الخطأ الأساسي في حالة الخيانة الزوجية هو أن امرأة زوجة رجل ما تمارس الجنس مع رجل آخر غيره , بل و ربما على فراشه و في بيته..هل لاحظتم الارتباط الأساسي بين وقوع هذه "الجريمة" و بين حالة المرأة كملكية أو على الأقل كشيء يتبع الزوج و له وحده حق التصرف به دون غيره* – عندها يعتبر الجنس مع غير صاحب الملكية "الشرعي" غير شرعيا و "حراما" -..لا بد لنا هنا أن نستكشف ما الذي يجعل الجنس بين الزوج و الزوجة الشرعيين "حلالا" ؟ إن الدين يعتبر أن مقياس الحلال و الحرام هنا هو وجود عقد زواج علني يقوم على التزام من كلا الطرفين : أن تقوم الزوجة بكل ما يمكنها لإسعاد زوجها و أن تنجب له أطفالا و بداهة ألا تمارس الجنس إلا مع زوجها فقط لا غير , هذا مقابل التزام الزوج بنفقة زوجته أي إطعامها و تلبية حاجاتها الأساسية..هنا يمكننا أن نرى ملامح هذا التقسيم في العمل بين المرأة و الرجل و الذي حدد هذا الشكل من العلاقة "الشرعية" وفق السائد الاجتماعي و الديني بين الجنسين..إن أكثر الماديين أو الفوضويين تطرفا لم يتجاسر على ربط الحب أو الجنس بمعدة الإنسان هكذا..إن هذا العقد "الشرعي" بين الزوجين يقوم على علاقة ملكية أو تبعية بينهما , يبدو و كأننا نتحدث هنا عن سلعة و ليس عن بشر..يجب هنا أيضا أن ألفت انتباهكم إلى عقد مشابه تماما يشبه عقود نقل الملكية أو البيع , هي عقود العمال الأجراء مع رب العمل..إن تسليع الإنسان و جسده و مشاعره سابق على النظام الرأسمالي لأن السلعة نفسها سابقة على ظهور نمط الإنتاج الرأسمالي..ظهرت السلعة في الواقع بمجرد انهيار المشاعية البدائية , كان الإنسان نفسه واحدا من أوائل السلع التي جرى تداولها , بجسده أول الأمر..تم بيع الإنسان و شرائه بالمقابل كقوة عمل و كمصدر لمتعة السيد لكن أيضا بوصفه مخصيا في بعض الأحيان..من الغريب أن إحدى هذه السلع الرائجة و المرغوبة كانت ببساطة هي الخصيان أو المخصيين..هذا "الجنس الثالث" فرضه النظام السائد للعلاقة بين الجنسين..كان هؤلاء ضروريين للقيام بمهام الرجال وسط النساء لكن كرجال فاقدين القدرة على ممارسة الجنس..كان هؤلاء عنصر رئيسي في البلاط ( حتى وقت قريب جدا بالمناسبة ) المكان الذي كانت فيه نساء الحاكم سواء أمه أو أخته أو زوجه أو حتى جاريته تحت رقابة صارمة في معظم الأحيان..هكذا كان هؤلاء "الرجال" فاقدي رجولتهم ضروريين لتأكيد رجولة الحاكم صاحب النساء..نعرف أنه منذ تحقق تقسيم العمل بين الذكر و الأنثى و تحولت المرأة لتكون عالة على الذكر أصبحت المرأة أقرب ( كي لا نؤكد أنها سلعة ) لأن تكون سلعة سواء أكانت جارية أو زوجة شرعية..يتشدد النص الإسلامي في أن تقوم الزوجة بالخضوع لرغبات الزوج , الجنسية منها – المرأة التي لا تجيب زوجها إلى ما يريد تلعنها الملائكة – و غير الجنسية..لا يعترف النص عادة بمتعة المرأة أو حقها في المتعة و الحالات القليلة التي يتحدث عنها تكون عادة سلبية كزوجة فرعون مثلا..هذا الموقف السلعي** إن شئتم من الجنس و الأخلاق بالتالي هو مبرر و قاعدة المنظومة القيمية و الموقف من الحلال و الحرام الذي يرتبط هو أيضا بمنظومة عقوبات ضد "جرائم" الزنا و اللواطة تصل حتى الرجم حتى الموت أو الإحراق في النار..نعرف أن ثورات نادت بالعودة إلى مشاعية الأرض و وسائل الإنتاج الأخرى مثل مزدك الفارسي و بابك الخرمي قد دعت أيضا إلى مشاعية النساء..طبعا هذا أكثر من هرطقة و كفر بالنسبة لمن لا يعرف سوى نظام يقوم على الملكية الخاصة لكل شيء بما في ذلك المرأة , إنه أشبه بالحديث عن العالم الآخر أو بكلام في اللا معقول ما دامت الملكية الخاصة لكل شيء بما في ذلك المرأة هي أكثر الحقائق بداهة لهذا العقل..لكن هذا دليل على وعي مبكر جدا بارتباط العائلة الذكورية بالملكية الخاصة لوسائل الإنتاج و اشتراط إلغائها بإلغاء الآخر..حقا من الممتع هنا محاولة تصور كيف سيكون الحب أو الجنس في عالم لا يتصرف فيه الإنسان انطلاقا من الحاجة أو الخوف أو المحرمات , عالم يتصرف فيه الإنسان وفق رغبته الحرة فقط و قناعاته التي لا تخضع لأي قيد سوى حريتها الذاتية , عالم تعالوا نسميه بعالم غير طبقي عالم الوفرة و المساواة..لدينا هنا مشروع جواب يقدمه لنا الدين مرة أخرى..نعم الدين , إنها الجنة أيها السادة حيث يتحرر الإنسان من الجوع و الخوف و نقص الموارد الدنيوي و يتحرر من كل المحرمات و كل أنواع الإكراه , حيث تغيب المحرمات الدنيوية المرتبطة بالحلال و الحرام – يصبح الزنا مثلا ممارسة عادية في الجنة و كذلك شرب الخمر بل حتى أفخر أنواعها – حيث تحل الوفرة في كل شيء مكان الخوف من الحاجة و ندرة الموارد التي تلبي حاجات الإنسان و حيث لا توجد أية مؤسسات تراقب سلوك الإنسان أو تفرض عليه أنماطا خاصة من السلوك أو حتى القوانين – تصوروا أن الجنة كما يبشرنا بها النص لا توجد فيها قوة تفرض على الناس الصلاة بمواعيدها أو تراقب تطابق سلوكهم مع القوانين السائدة و تطبق عليهم منظومة عقوبات متفق عليها , فعلا هذه هي الجنة يا سادة..سنجد أيها السادة أن الحاجة الجنسية هنا لا تعامل كما في الحياة الدنيا التي نحياها حيث الرغبة الجنسية هي عبارة عن رغبة غريزية حيوانية بحاجة للكبت باسم التنظيم و حتى "الأنسنة" , إنها في الجنة تصبح رغبة تبحث عن الإشباع الأقصى دون أي قيود و لهذا مثلا خلق الله الحور العين للمؤمنين في الجنة , إنه الجنس عندما تريد و كيف تريد..لكن و لأن الإسلام دين مجتمع ذكوري فهو يحرم المرأة من هذا الإشباع الكامل الذي يبقى حتى في الجنة حكرا على الرجال بل و يعيد المرأة لنفس زوجها في الدنيا طبعا في منافسة "مشروعة" هنا مع الحور العين..إذا فالمقدس يدلنا بوضوح أنه مع انتفاء الخوف من الحاجة بل و الحاجة نفسها و تحقق الوفرة فالإنسان سيبحث هذه المرة عن الإشباع التام الأمثل لرغباته..إن هذه الرؤية متقدمة جدا إن لم تكن ثاقبة بالفعل..
ففي ظروف قلة الموارد المخصصة لتلبية حاجات الإنسان و تقسيم العمل التالي بين السادة و الأجراء بين المرأة و الرجل يجري قوننة الجنس في إطار العائلة الذكورية الأحادية الضرورية لتأمين هذه الموارد اللازمة لحياة الإناث و لكن في إطار سيطرة من يملك و ينتج هذه الموارد أي الرجل , مع وجود هامش لإضافة عدد غير محدود من الجواري و الإماء أي أن هذا الهامش وضع خصيصا لمراعاة وضع الأغنياء و احترام التمايز الطبقي الاجتماعي و إسقاطه على مجال العلاقة بين الجنسين و ذلك باختراع طريقة "شرعية" للحصول على عدد غير متناه من النساء..كما أكد فرويد بطريقة مختلفة فإن المجتمع و نمط العلاقات السائد يحاول أن يخلق نوعا من "التوازن" بين الإنسان و رغباته و بين محيطه الطبيعي و الاجتماعي..يقوم هذا التوازن على كبت الإنسان نفسه لصالح البيئة المحيطة به..لكن هذا الكبت يمارس بدرجات متفاوتة حسب موقع الإنسان في البنية الهرمية للمجتمع و حسب جنسه أيضا..عاش الإنسان حتى اليوم في ظروف تقوم على الانقسام و التمايز الاجتماعي و الجنسي القائم على محدودية الموارد من جهة و "تقدمية" أنماط الإنتاج القائمة على مثل هذا التقسيم حتى اليوم , هذا هو المبرر الحقيقي لظهور و استمرار العائلة الذكورية "الشرعية" و مبرر اعتبار أي ممارسة للجنس خارجها "غير شرعي"..إن الموضوع أشبه بالسرقة أكثر من أي شيء آخر , الحصول على شيء يملكه شخص آخر دون دفع ثمنه , هذا هو جوهر "جريمة" الخيانة الزوجية تماما كما هي السرقة , تماما بالضبط..من الثابت إذا وفقا للمقدس نفسه أن وجود الملكية الخاصة يرتبط بوجود الأسرة الذكورية الأحادية و أنه يرتبط أيضا باستغلال الإنسان للإنسان و أن الأساس في تغيير هذا الواقع هو القفز إلى مجتمع الوفرة و المساواة حيث يمكن للإنسان أن يحقق ذاته لأول مرة في التاريخ ربما دون خوف أو محرمات..
* فالمرأة زوجته , عدا عن أن البيت بيته و هو المسؤول عن إطعام الجميع فيه..شيء يشبه هذا نراه أيضا في علاقة الأولاد بالأب و بالأم.."إنهم أولادنا" أو "ابني و أنا حر فيه" , و طبعا "امرأتي و أنا حر فيها" ...الخ
** الذي يقوم على تسليع جسد المرأة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية