أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"جاك عبد الله".. ورّاق دير الزور الجريء الذي قضى تعذيباً في زنازين الأسد

كانت مكتبته قبلة المثقفين وهواة الفكر والثقافة

دفع المعارض السوري "جاك عبد الله" الملقب بـ"وراق دير الزور" ثمناً غالياً جراء معارضته لنظام الأسد، بدءاً من التضييق في لقمة العيش ومحاولة إسكاته بأي طريقة واتهامه تهماً لا أساس لها من الواقع، واعتقاله أكثر من مرة ليقضي في الأخيرة تحت التعذيب داخل فرع الأمن العسكري بتاريخ 13 أيار مايو/2015 بتهمة التحريض على الثورة، حاله كحال مئات الآلاف من السوريين الذي لم يرتضوا الذل والهوان وتاقوا إلى شمس الحرية والكرامة دون أن يعرفوا أن حياتهم ستكون الثمن.

وورد اسم "جاك جرجس عبد الله" ضمن قائمة أسماء 8000 شهيد تم تصفيتهم في سجون النظام تحت التعذيب التي نشرتها "زمان الوصل" عام 2018، وورد في بيانات الاسم أنه استشهد بتاريخ 11/5/ 2015 سبب الوفاة اعتقال + تعذيب مدني من دير الزور.

ولد "جاك عبد الله" في مدينة دير الزور عام 1947 من أسرة مسيحية سريانية تعمل في تجارة القماش وكانت عائلته من أشهر تجار القماش في دير الزور، وعند وفاة والده كان يدرس في الجامعة فاضطر لتركها وتفرغ لإدارة المحل الذي يقع في شارع "حسن الطه" وكان -كما يروي صديقه "أحمد الرمح" لـ"زمان الوصل"- منتمياً إلى حزب يساري، ولكنه أقرب إلى التوجه القومي العروبي، ولديه اهتمامات كبيرة بالفكر والثقافة والسياسة والقراءة.

وأضاف محدثنا أن الراحل "جاك" حوّل المحل الذي ورثه عن والده إلى مكتبة أطلق عليها اسم "الكواكبي"، وكان يبيع الكتب للناس بأسعار رخيصة وأحياناً بالتقسيط وربما مجاناً وبخاصة كتاب "طبائع الاستبداد" للمفكر "عبد الرحمن الكواكبي"، وكانت جملته المشهورة التي يلقيها على من يدخل مكتبته: "لا يهم النقود، المهم أن تقرأ"، لذلك كانت مكتبته قبلة المثقفين وهواة الفكر والثقافة.

وأردف محدثنا أن جاك "كان مناضلاً سلمياً ضد العنف والاستبداد وبالمقابل كان صلباً جداً حيال آرائه ومعتقداته الفكرية وغير قابل للمساومة أو التنازل عنها، مناهضٌاً لكلّ ما يمتّ إلى البعث بصلة".

واستذكر الرمح جانباً من حياة "عبد الله"، حيث كان يعمل مع مجموعة من شبان دير الزور عام 2000 في تكوين موقف عام عن موضوع العراق والاحتلال الأمريكي، وكان يجمع كل ما يكتب عن سوريا في الخارج من المواقع الإلكترونية، حيث كان الإنترنت في سوريا نادراً حينها بسبب تكاليفه الباهظة.

ويقوم بتصوير ما يكتب عن سوريا أو الاستبداد في الصحف والمجلات التي كان يبيعها في مكتبته ويقوم بتوزيعها مجاناً، وخفية عن أعين المخبرين على مرتادي مكتبته تحت اسم:"نشرة جاك"، كما كان يوزع نشرة عن المعتقلين يصدرها المرصد السوري لحقوق الإنسان، وعندما عرف النظام بتوزيعه لهذه النشرة قامت الأجهزة الأمنية بمداهمة منزله ومصادرة النشرات وآلات التصوير، وتم اعتقاله لفترة، وأفرج عنه لكونه مسيحياً ولا يريد النظام أن يؤلب هذه الأقلية عليه.

وتابع محدثنا أن النظام أراد إغلاق المكتبة، لكنه لم يجد مبرراً له إلا من خلال قطع الكهرباء عنها بحجة عدم دفع الفواتير بعد أن صدرت فاتورة شهرين بقيمة 64 ألف ليرة سورية، وهو مبلغ خيالي وغير واقعي آنذاك، وقدّم شكوى ليتم إصلاح الخطأ، وبعد أيام وأسابيع من المراجعات لم يحصل "جاك" على حقه، بل وأصرّ العاملون في الشركة على أن تأشيرة العداد صحيحة والفاتورة لا غبار عليها.

وللعلم فإن ذلك المبلغ كان يتجاوز مرتب موظف من الدرجة الأولى في تلك الأيام، وبعد قطع الكهرباء ونزع العداد من المكتب بدأ جاك باستخدام الشموع رافضاً كعادته الانصياع لقرار النظام.

وأردف "الرمح" أن النظام عندما وجد تعنّت "جاك"، وعدم إمكانية اعتقاله لأنه مسيحي رفعت عليه دعوة بحجة رفض دفع فاتورة الكهرباء والتمرد على قرار الدولة، وبعد سنتين صدر قرار من بلدية دير الزور بإغلاق المكتبة بالشمع الأحمر لهذا السبب، فاستأنف "جاك" القرار، ولكن المحكمة رفضت الاستئناف، فأخرج محتويات مكتبته إلى الرصيف المقابل لها.

واستدرك المصدر أن النظام عندما لم يجد حجة لإسكات "جاك" لفق له تهمة أنه يقوم بطبع إجابات امتحانات الطلاب (روشتات) ويبيعها فتم اعتقاله من جديد، ولكنه خرج بعد فترة، وكان المعارض الصلب -بحسب صديقه الرمح- يقوم بتعليق رسومات كاريكاتيرية لـ"ناجي العلي" و"علي فرزات" ذات الطابع السياسي الساخر من الأنظمة العربية بشكل عام، على واجهة محله المغلق.

وتابع محدثنا أن الراحل "جاك" لم يترك مظاهرة سلمية إلا شارك فيها منذ العام 2000 مع بدء الحرب على العراق، وشارك كذلك في كل النشاطات المعارضة التي كانت تقام في الخفاء داخل بيوت الناشطين.

بعد اندلاع الثورة ضد نظام الأسد كان "جاك" من أوائل المشاركين فيها ويتقدم المظاهرات ويهتف مع الهاتفين "واحد واحد.. واحد..الشعب السوري واحد" و"ثورة مدنية.. إسلام ومسيحية"، وكانت الفرصة الذهبية للنظام لاعتقاله بتهمة التحريض على الثورة -حسب الرمح- مضيفاً أن عناصر من الأمن العسكري داهموا منزله بتاريخ 4-11-2014، وبعد موجة من التعذيب والتنكيل أصيب "أبو عبد الله" في الشهر الأول من اعتقاله بالشلل، وبقي كذلك إلى أن قضى في 13 أيار مايو/2015 داخل فرع الأمن العسكري، وهو الفرع الأكثر قذارة ووحشية بين أفرع أمن النظام السوري قاطبة، وادعت مخابرات النظام أنه مات بجلطة قلبية.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(179)    هل أعجبتك المقالة (126)

صدام الناصري

2021-06-05

احمد الرمح لم يكن من المترددين على المكتبة وجاك لم يشارك باي مظاهرة وللتاريخ معلومات مهمة جدا سوف ارد فيها على الموضوع ستغير كل ماذكره.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي