أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن نظام الأسد يُهدد ويعتقل ويعذب أهالي النشطاء السياسيين والعسكريين المعارضين على نحوٍ مشابه لأساليب المافيا، مشيرة إلى إجبار والد الطبيبة الناشطة "أماني بلُّور" على الظهور في الإعلام الرسمي وتبني رواية الأجهزة الأمنية.
وقالت في تقرير لها إن النظام لم يكتفِ بعمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب الوحشي بحق المعارضين سياسياً على خلفية الحراك الشعبي، بل إنه قد أجبرهم تحت التعذيب والترهيب على الظهور على شاشة الإعلام الحكومي أو الموالي للنظام والإدلاء بتصريحات وفقاً لما تمليه عليهم الأجهزة الأمنية، وفي كثير من الأحيان لجأ في مناطق سيطرته إلى أهالي المعتقلين أو نشطاء سياسيين خارج سوريا، وأجبرهم على الظهور على وسائل الإعلام والتبرؤ من أولادهم واتهامهم بالعمالة للغرب ودعم الإرهاب وغير ذلك من الاتهامات المعلبة التي يرددها النظام والتابعون له.
وفي هذا السياق سجل التقرير ما لا يقل عن 364 حالة ظهور إعلامي لمعتقلين لدى النظام، أو لأهالي نشطاء سياسيين أُجبروا على الحديث عبر وسائل الإعلام الحكومية أو الموالية للنظام بما فيها وسائل إعلام تابعة لحزب الله وإيران وروسيا، وقد تحول قرابة 300 منهم إلى مختفين قسرياً.
وذكر التقرير أن قناة "الإخبارية" وخدمةً لسردية النظام كانت قد عرضت في 20 نيسان/أبريل 2021 فيلماً وثائقياً حمل عنوان "من النفق إلى النور" يهدف بشكل رئيس إلى إيصال رسالة بأنَّ النظام لم يقُم باستخدام أسلحة كيميائية على منطقة الغوطة الشرقية بمحافظة ريف دمشق، واستجلبت الأجهزة الأمنية عدداً من العاملين في المشافي الميدانية في الغوطة الشرقية والذين بقوا بعد أن سيطر النظام عليها، وقد أمرتهم الأجهزة الأمنية بتأدية هذه الأدوار مقابل عدم تشريدهم قسرياً أو اعتقالهم وتعذيبهم.
وقال التقرير إن الفيلم عمدَ إلى تشويه صورة الطبيبة "أماني بلُّور" والطبيب "سليم نمور"، اللذين عملا على إسعاف الجرحى والمصابين من قصف النظام السوري بالأسلحة الكيميائية والأسلحة التقليدية على مدى سنوات طويلة، وخدمة لهذا الهدف المنحط، قام النظام السوري باستدعاء والد الطبيبة "أماني بلُّور" الذي بقي في الغوطة الشرقية ولم يتشرد منها، وطلب منه الظهور في الفيلم والتحدث لصالح رواية النظام في نفي الهجمات الكيميائية والقول بأنها هجمات مصطنعة ومفبركة من قبل الإرهابيين.
وتعمَّد النظام الإساءة وتشويه صورة الطبيبة نظراً للدور الكبير الذي لعبته خلال وجودها في "مشفى الكهف"، وبعد تشرديها قسرياً من الغوطة الشرقية عقبَ سيطرة النظام عليها بعد هجومه الكيميائي على مدينة دوما في نيسان/أبريل 2018.
وعرض التقرير أبرز إنجازات الطبيبة الناشطة "أماني محمد بلُّور"، التي جعلت النظام يستهدفها وعائلتها، والتي كان آخرها مشاركتها في جلسة خاصة لمجلس الأمن، عن الوضع الإنساني في سوريا، التي أدلت خلالها بشهادتها عن هجوم النظام بالأسلحة الكيميائية على غوطتي دمشق في 21 آب/أغسطس 2013.
وأضاف التقرير أن النظام عاقب المعارضين السياسيين له بشتى الأساليب، ولعلَّ استهداف العائلة والأصدقاء والأقرباء كان من أشدِّ الأساليب وحشية، الأمر الذي يُشير إلى أنه ليس نظام سياسي دكتاتوري فحسب، بل هذه التصرفات الهجمية عادة ما تلجأ إليها المافيا. وطبقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 20847 شخصاً بينهم 13 طفلاً و27 سيدة لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى قوات النظام السوري على خلفية صلات القربى التي تربطهم بنشطاء في الحراك الشعبي أو معارضين للنظام السوري منذ آذار/ 2011 حتى 21 أيار/ 2021.
ويشكلون قرابة 16 % من حصيلة المعتقلين أو المختفين قسرياً لدى قوات النظام السوري، ومن بينهم ما لا يقل عن 137 شخصاً تجاوزت أعمارهم السبعين عاماً. بينما بلغت حصيلة من تعرضوا للاعتقال على خلفية صلات قربى تربطهم بمطلوبين للنظام وأفرج عنهم لاحقاً ما لا يقل عن 7929 شخصاً بينهم 147 طفلاً و180 سيدة.
كما أكَّد التقرير أن النظام السوري أجبر أقرباء النشطاء السياسيين الموجودين في مناطق سيطرته على الظهور على وسائل الإعلام الموالية له، والحديث وفقاً لما تمليه عليهم الأجهزة الأمنية بما في ذلك إدانة أقربائهم، والتبرؤ منهم. كما استولى بالمطلق على جميع وسائل الإعلام الحكومية وسخَّرها لنفي الانتهاكات التي مارسها ولصقها بالإرهابيين، في سعي منه لخلق حالة من الضبابية والجدل والتشكيك.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية