بالعقلية الأمنية العسكرية التي تعاملَ بها النظام الأسد مع فايروس "كورونا" في العام الماضي، والتي سبق وتعامل بها مع معارضيه حين كان ومازال يطلق العنان لأجهزته الأمنية باحتجاز والد المعارض ووالدته وزوجته وأبنائه وأخواته للضغط عليه من أجل تسليم نفسه، يعود ليستخدمها مجدداً من أجل الضغط على مئات الآلاف من الشبان السوريين الذين فروا من ويلات الحرب والدمار والذين يعتبرهم بموجب قوانينه متخلفين عن خدمة العلم والوطن الذي يريده الأسد، وذلك حين أصدر مؤخراً تعديلاً على قانون خدمة العلم لعام 2007 يسمح فيه بالحجز التنفيذي على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمتخلفين عن خدمة العلم الموجودين خارج سوريا، وكذلك بالحجز الاحتياطي على أموال أولاد المتخلف وزوجاته وذلك ضماناً لاستيفاء رسم بدل خدمة العلم من هؤلاء المتخلفين والبالغ 8000 دولار أمريكي إضافة لغرامة مالية مقدارها 200 دولار أمريكي عن كل سنة تخلف.
في إقطاعية "آل الأسد" اليد الأمنية التي تحارب "كورونا" نفسها التي تلاحق المعارضين وتحجز أهلهم وأبناءهم وتكتب القوانين.
يعلم الإنسان العادي قبل رجل القانون، أن من المبادئ القانونية الراسخة في قوانين العالم: (أن أموال المدين نفسه دون سواه ضامنة للوفاء بديونه والتزاماته)، وبالتالي يغدو السؤال مشروعاً عن المنطق القانوني الذي استند إليه النظام في إيقاع الحجز على أموال أولاد وزوجات المكلف المتخلف (إن صح اعتباره متخلفاً ومديناً بدفع المبدل أساساً)، إنه منطق الباطل منطق العقاب الجماعي العسكري.
يتوسل نظام الأسد، نظام الاستعراض والدبلجة والفبركة من هذا القانون بهدف الإيحاء للداخل السوري وللعالم بأنه مازال هو الحاكم الفعلي لسوريا ويتمتع بصلاحيات إصدار القوانين وتعديلها وإلغائها كما يشاء كما لو أنه في سابق عهده قبل التغول الروسي والإيراني عليه وخاصة أنه يعد العدة لإعادة انتخاب "بشار"، ولكنه استعراض محكوم بأجهزة التحكم من قاعدة حميميم وطهران، فـ"بشار" لم يعد ديكاً كما كان، لقد أمسى دجاجة وما بوسعِ دجاجةٍ إلا أن تجثو مذعنةً لشهوات هذين الديكين.
بعد أن انتهى أفراد وضباط جيش الأسد من تعفيش ونهب محتويات ومقتنيات بيوت الأهالي في المدن والبلدان السورية التي اجتاحوها، جاء الدور على الكبار الذين لا تستهويهم الغسالات والبرادات والأثاث المنزلي، إنهم كبار، وتعفيش الكبار لا يصح إلا بالدولار، فلم لا، والمطلوبون للتعفيش هذه المرة خارج الديار، فإما أن يُحجز على أموالهم وأموال أبنائهم وأقاربهم وإما أن يدفعوا بالعملة الصعبة، ولنا أن تقدر مقدار السيولة الني ستجنيها خزينة الأسد من تقاضي مبلغ 8000 دولار علاوة على الغرامات السنوية بواقع 200 دولار عن كل سنة تخلف من عشرات إن لم نقل مئات الآلاف من الشبان السوريين الذين غادروا القطر منذ اندلاع الثورة السورية.
من المعلوم قانوناً أن الحجز التنفيذي الذي فرضه التعديل الأخير لقانون خدمة العلم على أموال عشرات الآلاف من المكلفين الموجودين خارج سوريا هو بمثابة مصادرة لأموالهم وعقاراتهم، لأن هذا الحجز سيمكن سلطات النظام من البيع الفوري لعقاراتهم في المزاد العلني تحصيلاً لمبالغ البدل والسؤال الأهم هنا، من سيشتري هذه العقارات؟
إن ذلك سيفتح المجال واسعاً أمام اللّوبي الإيراني الفارسي الطائفي لشراء المزيد من العقارات والتي ستغدوا ملكاً لهم بموجب القانون، الأمر الذي يحقق مسعى إيران في الإسراع في توسيع رقعة التغيير الديموغرافي المنشود وبذلك يغدو جزء كبير جداً من الأرض السورية عبارة عن إقليم إيراني جديد اسمه (سوريا ستان) تابع لطهران تماماً كإقليم "عربستان"، وقد لا يكون بعيداً ذلك اليوم الذي يرفع فوق هذا الإقليم الجديد العلم الإيراني إن نفذ النظام هذا القانون.
وبذلك يتم منع هؤلاء الشبان من مجرد موطئ قدم لهم في وطنهم بعد أن انتزعت عقاراتهم.
*مساهمة لـ"زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية