نال الصحفي السوري الشاب "سلطان جلبي" جائزة "سمير قصير" لحرية الصحافة في دورتها الـ 16 عن فئة الصحافة الاستقصائيّة للعام الحالي 2021 وتحقيق بعنوان "تجارة الاعتقال في سجون ومعتقلات النظام السوري".
وتمنح جائزة "سمير قصير" التي يقدمها الاتحاد الأوروبي كل عام لأفضل مقال رأي وأفضل تقرير استقصائي وأفضل تحقيق إخباري سمعي وبصري.
وشارك فيها منذ إطلاقها عام 2006 نحو 2500 صحفي وصحفية من الشرق الأوسط ومنطقة الخليج وشمال افريقيا، وشهدت دورة هذا العام مشاركة 206 صحافيين من سوريا، الجزائر، البحرين، مصر، العراق، الأردن، لبنان، ليبيا، المغرب، فلسطين، تونس، واليمن.
وتنافس 66 مرشّحاً عن فئة مقال الرأي، و88 عن فئة التحقيق الاستقصائي، و52 عن فئة التقرير الإخباري السمعي البصري.
ولد "جلبي" في القامشلي عام 1985 وعاش فيها سنوات قبل أن ينتقل إلى دمشق ليدرس علم الاجتماع، وحصل على دبلوم التخطيط التنموي من معهد التخطيط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية عام 2010، ثم أكمل دراسة الماجستير، وعند اندلاع الثورة شارك في الحراك السلمي مع تنسيقية جامعة دمشق، وكانت بدايته الفعلية في الصحافة المكتوبة عام 2012، وعمل مراسلاً لتلفزيون "أورينت" في الحسكة وكذلك لتلفزيون "أخبار الآن" ومع العام 2014 بدأ العمل مع وكالة "سمارت" كما نشر في صحيفة "الحياة" اللندنية، وفي موقعي "درج ميديا" و"حكاية ما انحكت".
وبعد انقطاع لسنوات عن العمل البحثي في الدراسات الاجتماعية عاد ويعمل حالياً في مركز سياسيات وبحوث العمليات (obc).
وحول فكرة تحقيقه الاستقصائي الفائز روى الصحفي "سلطان جلبي" لـ"زمان الوصل" أنها بدأت منذ سنوات بعد أن تعرف على طبيب كان يعالج مصابي المظاهرات بسبب العنف وإطلاق النار من قبل قوات النظام وتم اعتقاله للأسف بطريقة دراماتيكية ليطلق سراحه بعد أربعة أشهر من الاعتقال في حالة نفسية وجسدية يُرثى لها.
وأضاف محدثنا أن الطبيب المفرج عنه روى له صوراً مؤلمة من التعذيب والإهانات التي كان يتعرض لها، ولكن ما لفت نظره قوله أن أهله اضطروا لدفع 4 مليون لإخراجه من المعتقل.
وهنا بدأ "جلبي" يتابع هذا الموضوع ويتتبع قصص ابتزاز النظام لأهالي المعتقلين، وتبين له أن أغلبية من تحدث لهم تعرضوا لمثل هذا الابتزاز وبعضهم اضطر لبيع أملاكهم وكل ما يملكون لتأمين المبالغ المطلوبة منهم من قبل ضباط وسماسرة الاعتقال، مضيفاً أن موضوع الابتزاز كان مغيباً رغم أنه منهجي ومنظم لدى النظام وكان عليه -كما يقول- أن يقارب هذا الموضوع من كافة جوانبه لتقديم رؤية متماسكة وعميقة له.
ولفت محدثنا إلى أن تحقيقه الذي ساعده فيه عدد من الزملاء تضمن مقاربة استقصائية لعدد كبير من المعتقلين والمختفين قسرياً ومعاناة عائلاتهم، ومن خلال العينة التي قاربت الـ 100 عائلة تم تقدير حجم هذا السوق وكمية الأموال التي دفعت لضباط وسماسرة النظام.
وكشف "جلبي" أن إعداد التحقيق والعمل عليه تطلب شهوراً عدة وكان التحقيق بمثابة تحدٍ في إقناع أهالي المعتقلين لكشف مالديهم، وتضمن التحقيق عينات من ريف حلب وريف دمشق وحمص وإدلب ودير الزور. وكشف معد التحقيق أن تحقيقه توصل إلى أن مجمل المبالغ التي يتم ضخها في هذا السوق تصل إلى ألفي مليار ليرة سورية ويعادل هذا المبلغ الضخم نصف موازنة النظام لعام 2020 و4 أضعاف كتلة الرواتب التي أعطيت للموظفين في كل القطاعات في العام ذاته.
وحول ظروف إنجاز التحقيق الفائز وفكرة المشاركة في جائزة "سمير قصير" أوضح "جلبي" أن تحقيقه أنجز في نيسان ابريل/ 2020، ونُشر في موقع (حكاية ما انحكت) وتم تقديمه بعد عام إلى الجائزة، وكان أمامه-كما يقول- العديد من الخيارات فيما يتعلق بالتحقيقات التي سيشارك فيها ومنها تحقيق بعنوان "تزييف العدل" يسلط الضوء على محاولة المؤسسات القضائية التابعة للنظام في تأمين تغطية "قانونية" لكل الانتهاكات والممارسات غير القانونية بحق المعتقلين وأهاليهم.
ولكنه أرتأى أن يشارك بتحقيق "تجارة الاعتقال" لما لهذا الموضوع من أهمية بين الناس وأمام الرأي العام العالمي ويكشف جانباً مظلماً آخر من قضية الاعتقال في سوريا وأداء النظام وسلوكه غير الأخلاقي رغم سعيه لإظهار نفسه على أنه دولة قانون ونظم مؤسساتية.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية