يبدو أن الجفاف الذي تشهده سوريا قد أطاح فعليا بشعار "عام القمح" الذي أطلقه نظام بشار الأسد، وكله أمل أن يوفر إنتاجا كافيا من هذا المنتج الحيوي يدعم به خزينته، ويزيح بعضا من تكاليف استيراده العالية عن كاهله.
فقد حذر تقرير لـ"رويترز" من أن تراجع مستوى هطول الأمطار ترك البلاد أمام مخاطرة كبيرة، ستجعلها مضطرة لاستيراد ما لايقل عن 1.5 مليون طن من القمح، ما يعني زيادة الضغط على اقتصاد النظام الذي يعاني أصلا من مزالق خطيرة، اجتمعت فيها تبعات حرب كارثية وعقوبات دولية، وأخيرا وليس آخرا انتشار وباء كورونا عالميا.
روسيا، الداعم الأكبر لنظام الأسد، تبدو بدورها أكبر المستفيدين من هذا الوضع المتردي، حيث أعلنت نيتها بيع مليون طن من الحبوب للنظام، لن يكون توريدها بهذه السهولة خصوصا مع ندرة الأموال لدى حكومة الأسد.
وقدر مسؤولون في منظمة الأغذية والزراعة (فاو) أن سوريا ستكون بحاجة 1.5 مليون طن على الأقل من واردات القمح، بينما صرح النظام بأنه يستهدف شراء 1.2 مليون طن من الإنتاج المحلي، وهو "هدف" يبدو غير واقعي وبعيد المنال.
عبد الله خضر، 49 عاما، صاحب أراض ومزارع في محافظة الرقة، يؤكد أن قلة الأمطار تعني بلا شك أن محصول القمح لهذه السنة سيكون ربع ما كان عليه العام الماضي.
بينما يقول مصطفى الطحان (36 عاما) وهو مزارع في ريف حماة الشمالي: "زرعت 80 دونما (8 هكتارات) على أمل أن يكون موسما جيدا"، مشيرا إلى أن فقد كل شيء وكانت الغلة سيئة للغاية مع القليل من الأمطار.
وفي ظل نقص إنتاج القمح، بات الشح في الخبز هاجسا مسيطرا على المشهد، جسدته طوابير الانتظار الطويلة أمام الأفران.
ووفقا لبرنامج الغذاء العالمي فإن 12.4 مليون سوري، أي أكثر من 60٪ من السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي والجوع، وهذه الأرقام الصادرة حديثا تمثل ضعف الأرقام لعام 2018.
ومما يزيد المشهد قسوة، أن الارتفاع الجنوني لأثمان جميع السلع الغذائية زاد من اعتماد الناس على الخبز كونه "البديل الأرخص" لملء البطون الجائعة.
ولا يزال حوالي 70٪ من إنتاج القمح خارج سيطرة النظام، في مناطق سيطرة الفصائل الكردية، ورغم سعي النظام للاستحواذ على قسم من إنتاج هذه المناطق، فإن ذلك يبدو مستعبدا، حيث لا تتوقع "الإدارة الذاتية" بقيادة الأكراد أن تجني من القمح هذه السنة سوى نصف الكمية التي جنتها العام الماضي (المقدرة بـ850 ألف طن)، نظرا لشح الأمطار وانخفاض منسوب المياه في نهر الفرات.
وطرحت "الإدارة الذاتية" سعرا للقمح أعلى من ذلك الذي طرحه النظام، في محاولة لقطع الطريق على الأخير، كما أصدرت هذه الإدارة تعليماتها المشددة بمنع نقل القمح خارج مناطق سيطرتها.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية