أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تقرير يدرس أوضاع الأطفال السوريين في هولندا خلال 10 سنوات

جرماني

أنجزت منظمة "أنقذوا الطفل -Save the Children" مؤخراً تقريراً بعنوان "كيفك" حول أوضاع الأطفال السوريين في هولندا خلال 10 سنوات، ومن المقرر أن يقدم البحث الذي شارك فيه الباحثة والكاتبة السورية "د. آراء جرماني" إلى جانب الباحثتين الهولنديتين "Juliette Verhoeven" و"Caroline Scheffer" إلى البرلمان والجهات المعنية بالطفل في هولندا، وتوصل البحث الذي شمل أكثر من 100 طفل في الفئات العمرية ما بين 12 و17 سنة إلى ضرورة "دعم الترابط الاجتماعي بين الطفل السوري وأسرته" و"تشجيع الممارسات غير التمييزية" و"تقوية لغة الطفل"، و"تحسين الصحة النفسية وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي".

ومنظمة "Save the children" هي منظمة عالمية تأسست بعد الحرب العالمية الأولى، وكان هدفها إنقاذ الأطفال الذين عايشوا الحرب، وبعد تتالي الحروب أنشأت المنظمة فروعاً لها في عدة دول، وبعد اندلاع الحرب في سوريا تواجدت المنظمة في بلدان لجوء السوريين كالأردن ولبنان وتركيا والمناطق المحررة في الشمال السوري، وكان هدفها إغاثة الأطفال السوريين بمستلزمات العيش والتعليم والاهتمام بالرعاية الصحية والصحة النفسية، ودأبت المنظمة -كما تقول المشرفة الرئيسة على البحث د. آراء جرماني- على إنجاز دراسات للوقوف على احتياجات الأطفال ومطالبهم، وكيف يمكنهم تجاوز الآثار النفسية للحرب، وكيف يمكن أن يكون لديهم مقاومة نفسية ليستمروا في الحياة ويكونوا أشخاصاً منتجين في المستقبل.

وأردفت "جرماني" لـ"زمان الوصل" أن المنظمة المذكورة بدأت مؤخراُ بالتفكير بالرعاية النفسية للأطفال إلى جانب رعايتهم في الصحة الجسدية والتعليم والغذاء، فبدأت بمشروع دراسة أوضاع الأطفال الموجودين في مناطق النزوح في الشمال السوري ودول الجوار السوري كالأردن ولبنان وتركيا وشمال العراق لمعرفة مدى تضرر هؤلاء الأطفال نفسياً وما أكثر ما يضايقهم، هل هي الحرب أم مخلفاتها أم منطقة النزوح التي وجدوا فيها للتوصل إلى نتائج متعلقة بالدعم الذي يمكن تقديمه لهم وبنفس الوقت الأطفال الذين لجأوا إلى هولندا ومن هنا -كما تقول جرماني- بدأت الفكرة، حيث تم إنجاز بحث شمل الأردن ولبنان وتركيا والشمال السوري المحرر وهولندا.

ولفتت محدثتنا إلى أن هذا البحث تم بطريقتين: الاستطلاع العددي والمقابلات النوعية، ففي الطريقة الأولى تم استطلاع 1900 طفل في الدول المذكورة.

ولفتت د . آراء إلى أن القائمين على البحث واجهوا تحدياً في كيفية إجراء الاستطلاع في هولندا، وكيف يمكن الوصول إلى الأطفال السوريين الذين ستشملهم الدراسة فطلبوا منها-كما تقول- أن تعمل كباحثة أساسية فيه وبدأت العمل بالفعل من شهر أكتوبر تشرين الأول أكتوبر/2020 حتى كانون الأول ديسمبر/2021، وخلال هذه الفترة تم العمل على كتابة استبيانات تحاكي الوسط الثقافي الذي يعيشه هؤلاء الأطفال في هولندا، وكذلك تم العمل على المقابلات النوعية، وكان يجب جمع الأطفال المشاركين في الاستبيانات في هولندا، ولكن واجهت فريق البحث مشكلة في قانون الخصوصية في البلاد الذي يمنع التواصل المباشر مع الأطفال إلا بعد الحصول عل موافقات من ذويهم، وللأسف رفض جزء قسم كبير من الأهالي المشاركة لارتباط مفهوم البحث في ذاكرتهم قبل اللجوء بالديكتاتورية والتقارير الأمنية فارتأى فريق البحث التواصل مع الأهالي من خلال الفيديو حيث شرحوا أهمية البحث وضرورة مشاركة أطفالهم فيه ومع ذلك لم يكن الاقبال كما هو مؤمل.

 وشارك في البحث الذي قامت به د. "آراء  جرماني" مع زميلتيها 101 طفل وهو عدد جيد نسبة لعدد السوريين الموجودين في هولندا، وتضمن الاستبيان معرفة تجارب الأطفال ذاتهم وموضوع عيشهم في هولندا ومدى قدرتهم على الاستمرار بالحياة هنا بعد خوضهم تجربة الحرب و اللجوء.

وحول اقتصار البحث على الفئة العمرية ما بين 12 و17 سنة أوضحت محدثتنا أن الأطفال في هذه المرحلة خرجوا من سوريا وهم على وعي بما يحصل في بلادهم ودخلوا هولندا وهم واعون أيضاَ لتجربة اللجوء والاستقرار فيها ولذلك فنظرتهم لمرحلة التنقل المكاني الزماني مختلفة بعكس الأطفال الأصغر سناً منهم.

وكان الاستبيان -حسب قولها- فرصة لمعرفة مدى تمتع الأطفال السوريين بحقوقهم الكاملة، ومدى اندماجهم بسياقهم الاجتماعي والثقافي والسياسي الجديد من عدمه، وما الأشياء التي تضايقهم والأشياء التي يتمنون حصولها،  ومن خلال قياس هذه المعايير يمكن معرفة كم هو لطفل السوري في هولندا مرتبط بالبلد المضيف وبمجتمعه الأساسي، وهل يحب الرجوع إلى سوريا، وكم هو سعيد بمستوى التعليم في هولندا ومدى تأقلمه مع السياق الثقافي الحديث الذي يعيشه.

وأشارت د."جرماني" إلى أن البحث توصل للعديد من النتائج الهامة ومنها أن نسبة 85 % الأطفال السوريين عندما تحدث لهم مشكلة يعودون إلى أهاليهم وكذلك عندما يواجهون تمييزاً عنصرياً، والمكان الذي يشعرون فيه بالأمان هو وسطهم العائلي والمكان الثاني أصدقائهم ثم الأستاذ المشرف عليهم في المدرسة وتالياً المنظمات المختصة برعاية الأطفال.

ومن النتائج التي أظهرها البحث أن الطفل السوري متعلق جداً بالعائلة على عكس التعليقات التي تقول إن الطفل السوري عندما جاء إلى أوروبا انعزل عن أهله وبات يطالب بحقوقه وأصبح "ابن الدولة" بدل أن يكون ابن المجتمع أو الأسرة،  بينما أثبت البحث أن الأطفال السوريين متعلقون جداً بأسرهم التي تمثل لهم الملجأ في أوقات الأزمات ويثقون بآرائهم عند وقوع المشاكل.

وتابعت "جرماني" أن الدراسة دعت في إحدى توصياتها إلى تدعيم الرابط بين الأسرة والطفل السوري ويتم تعزيز هذه العلاقة من خلال إجراء كورسات للأهل حول كيفية التعامل مع أطفالهم، وكيف يمكن التعامل معهم في أوروبا كأهالي ومساعدتهم في تشكيل هويتهم في بلد اللجوء وتجاوز تجارب الحرب التي عاشوها وأزمة الهوية الانتماء.

وشدد البحث كما تقول د. آراء على كون الأب والأم والطفل على حد سواء ضحايا حرب فقدوا اللغة والوطن وليس الطفل فحسب.

ونوّهت معدّة البحث إلى أن أكثر من 60 % من الأطفال السوريين في هولندا يتعرضون للتمييز العنصري في المجتمع وأكثر من 50 % منهم يعيشون تمييزاً عنصرياً في المدرسة، وهذا أمر مدهش في دولة مثل هولندا، وهذا يتطلب إعادة النظر في سياسة التعليم والتربية في هولندا ومنع وجود تمييز عنصري أو تنمر في المدارس الهولندية، كما يعاني بعض الأطفال السوريين في هولندا من صعوبة الاندماج وخاصة أولئك الذين يتم فرزهم إلى مدارس تقع في أماكن "بيضاء" نائية ليس فيها أماكن اختلاط ثقافي، ويجدون صعوبة في الاختلاط بسبب لونهم ولغتهم وثقافتهم.

وأظهرت نتائج البحث كذلك أن 80 % من الأطفال السوريين في هولندا لا يرغبون بالعودة إلى سوريا إلا شرط تغيير النظام وعودة الأمن والاستقرار إلى بلدهم.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(206)    هل أعجبتك المقالة (203)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي