أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

رجوع السوري إلى صباه... فؤاد عبد العزيز*

انتعشت آمال السوريين مجددا، مع توارد الإشاعات التي تتحدث عن الحجر على بشار الأسد في أحد غرف قصره، بأمر من روسيا، التي طلبت منه ادعاء الإصابة بكورونا، بعد أجواء دولية بدأت تشير إلى أن الوضع في سوريا لم يعد مقبولا الاستمرار على ما هو عليه، وأنه لا بد من تطبيق الحل السلمي وفقا للقرار 2254.

وما يدعم الآمال أيضا، هو التحركات التي شهدتها مناطق تخضع لسيطرة النظام وروسيا، والتي أخرجت مظاهرات عديدة احتفالا بذكرى الثورة السورية العاشرة، رافعة شعارات إسقاط النظام بأعلى صوتها، ومطالبة بالتغيير والديمقراطية، في وقت ظن فيه كثيرون بأن عهد المظاهرات ولى إلى غير رجعة، بينما يعني ذلك، بأن روسيا تقف قولا واحدا وراء خروج هذه المظاهرات، من أجل إيصال رسالة لجميع الأطراف، المحلية والخارجية، بأن المناطق التي تقع تحت إشرافها، ومنها محافظة درعا، تتمتع بالحرية، وهي لاتزال رافضة لوجود هذا النظام وتطالب بتغييره. 

وهناك رأي متطرف، يرى بأن الرؤية الغربية نحو سوريا، نضجت باتجاه مشروع التقسيم الفيدرالي أو التقسيم الفعلي، وأن السماح لأهالي درعا تحديدا، بالخروج والتظاهر، ما هو إلا مقدمة لضم هذا الجزء إلى الأردن أو الاستقلال بذاته، وذلك وفقا للمعلومات التي تم تسريبها عن اجتماع العقبة قبل نحو شهر، والذي ضم عددا من أجهزة مخابرات دول المنطقة والدول الكبرى، وتم فيه اتخاذ قرارات فيما يخص الملف السوري، لم يتم الكشف سوى عن معلومات بسيطة منها، تتعلق في أغلبها، بدعم الحل السياسي، فيما أكد مراقبون بأن المخابرات لا تجتمع مع بعضها البعض، إلا لرسم المخططات والمشاريع أو تطبيقها، وهي في العموم لا تجلب إلا الكوارث للدول والشعوب التي تضعها تحت مجهرها.

وقد تكون المؤشرات السابقة عن قرب الحل في سوريا، كلها بكفة، وما يجري على أرض الواقع بكفة أخرى، بدءا من انهيار الوضع الاقتصادي في الداخل، وانتهاء بالحديث عن المجلس العسكري الانتقالي في الخارج، الذي يجري التحضير له بعيدا عن وسائل الإعلام، غير أن عسكريين مقربين من هذا المجلس، أو منضوين داخله، يؤكدون بأن فكرته واقعية، وتحظى بالدعم الأمريكي والأوروبي، والروسي كذلك، وأن الإعلان عنه سوف يكون نهاية الشهر الخامس من العام الحالي، وفي أعقاب الانتهاء من عقد الجلسة السادسة للجنة الدستورية المقررة نحو منتصف نيسان القادم، والتي سيتم فيها إنجاز الدستور بضربة واحدة، رغما عن جميع الأطراف، من النظام والمعارضة. وذلك بحسب المعلومات التي مررتها روسيا عبر وسائل إعلامها.

أمام هذا الوقائع، أو هذه التطورات، يجد السوري في الخارج نفسه حائرا، والذي تقلصت مطالبه إلى حد المطالبة بأي تغيير، مهما كان شكليا، أو القبول بأي حل، المهم أن ترتاح أعصابه من هذا الضغط النفسي المتواصل منذ عشر سنوات.

و أما الشعب السوري في الداخل، فهو بات خارج كل الحسابات المصلحية لجميع الأطراف..لأن قسما لا يستهان به، أصبح  على استعداد لأن يكون بوذيا أو هندوسيا، وليس شيعيا فحسب، مقابل من يدعم ظروفه المعيشية الصعبة..ولعل إيران من أكبر المستفيدين من هذه الظروف، فهي تسابق الزمن لتجنيد أكبر عدد ممكن من الشباب السوري في التنظيمات الإرهابية التي تعمل على تشكيلها على وجه الخصوص في حلب ودير الزور، وتحت مسميات طائفية مقيتة، مقابل رواتب أصبحت مجزية بالنسبة للواقع المعيشي الصعب. 

إذا ، يمكن القول إن القطار السوري على وشك وضعه على السكة باتجاه الحل، لكن لا أحد يعرف على وجه الدقة، الوجهة النهائية لهذا القطار .. وأغلب الظن أنه لن يسير إلى وجهته الصحيحة التي يريدها الشعب السوري، وإنما سوف يمضي إلى حيث يريد الآخرون.

*من كتاب "زمان الوصل"
(269)    هل أعجبتك المقالة (277)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي