من هو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، ومع من ائتلف من القوى الثورية وضد من ائتلفوا وكيف يعملون، لا يقولون، ليصلوا لهدف التآلف والائتلاف؟!
بمعنى، ماهو دور الشعب السوري بوجود الائتلاف منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2012 حتى اليوم، سواء على صعيد التعيين أو التدخل أو التمثيل، والعكس، كيف انعكس أداء الائتلاف على الشعب السوري وتحقيق مصالحه أو الشعارات التي رفعها مذ خرج على نظام الأسد في آذار/مارس 2011.
والأهم، ألم يقم السوريون على نظام الأسد المستبد، نتيجة توريث السلطة والاستئثار بالحكم وتغييبهم عن أبسط القرارات المتعلقة بوطنهم وثروتهم ومصيرهم.
من هذا المنطلق، ألا يحق للسوريين، بعد تبادل المناصب بين الائتلاف وهيئة التفاوض وغرقه بالتبعية والابتعاد عن هموم وهواجس السوريين- قلنا أفعالاً لا أقوالاً- أن يرفعوا شعار إسقاط هذا الجسد المنهك، خاصة بعد الذي رأوه وسمعوه ولمسوه، من حجم تنازلات وأفعال مراهقة وتسويات، لا تمت للفعل السياسي، وإن رآها بعض المؤتلفين، براغماتية وفق الواقعية والممكن.
وهنا نحسب، أن ترويج الواقعية والممكن، من أخطر السموم التي مررها المعارضون، فالثورة هي حالة انقلابية على الواقع، لإعادة بنائه أو ترتيبه وفق الرؤى والتطورات والآمال، في حين المؤتلفين، لبسوا ثوب المعارضة وليس الثورية، بمعنى أن الانقلاب وتبديل النظام، كبنية، ليست من أهدافهم.
وفي حين لا يعترف الثوري بالآخر الذي ثار عليه، بل يسقط عنه التمثيل والشرعية، يستمد المعارض وجوده من الآخر وأن لديه معه، بأعظم الأحوال "مشاكل" وربما خلاف وجهات نظر، ويمكن أن تسوّى أو يتم التفاهم عليها أو حتى المقايضة حولها، وهذا لا يمت للثورية..ومن هنا واجب التفريق بين الثائر والمعارض.
ترى كيف نعرف أثر وفاعلية أي صاحب منصب أو تأثير مؤسسة، أي مؤسسة حتى لو كانت دولة؟!
أليس من خلال قدرتها على الأرض وتشكيلها فراغ، قلما يسده غيرها، إن أحجمت أو تفككت أو حتى تلاشت.
بهذا المعنى، تعالوا نفكر بالموجب والسالب، فيما لو تلاشى الائتلاف غدا، فاستيقظ السوريون وإذ هم بلا ائتلاف.
الموجب والذي قد لا يدركه كثيرون، أن العالم، أو من يهمه الأمر والجغرافيا على الأقل، سيسعى لتشكيل جسد أو كيان جديد، لأن مخاطبة السوريين ستتم عبره لا محالة، ولا يمكن للدول المحتلة أو الراعية، أن تمرر قرارا نهائيا، من دون رأي هذا الجسد، ولو صورياً وأياً بلغت درجات الإنابة وتغييب القرار السوري اليوم.
ومن الموجبات أيضاً، أن السوريين سينعتقون من التزامات ووعود، قطعها وأبرمها الائتلاف، مع الممولين والراعين والمحتلين، فيتم، ولو نسبياً، تنقية الصراع مما شابه، جراء ارتهان مؤسسات المعارضة، لمن أثبتت الأحداث والوقائع، أن همهم نفعي فقط، وليس لمصير ومستقبل السوريين، من ذكر ببرامجهم وخططهم، وإن تشدقوا ليمرروا الأهداف.
وأيضاً، إن استيقظ السوريون غدا فلن يجدوا الائتلاف، فسيتم توزيع مكتسباته على الشعب، وتخف وتيرة الخلافات والانقسامات، ولعل بشبه وحدة السوريين واتحادهم على رأي إسقاط مفوضية الائتلاف أخيراً، مؤشرا على مدى رفضهم، إن لم نقل أكثر، للائتلاف ومساعيه.
ولكن، ثمة سلبية خطرة ربما، فإن تلاشت هذه "المؤسسة" ستحدث فوضى اللاتمثيل وربما يظهر جياع مال ومرضى مناصب، تدفع السوريين ليترحموا على النباش الأول، وربما يرى كثيرون، دولا وأشخاصا، أن انهزام الائتلاف هو انهزام لقضية السوريين، فيفصّلوا الحل وفق مصالحهم والطرف الوحيد المتبقي.
نهاية القول: ثمة ما يوجب على الائتلاف اليوم، لدافع وطني وإنساني وتاريخي، أن يعتذر ويحل نفسه، بدل الاستمرار بالمناكفة والدوران بحلقة مفرغة، بعد أن فقد القرار والتمثيل والسيطرة، وهنا لا يتحمل من فيه وحدهم السبب، بل ثمة، وللانصاف، ظروف وصيرورات، أوصلته للشكل الصوري الذي هو فيه وعليه اليوم، وعله بهذه الخطوة الجريئة، يعيد بعض الأمل والديمقراطية ويزيح شبح أبدية وتوريث المناصب من أمام وأقدار السوريين...ويفوّت إن فعل، عديد فرص على "الآخر" وعظيم مآسي عن السوريين.
وأما ماذا سيحدث بعد ذلك ولماذا.
فالإجابات كثيرة والآمال أوسع، إذ ثمة هبة اليوم بمجتمع الثورة، إلى جانب التراخي واللاجدوى، يمكن استثمارها لبناء كيان ثوري جديد، بشروط وظروف جديدة بعد الاستفادة من مخاطر الانزلاق وراء الممول وكوارث الانجرار لحلول التفاوض والوعود والتوّهم لأسماء معارضين انتهت صلاحيتهم بكل معنى الكلمة.
كما ثمة استحقاقات مقبلة، لا نعتقد أن الإئتلاف بوضعه وإمكاناته وتنازلاته، قادر على خوض غمارها، إن كان أخطرها انتخابات الرئاسة العام المقبل فإن مآسي سوريي الداخل أوجعها.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية