أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عبد الوهاب وسميرة توفيق وصباح مروا من هنا.. "قصر رغدان" يواجه خطر الإزالة بعد إحراقه في حمص

قصر رغدان بعد احراقه - نشطاء

فوجئ رواد صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي منذ أيام بإعلان لبيع "قصر رغدان" في حمص الذي يقع عند تقاطع شارع "القوتلي" مع شارع "الملك فيصل" في "ساحة الشهداء"، وهو أول فندق أنشئ في المدينة وشُيّد على الطراز المعماري الفرنسي 1931 بداية تسلم "فيضي الأتاسي" رئيس بلدية حمص، وهي الفترة ذاتها التي شهدت تدشين غرفة تجارة حمص أقدم الغرف التجارية في سوريا، وتعرض الفندق خلال حصار مدينة حمص لقصف وحرق شديدين على يد قوات النظام أثرا على شكله الجمالي، كما أُحرقت جميع غرف المبنى بالكامل بطوابقه الثلاثة وشرفاتها، وتم تخريب محتويات المحلات الواقعة على كامل واجهات المبنى وأبوابها.

وكان وسط مدينة حمص قد تعرض حينها إلى قصف عنيف أدى إلى إحراق معظم المحلات التجارية في سوق "الناعورة" الذي يعد المركز التجاري الرئيسي في المدينة.

وأشار ناشطون ميدانيون حينها إلى أن الحريق "امتد إلى المكاتب التجارية والمنازل، كما شوهدت ألسنة النيران تتصاعد من فندق "قصر رغدان" الشهير وصولاً إلى بعض محلات سوق المسقوف المجاورة.


ويرتبط "قصر رغدان" بذاكرة المدينة طوال القرن الماضي ويعكس هويتها المعمارية بشرفاته ونوافذه المقرنصة التي تحاكي العمارة الأوروبية في القرون الوسطى، ولأنه كان مقصداً لكبار الفنانين المصريين والعرب ومنهم "يوسف وهبي" و"إسماعيل ياسين" والكوميديانة "زينات صدقي" والفنانة "عقيلة راتب"، والفنانة "فاطمة رشدي" والفنانة "صباح" والمغنية "سميرة توفيق"، كما أقام فيه موسيقار الأجيال "محمد عبد الوهاب" في زيارته الثانية لمدينة حمص عام 1976 وغنائه في مقهى "الروضة".

وسمي "قصر رغدان" بهذا الاسم تيمناً باسم "قصر رغدان" مقر إقامة الملك "عبد الله الأول" في الأردن الذي بني عام 1924 كما تم تسمية مطعم باسم "غازي بن الملك فيصل" أو سوقاً باسم الملك "فيصل" مواجه لـ"قصر رغدان".

ويرى الباحث المهندس "عبد الهادي النجار" أن استخدام الحماصنة مسميات محددة كان نوعا من مواجهة المحتل الفرنسي ولتثبيت الارتباط بالأسرة الهاشمية والتمسك بالبيعة التي أديت لـ"فيصل الأول" عند إعلان المملكة السورية، واستمر الدعاء له في مساجد حمص كملك على البلاد حتى ما بعد الاحتلال الفرنسي بسنوات. واتخاذ فندق في حمص نفس التسمية يقصد به التفاؤل بأن يكون مقرا لحكم عربي في المدينة.

وأضاف "النجار" في دراسة له أن تسمية الأماكن كانت أداة مقاومة في وجه الفرنسيين الذين قاموا في المقابل بإطلاق أسماء قادة فرنسيين على الثكنات العسكرية في حمص، ومنها ثكنة "الجنرال بوفورت دو هوتبول" التي كانت قائمة في ساحة السوق، وثكنة "الجنرال غاليني".


في مطلع العقد الثّالث من القرن العشرين قامت بلديّة حمص بتنظيم المنطقة بعد الاستغناء عن وظيفة "النّاعورة" الحديدية التي كانت منتصبة وسط المنطقة وفتح شارع "أبي العوف" إلى ساحة "باب السّوق" (ساحة السّاعة العتيقة)، وقُسّمت الأرض إلى مقاسم حيث شُيِّدت الأبنية الحاليّة مقيّدةً بحدود التّنظيم الجديد، فبُني فندق "رغدان" والأبنية والمحلات والأسواق القائمة حاليّاً وسميت المنطقة باسم "سوق الناعورة".

وتداول مهتمون بتاريخ مدينة حمص العام الماضي صوراً قديمة من مجموعة الرحالة الفرنسي "لوسيان تينول"، وهي ملتقطة سنة 1902 لما عُرف بـ "بركة ملتقى الطرق الخمسة" التي يحتل مكانها حالياً الساعة القديمة أو "ساحة الشهداء" في مركز المدينة.

ويظهر محلان أحدهما مطعم صغير والثاني محمصة لبيع الموالح وهما مكان فندق "رغدان" الذي سينشأ مكانهما فيما بعد مما يشير إلى أن الفندق لم يكن موجوداً مطلع القرن الماضي وإنما بني في عهد رئيس بلدية حمص و متصرف حماة آنذاك "فيضي الأتاسي" وعلى عهده بني مقهى "الروضة" وست بنايات أخرى في الثكنة العسكرية القديمة.

مع اشتداد وطأة الحرب واستهداف النظام لوسط المدينة ومحالها ومبانيها طالت "قصر رغدان" العشرات من القذائف التي ضعضعت بنيته المعمارية وشوهت واجهته الجمالية، وادعت مديرية الآثار والمتاحف عام 2015 أنها بصدد ترميم القصر وإعداد إضبارة توثيق له بهدف عرضها على مجلس الآثار لبيان إمكانية تسجيله في قائمة المباني الأثرية، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث كما حصل مع مبان أثرية أخرى في المدينة كحمام الصغير وحمام العثماني وسط الأسواق القديمة إذ اشترطت هذه المديرية على أصحابها تسديد كامل مبلغ الترميم للمديرية قبل ترميمها فبقي القصر على حاله.


فارس الرفاعي - زمان الوصل
(494)    هل أعجبتك المقالة (427)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي