بعد أن غزا قلوب الملايين واكتسح مقطعه العالم.. "أبو ضحكة جنان" يرحل

في ستينات القرن الماضي، أطلق المطرب السوري "فريد الأطرش" إحدى أغنياته التي مطلعها "يا بو ضحكة جنان"، متغزلا بضحكة المحبوب وداعيا إياه إلى إعادتها مرات ومرات "اضحكها كمان وكمان وكمان"... وبعد عقود عرف الناس عبر وسائل التواصل شخصا استحق بالفعل أن ينال لقب "أبو ضحكة جنان"، فتداولوا مقطعه الضاحك و"طبقوا" عليه ما لايحصى من النصوص، لكن ضحكة هذا الشخص بقيت الشيء الثابت والجاذب الأساسي في كل تلك المقاطع.

بقيت هذا المقاطع تغزو العالم الافتراضي وتدور ثم تدور في أرجاء الكرة الأرضية، دون أن يدرك ملايين من شاهدوها صاحبها.. صاحب الضحكة المجنونة والغريبة، ولا حتى عما كان يتحدث أصلا بلغته الإسبانية، إلى أن فوجئ الكثيرون قبل ساعات بأن الرجل الذي أسعدهم وأدخل البسمة إلى حياتهم، قد توفي متأثرا بمرضه، فعرفوا عند ذلك أن اسمه "خوان خويا بورخا"!، وأنه اشتهر بلقب "إل ريسيتا"، وهي للمفارقة كلمة تعني الضحكة المجنونة، التي يمكن أن تنطلق لأي سبب، بل وحتى دون سبب.

أما القصة الأصلية التي كان يرويها "بورخا" في ذلك المقطع الذي انتشر كالنار في الهشيم، فهي تدور حول العمل، وكيف أنه لم يشتغل طوال 45 عاما (كان عمره يوم تصوير المقطع 45 عاما) سوى 7 سنوات.

يومها أخبر المذيع والحاضرين أنه لم يشتغل طوال عمره سوى قرابة 7 سنوات، وأضاف بسخرية فاقعة إن أول ما كان يسأل عنه عند توليه أي عمل هو عدد أيام العطلات التي يحق له التمتع بها!

وعندما سأله المذيع عن أصعب عمل مارسه، انخرط الممثل الكوميدي في رواية تفاصيل صغيرة ومضحكة عن عمله في تنظيف الأواني لدى مطعم على إحدى الشواطئ، وكيف رفض تنظيف 20 مقلاة شديدة الاتساخ، ثم هداه تفكيره لرميها في البحر ليتولى تنظيفها تلقائيا، عندما يمر عليها بمائه المالح!

اقترح "إل ريسيتا" تلك الفكرة المضحكة والمجنونة على رئيسه في العمل، فوافقه شرط أن يربط الأواني بشكل جيد وأن لا ينسى مكانها، وفي اليوم التالي أيقظه "الشيف" ليحضر تلك الأواني من البحر فذهب بشعره المنفوش وثياب السباحة والشبشب فلم يجد سوى مقلاة واحدة... وهنا انفجر "إل ريسيتا" بضحكته التي عبرت القارات والقلوب وصارت "علامة مسجلة" عصية على التقليد، ولا تشبه سوى نفسها، ونفسها فقط.

لم تكن طريقة "إل ريسيتا" في الضحك هي المميزة فقط، بل حتى حركات جسده وطريقة روايته للمواقف التي مر بها، بلكنة "أندلسية" شائقة، ولكنها في نفس الوقت تشق أحيانا حتى على الإسبان، حتى إن المذيع التبست عليه إحدى الكلمات، فطلب من الممثل أن يوضحها له وللجمهور، حتى يفهموا ما يقول.

اللافت أن "إل ريسيتا" الذي أضحك عشرات وربما مئات الملايين، توفي (عن عمر 65 سنة) بطريقة مأساوية بعد معاناة شديدة مع المرض، الذي استدعى بتر إحدى ساقيه، دون أن نعلم إن كان صاحب الضحكة المجنونة قد استطاع الحفاظ على ضحكته حتى آخر أيامه.

وقد اجتاحت رواد كثيرون لمواقع التواصل موجة من الحزن على موت الرجل صاحب الضحكة الأشهر في عالمنا، وعبروا عن ذلك بجمل مختلفة لعل من أقواها: ضحك فضحكنا، ومات فبكينا.

زمان الوصل
(293)    هل أعجبتك المقالة (282)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي