تتصدر اليوم حالات انتهاك الأنظمة لحريات الكثير من مناضلي الحرية على امتداد شرقنا مقاربتنا الراهنة لقضية الحرية , من السنوية السادسة لسجن الدكتور عارف دليلة إلى الحكم بسجن 4 رؤساء تحرير لجرائد مستقلة غير حكومية في مصر في يوم واحد إلى قضايا تغيير العقيدة الدينية و ربما المثليين جنسيا..من الطبيعي أن ضحايا القمع و الاضطهاد بحاجة خاصة للتضامن غير المحدود من الجميع بلا استثناء , يجب أن يواجه قمع الأنظمة بكل ما نحمله من ظمأ للحرية و كره و غضب على استهتارها بالإنسان و الحقيقة..لكن هذا في نفس الوقت فخ يسهل الوقوع فيه لكل من يضع الحرية حريتنا نصب عينيه..فإن حصر قضية حرية مجتمعاتنا في هذه الحالات وحدها على أهميتها يساعد في تغييب القضية المركزية في تحرير مجتمعاتنا من الاستبداد و الديكتاتورية ألا و هي قضية حرية رجل الشارع لا سيما حريته في رسم مصيره..إن الإفراج عن بعض رموز الحرية إنجاز هائل في وجه القمع الغبي و العصبي للأنظمة لكنه حتى لا يقترب من أن يكون بداية المطاف..إن الحرية لا تعني فقط حرية أفراد النخب السياسية و المثقفة بالحديث خاصة فيما يخص انتقاد النظام , إنها أساسا حرية الأفراد في التفكير و التعبير و التنظيم و أبعد من ذلك أن يكونوا هم أصحاب الكلمة الفصل في حياتهم و في خياراتهم..ما يجب الدفاع عنه اليوم و التمسك به كمطلب رئيسي في عملية التغيير هو حرية رجل الشارع التي تختصر حريتنا جميعا..ليس المطلوب هو توسيع الهامش الموجود أو الغائب من حرية نقد النظام و سياساته و رموزه الفاسدة فهذه حرية فارغة لا معنى لها ما دام الشارع غير قادر حتى على محاسبة هؤلاء..إن المطلوب هو قلب كامل المعادلة و تسليم مقاليد الحكم للناس و هذا يقتضي أيضا تعديلات كبيرة على ديمقراطية "المجالس المغلقة" التي يقتصر دور الشارع فيها على انتخاب "ممثلين" عنه مرة كل عدة سنوات و التي تمثل الشكل "الشرعي" "القانوني" لسلطة القوى المهيمنة اجتماعيا و اقتصاديا و دينيا..
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية