وقد انتظر المؤرخون بفارغ الصبر نشر هذا الملف، الذي نزعت وكالة الاستخبارات السرية عنه ويأتي في 700 صفحة ويغطي الحقبة الممتدة من خمسينيات إلى سبعينيات القرن الماضي، على الرغم من أن المعلومات الأساسية الواردة فيه كُشفت في الصحف في السبعينيات وفي تحقيقات برلمانية، حيث لطخت هذه الفضيحة سمعة أجهزة الاستخبارات الأميركية وأدت إلى إصلاح وكالة الاستخبارات ومكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) وتشديد مراقبة الكونغرس لأنشطتهما.
وأوضحت الوثائق أن وكالة الاستخبارات الأميركية أرادت استخدام عضو عصابات المافيا جوني روسيلي، العضو في المافيا في لاس فيغاس الذي كان يقيم علاقات غير مباشرة مع الكوبيين، في محاولة لاغتيال كاسترو عام 1960، وأن الوكالة الأميركية سعت لإخفاء تورطها عن طريق إقناع روسيلي بأن من يريدون «الاستفادة من خدماته» هم بعض الشركات العالمية التي تمارس نشاطها في الجزيرة الكوبية ونظراً لتكبدها خسائر فادحة في ظل نظام كاسترو فهي ترغب في تصفيته نظير دفع مبلغ يصل إلى 150 ألف دولار.
وسلمت ست حبوب تحتوي على مادة سامة إلى المسؤول الكوبي خوان أورتا الذي كان يقابل كاسترو، وكشفت المعلومات الواردة في الملف أن «أورتا حاول خلال أسابيع تنفيذ مهمته لكنه شعر بالخوف وقرر الانسحاب منها»، وتمت الاستعانة بخدمات كوبي آخر يدعى أنتوني فيرونا أحد أبرز زعماء «لجنة المنفيين الكوبيين» الذي قال «إنه مستعد لتنفيذ المهمة مقابل مئة ألف دولار»، إلا أن المهمة ألغيت بعد المحاولة الفاشلة في خليج الخنازير للإطاحة بنظام فيدل كاسترو في 1961،وذُكر في الملف أن «فيرونا أبلغ أن المخطط ألغي وتمت استعادة الحبوب السامة». وتشير الوثيقة التي أطلقت عليها وكالة الاستخبارات اسم «مجوهرات العائلة» أيضاً إلى مؤامرات لاغتيال قادة أجانب بينهم باتريس لومومبا مهندس الاستقلال في جمهورية الكونغو الديمقراطية ورافائيل تروخيلو الدكتاتور في جمهورية الدومينيكان، وتشمل النشاطات المدرجة في الملف التنصت على صحفيين أميركيين ومراقبة ناشطين مناهضين للحرب في فيتنام وفتح رسائل بريدية قادمة من الصين والاتحاد السوفياتي منها أربع رسائل موجهة إلى الممثلة جاين فوندا والسطو على منازل موظفين سابقين في وكالة الاستخبارات، ومولت سي آي إيه، المكلفة من الحكومة الأميركية جمع معلومات وتنفيذ عمليات سرية في الخارج لكن ليس على الأراضي الأميركية، أبحاثاً ترمي إلى اختبار «مفعول بعض المخدرات». وتضمنت الوثائق التي أعلن عنها أول من أمس الثلاثاء العديد من التقارير المتعلقة بالأحداث المهمة التي غيرت مجرى التاريخ خلال عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي مثل وفاة جوزيف ستالين والمحاولات الأميركية لوقف انتشار المد الشيوعي في أميركا اللاتينية، واغتيال الرئيس الأميركي السابق كينيدي، وحرب فيتنام، وفضيحة ووترغيت، وحركات التمرد الشبابية عام 1968 في باريس ومكسيكو سيتي وبراغ وبرلين ونيويورك.
وتم إعداد الملف في 1973 بطلب من مدير سي آي إيه في ذلك الحين جيمس شليزنغر، بعدما اكتشف ضلوع وكالة الاستخبارات في فضيحة ووترغيت التي أدت إلى استقالة الرئيس ريتشارد نيكسون في 1974، ولم يكن قد نشر حتى الآن سوى بضع عشرات من الصفحات من الملف مع حذف الكثير من المعلومات من قبل الرقابة، على حين قال المتحدث باسم سي آي إيه جورج ليتل: «إن بعض المعلومات الواردة في الملف لم تنشر لأسباب أمنية».
من اغتيال كينيدي إلى محاولات اغتيال كاسترو
كشفت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي. آي. إيه» عن تخطيطها لاغتيال الرئيس الكوبي فيدل كاسترو بحبوب سامة بمساعدة عضو من المافيا في لاس فيغاس، وذلك عقب إزالة طابع السرية عن وثائق خاصة بالفترة بين عامي 1953 و1973.
الوطن
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية