أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مؤسسة ثقافية تحتفي بالمسرحي الراحل "سعد الله ونوس"

نظمت "مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية" يومي الثلاثاء 25 والأربعاء 26 ايار -مايو الجاري الملتقى الفكري الافتراضي الموسع عن الكاتب المسرحي الراحل سعد الله ونوس بعنوان "الأمل ينتصر والحلم يستمر"، وذلك بمشاركة كوكبة من أقطاب المسرح العربي الذين شاركوا بأبحاث وشهادات لخصت نهج ونوس المسرحي ورؤيته المستقبلية ووقفت عند أبرز محطات حياته ومسرحياته، وحضر الملتقى  نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية الدكتور "سليمان موسى الجاسم" والأمين العام للمؤسسة "عبد الحميد أحمد" والدكتورة "فاطمة الصايغ" عضو مجلس الأمناء وجمهور كبير من المثقفين والمهتمين، وأشار الجاسم في كلمة له إلى أن مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية دأبت على تنظيم الملتقيات الفكرية احتفاءً بالمبدعين الراحلين عن عالمنا ممن فازوا بالجائزة في مختلف حقولها، وذلك تقديراً منا لأدوارهم الرائدة في الثقافةِ العربية، وتأكيداً على قيمتهم الفكريةِ الملهِمة التي ساهمت في إعلاء الكلمة وتعزيز حضورها المستقبلي.

وأردف ان تنظيم هذا الملتقى الفكري الموسع عن الكاتب المسرحي الراحل سعد الله ونوس هو بمثابةٍ تحيةَ تقديرٍ واعتزازٍ لهذا المبدع العملاق، الذي أعطى للمسرح العربي وجهاً أصيلاً، وأَلهمَ أجيالاً من المبدعين ليسيروا على ذاتِ الدرب.. دربُ العطاء المخلصِ للإنسان وقضاياه وحقوقه وقيمته البشرية المطلقة..وتابع أن الكاتب الراحل اراد أن نتمسكَ بالأمل لأنه بصيصُ الضوء في نهايةِ النفق، وأراد أن نستمرَ في الطموح والتطلعِ لغدٍ أفضل، وليست مسرحياتُه الانتقادية إلا محاولةً لوضع الأصابع على الجرحِ أو الإشارةِ إلى مواقع الخلل في سيرورتنا التاريخية."ثم قدم الكاتب المسرحي فرحان بلبل بحثاً بعنوان "كيف يبني سعد اللـه ونوس مسرحياته" ذكر فيه أنه قال لونوس: (إن الحكاية أصل في كل مسرحية). فقال: (هذا ليس صحيحاً. الحكاية وسيلة وليست غاية بذاتها). وقد ظل سعد اللـه يُنكِر الإسراف في إعطاء الحكاية أهمية كبيرة. لكنه في الوقت نفسه واحد من أكثر الكتاب المسرحيين العرب اهتماماً بالحكاية.

وبدوره قدم الكاتب والمخرج المسرحي عبد الإله عبد القادر شهادة شخصية بعنوان "عنق حنظلة على الخشبة" أشار فيها إلى أن سعد الله ونوس رجل مثقف موسوعي وعميق في معرفته، وواعٍ لكل ما يدور حوله، لذا جاءت مسرحياته تلامس عقل الإنسان العربي وضميره، بلا ضجيج ولا انفعالات ولا شعارات.

أما الدكتور "حسن يوسفي" فاعتبر في ورقة بعنوان "مساحات الحلم والأمل في مسرح سعد الله ونوس" أن الأمل بمثابة الرهان الأكبر لتجربة إبداعية مسرحية نضجت على نار هادئة، وعرف سعد الله ونوس كيف يحولها إلى "ذاكرة نبوءات"، تستشرف الآتي، وتتطلع نحو المأمول في المستقبل، وتجسد، فعليا الفكرة التي تقول إن "الأمل ينتصر، والحلم يستمر".

ثم قدم الكاتب المسرحي والفنان "عبد الله صالح" شهادة فنية بعنوان "رحلة النضوج" حيث التقى ونوس في دمشق " فقال:"هاهو ونوس يقف مبتسماً هو الاخر ويصفق لنا بحرارة ثم يعتلي المسرح ليهنئنا على ادائنا. كانت سعادتي وقتها لا توصف وانا ارى هذا العملاق امامي يشاهدنا ويصافحنا".

واختتمت مشاركات اليوم الأول التي أدارها  الدكتور "حبيب غلوم" ببحث قدمه الشاعر والكاتب المسرحي "بول شاوول" بعنوان "سعد الله ونّوس في درب الجلجلة محكوماً بالألم" أشار فيها أن نتاج ونوس يدخل في مشروع متكامل العناصر والمواصفات، يحاول من عمل إلى عمل أن يرسّخ معاني الانسجام والتناغم، ليؤلّف في النهاية عملاً واحداً، متعدد النبرات، غنيّ الإشارات، مفتوحاً على الحياة والزمن بتجلياتهما ومآسيهما.

وفي اليوم الثاني للملتقى افتتحت الدكتورة "ابتهال الخطيب" المشاركات ببحث عنوانه "من حيرة ذلك المخلوق الخائف.. حيث يبدأ مسرح سعدالله ونوس… ولا ينتهي" وجاء في بحثها أن من غرائب الأقدار ومفارقاتها المؤثرة المعبِّرة أن كانت أولى مسرحيات سعدالله ونوس هي آخرَها كذلك.

 ثم قدم الفنان أحمد الجسمي شهادة فنية بعنوان "تجربتي مع نصوص سعد الله ونوس" مشيراً إلى أن نصوص سعدالله ونوس المسرحية تنتمي إلى النصوص المسرحية العالمية، وإنها لا تقل قيمة في جوانبها الفنية والإنسانية عن النصوص المسرحية التي ألفها الكاتب المسرحي العالمي أوزفالدو دراجون".

وفي بحثه المعنون "سعد الله ونوس.. الريادة الثانية في المسرح السوري " قدم الكاتب والناقد المسرحي نجم الدين سمان إضاءة إضافية لمسرح ونوس حيث قال "تتبدّى التأثيرات البريختيّة في تجربة سعد الله ونوس - وبخاصةٍ في مسرحيته "حفلة سمر من أجل 5 حزيران"؛ ومعها ستتبلور مرحلة مسرحه السياسيّ تأسيساً على نظرية بريخت في المسرح.

وشاركت ابنة سعد الله ونوس الروائية "ديما ونوس" بشهادة وجدانية مؤثرة تحت عنوان "بحثاً عن الجملة السحرية"، قالت فيها: " العتبة بين حياته وحياتي لم تكن موجودة. لا أعرف ان كان قد ردمها والدي، أم أنها لم تكن موجودة أصلاً. أو أن حياته ألغت المسافة مع حياتي، لمعرفتها بأنها ستكون قصيرة".

واختتمت المشاركات بشهادة شخصية للفنانة القديرة "نضال الأشقر" بعنوان "صداقة حنونة.. لا تنسى". حيث قالت "عرفت سعد الله ونوس في أواخر الستينات في بيروت وهو يقدّم عمل "حفلة سمر من أجل خمسة حزيران"، ولا شك أنه أدهش الجمهور بهذا العمل المختلف ذو اللغة المختلفة و ذات السمة الارتجالية التي كانت قد بدأت كنوع جديد في تلك الحقبة".

وحول مشاركته في الملتقى أشار الكاتب "نجم الدين سمان" لـ"زمان الوصل" إلى أن سعد الله ونوس هو الرائد الثاني للمسرح السوري بعد أبي خليل القباني؛ وكلاهما ساهم في تأصيل المسرح عربياً؛ كلٌّ بحسب طريقته وزمنه الذي عاشه؛ وبينما أسّس القباني للمسرح الغنائي العربي؛ أسّس ونوس المسرح السياسي الملحمي؛ ثم عمّقة في أعماله الأخيرة بحفرياته في المجتمع العربي من خلال فضح ثنائية التحالف بين السلطة السياسة ورجال الدين.

ونوّه سمان إلى أن  لمسرحيات ونوس امتداد عربي.. حين قامت فرق مسرحية عربية كثيرة بانتاج نصوصه المسرحية؛ وكذلك كان له حضور عالمي حيث ترجمت مسرحياته إلى كثير من اللغات؛ وقدمت بعض أعماله فرق من روسيا وفرنسا وسواه؛ بالإضافة الى كونه المسرحي العربي الوحيد حتى الآن الذي تم تكليفة بكتابة كلمة يوم المسرح العالمي؛ وفيها الجملة الشهيرة له: "إننا محكومون بالأمل، وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ". وعبر محدثنا عن اعتقاده  بان اعمال ونوس الأخيرة تؤعله لجائزة عالمية كبرى مع مجمل نتاجه المسرحي لولا ان مرض السرطان قد خطفه.

وأشار سمان إلى أنه حاول من خلال دراسه التي شارك فيها بالملتقى  انجاز بانوراما شاملة عن مراحل تبلور نتاجه المسرحي؛ منذ بداياته الأولى مطلع ستينات قرن مضى؛ مرورا بمرحلة مسرحه السياسي؛ وتأسيسه للمسرح التجريبي مع رفيق رحلته المخرج فواز الساجر؛ ثم مرحلة مسرحه السياسي/ الاجتماعي؛ بالاضافة الى مراحل صمته المسرحي؛ حيق مرّ بسنوات لم يكتب فيها نصاً مسرحياً؛ وكان يراحع نفسه قبل ان تتبلور مرحلة جديدة في حياته التي نذرها للمسرح حياة وكتابة وإدارة.. كما فعل بتاسيسة لمهرجان دمشق المسرحي ولمجلة الحياة المسرحية كما للمسرح التجريبي.

وكان المسرحي الراحل سعد الله ونوس قد فاز بجائزة سلطان بن علي العويس الثقافية في حقل القصة والرواية والمسرحية الدورة الأولى (1988 ـ 1989) وجاء في حيثيات الفوز (سعد الله ونوس يتعامل مع الواقع العربي برؤية واضحة من الناحيتين النظرية والعملية، واعية لدور المسرح في تعميق الإحساس الجماعي بالمصير التاريخي).

ومن المزمع أن تقوم مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية إصدار كتاب يتضمن كل المشاركات في الملتقى وفق خطتها الرامية إلى توثيق جميع الندوات والمؤتمرات في كتب تصدر بشكل دوري خدمة للباحثين والمهتمين ولتسد فراغاً في المكتبة العربية.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(199)    هل أعجبتك المقالة (189)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي