وقلع الأظافر مروراً بتعليق المعتقل من قدميه وتغطيسه بالماء المغلي والترهيب النفسي الشديد إذا قدر للمعتقل أن يعيش ويخرج على قيد الحياة.
وقال المعتقل السابق "أحمد ناصر" –اسم مستعار- وهو من مدينة "السلمية" التابعة لمحافظة حماة لـ"زمان الوصل" إنه كان يقاتل في صفوف المقاومة السورية فتم اعتقاله بتاريخ 19 /6 /2012 بعد وقوعه مع رفاقه بكمين لجيش النظام، واستشهد معه القائد الميداني "يوسف الأشتر- أبو المنور"، والمقاتل "موسى الديك"، والشاب "ملهم رستم" فيما أُسر هو مع رفيق كان معه، وتم تحويلهما بطائرة هليكوبتر إلى مطار حماة وكان في استقبالهما -كما يقول- ضباط من المطار وسيارة إسعاف إذا ادعيا أمام الجيش أنهما كانا مخطوفين وحينها –كما يقول- طلب منهما أحد ضباط المخابرات الجوية إجراء لقاء على تلفزيون "الدنيا" يقولان فيه إن "الإرهابيين" اختطفوهما لأنهما علويان والجيش حرّرهما بعملية نوعية.
وأردف محدثنا أنه رفض هذا الطلب حينها وكان مصاباً بثلاث طلقات باليد والصدر، أما رفيقه فكان بحالة أفضل.
ومضى "ناصر" سارداً تفاصيل ما جرى له لرفيقه إذ تم تحويلهما إلى مشفى عسكري ميداني تابع للمخابرات الجوية في حماة، ونظراً لخطورة حالته الصحية تم تحويله بمفرده إلى مشفى حمص العسكري –وهناك حسب قوله– استقبلوه في البداية بترحيب واهتمام، وبعد ساعة من وصوله إلى المشفى أدخل إلى غرفة العمليات بسبب وجود تفتت في الساعد الأيسر جراء رصاصة تلقاها قبل أسره.
وروى محدثنا أن دكاترة وعناصر المشفى عرفوا من خلال اعترافات رفيقه أنهما ليسا علويين، وإنما اسماعيليان وكانا يقاتلان مع "الإرهابيين" فتم إيقاظه من البنج بالضرب على وجهه وقدميه بأنبوب بلاستيكي، وبعد حفلة تعذيب شديد تم إرساله إلى سجن المشفى الذي كان أشبه بمسلخ بشري، وبعد مكوثه لأسبوع تم إرساله إلى فرع الأمن العسكري ليعيش تجربة تعذيب جديدة.
ويصف "ناصر" السجن الذي نُقل إليه بقوله: "كان الفرع عبارة عن منفردات (مزدوجة) وكل منفردة مساحتها نحو مترين ونصف، ويقابلها منفردة بذات المساحة ويفصل بين المنفردات ممر "كريدور" لا يتجاوز عرضة المتر وكان الفرع يحوي مهجعين أحدهما للعسكريين والآخر للمدنيين يتعرض فيه المعتقلون يومياً لكل أصناف التعذيب.
ويسرد المصدر جوانب من التعذيب الذي تعرضه له مع رفاقه وبخاصة أثناء التحقيق، إذ كان يتم شبحهم لفترات طويلة تتراوح بين الساعتين و6 ساعات وأحياناً أكثر من ذلك مع سكب الزيت والماء المغلي على ظهورهم أثناء التحقيق أو الحرق بفحمة الأركيلة أو السيجارة في أنحاء حساسة من الجسم.
وكشف الناجي "ناصر" أن الجلادين الذين لم يتمكن من التعرف على أحد منهم قاموا بصعقه بالكهرباء على أماكن جروحه لانتزاع الاعترافات منه وشاهد بأم عينه شابين شقيقين تم ضربهما من أحد عناصر الفرع بشفرة لكل واحد على وجهه لكي يُعرفوا أنهما شقيقان –حسب قوله- مضيفاً أن أغلب المعتقلين لم يكن لهم أسماء، بل مجرد أرقام إذ ينادى على كل معتقل (المعتقل رقم كذا إلى التحقيق).
وبسبب هذه الطريقة الوحشية في التعذيب وشدة الازدحام الكبير في الفرع وحرارة الصيف القاسية مع قلة العناية الطبية فإن أي معتقل مريض بالربو يتوفى بعد فترة من اعتقاله.
وكشف المصدر أن جرثومة تصيب العين أطلق عليها طبيب فيزيائي اسم "جرثومة الملتحمة" انتشرت بشكل كبير في أوساط معتقلي فرع الأمن العسكري بحمص آنذاك وكانت الإصابة بها تؤدي بالمعتقل إلى تصرفات غير واعية، مضيفاً أنه كان شاهداً على جريمة مقتل ابن لم يتجاوز 20 عامًا على يد أبيه بعد أن ضرب رأسه بالجدار عدة مرات تحت تأثير اللاوعي بسبب تعذيبه على رأسه هو الآخر بقضيب بلاستيكي أخضر وإصابته بمرض الملتحمة.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية