أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حقوقي سوري يستبعد تحقيق العدالة الدولية تجاه سوريا مستشهدا بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان

أرشيف

اعتبر الحقوقي السوري "منصور العمري"، أن "العدالة بمفهومها الواسع غير ممكنة اليوم وفي المستقبل القريب وربما البعيد لا على الصعيد الدولي وحسب، بل أيضاً على المستوى الوطني أيضا فيما يتعلق بالقضية السورية.

جاء ذلك في ورقة قدمها لـ"مؤسسة المبادرة العربية للإصلاح البحثية"، قال فيها إن "خيارات العدالة الجزائية المتاحة اليوم ومستقبلاً إن أتت في الإطار الدولي أم في المحاكم الوطنية السورية لن ترقى إلى مستوى المفهوم المطلق والرومانسي للعدالة التي تشمل الجميع، والذي اعتقد أن كثيراً من السوريين يتبنوه"، مشيرا إلى أن "السلبيات لا تقتصر على العدالة الدولية، فالعقبات المتعلقة بالوضع في سوريا ومحاكمها الوطنية تقصي أحلام العدالة المطلقة، وتشمل عقبات كبيرة قد لا يمكن تجاوزها".

وأضاف "العمري" في الورقة التي حملت عنوان: "المحكمة الخاصة بلبنان من منظور سوري: أي دروس؟"، أنه "وإلى جانب اللبنانيين، راقب عن كثب عددا كبيرا من السوريين حكم المحكمة الخاصة بلبنان، نظرا إلى اتهامات النظام السوري باغتيال الحريري.

لكن الدافع الأكبر وراء هذه المراقبة هو الاهتمام المتزايد للعديد من السوريين بالخيارات الدولية لتحقيق العدالة في الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت في سوريا منذ عام 2011".

وتبحث الورقة في الدروس التي يمكن للسوريين أن يستفيدوا منها – بالنظر إلى تجربة المحكمة الخاصة بلبنان– في سعيهم إلى تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في سوريا.

وأكد "العمري" الحاصل على ماجستير القانون في العدالة الانتقالية، أن "سبل العدالة الوطنية ليست متاحة في سوريا، فالقضاء السوري غير مستقل وغير نزيه ويخضع بشكل مباشر للسلطة التنفيذية وأفرعها الأمنية، كما تفرض المحكمة الخاصة بقضايا الإرهاب الهجينة والقضاء العسكري ولايتهما على معظم المحاكمات المتعلقة بالأحداث في سوريا منذ عام 2011، وكليهما ينتهكان أبسط قواعد المحاكمات العادلة والإجراءات القانونية الواجبة".

واعتبر أن ذلك دفع السوريين للبحث في الخيارات الدولية للعدالة، التي يندرج في إطارها عدة جهات قضائية من بينها المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية، والمحاكم الدولية الخاصة والهجينة، والمحاكم الوطنية في دول أخرى تقبل الولاية القضائية العالمية، لافتا إلى أنه "لم تنجح محاولات إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية بسبب استخدام روسيا والصين حق الفيتو ضد الإحالة.

كما أن تشكيل محكمة دولية خاصة بسوريا يتطلب شروطاً ليست متوفرة حالياً.

وتابع: " رغم كل الجهود والتكاليف والوقت الذي استغرقته المحكمة الخاصة بلبنان لم يُعاقب أحد، والمدان الوحيد طليق. كما أن المحكمة أدانت شخصاً واحداً من بين المتهمين الأربعة، ولم تستطع التوصل إلى جميع المتورطين رغم أن ذلك كان أحد أهداف تأسيسها. من بين المتورطين من أصدر أوامر القتل ووفّر أدوات الجريمة وسهّلها، ولا تنحصر الجريمة على المنفذين فقط. 

وهنا تبرز إحدى نقاط الاختلاف الرئيسة بين محكمة لبنان وأي محاكم دولية مستقبلية خاصة بسوريا. فطبيعة الجرائم المرتكبة في سوريا والتي من المفترض أن تعرض على المحكمة تشمل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبها بشكل ممنهج عدد كبير من السوريين الموظفين في أجهزة حكومية بأوامر وتوجيهات من القيادات العليا، بما يفرض محاسبة هذه القيادات حسب مبدأ مسؤولية القيادة". 

وأوضح أن طريق الولاية القضائية العالمية كان سالكاً وأفضى حتى الآن إلى إصدار ألمانيا مذكرات إلقاء القبض على بعض كبار المسؤولين الحاليين في نظام الأسد، ومحاكمة عناصر سابقين في أجهزة المخابرات السورية، في محكمة "كوبلنز" الألمانية بشأن التعذيب، كما أن هناك شكاوى مقدمة إلى الجهات القضائية في عدة دول أوروبية بناءً على مبدأ الولاية القضائية العالمية من بينها ألمانيا بشأن جرائم العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي واستخدام السلاح الكيماوي، والسويد والنرويج في قضايا متعلقة بجريمة التعذيب وغيرها من الجرائم الدولية.

كما قررت هولندا مؤخراً مساءلة سوريا بموجب القانون الدولي لانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان وبخاصة التعذيب بالتوجه إلى محكمة العدل الدولية.

وشدد على أن "القبول بالقضاء الدولي أو القضاء ذي الطابع الدولي بأشكاله الهجينة يتضمن توقع وقبول عدة نقاط مهمة من بينها طول فترة المحاكمة، وقيود الأحكام المتعلقة بحقوق الإنسان كإسقاط حكم الإعدام وتأمين الحق في محاكمة عادلة. لذلك يجب أن يعي السوريون مسبقاً هذه التفاصيل، فمثلاً منهم من يرفض الإعدام كوسيلة للعقوبة ومنهن من يصرّ عليه. من الضروري توضيح هذه النقاط كي تكون آراء السوريين قائمة على معلومات وتوقعات دقيقة".

وختم "العمري" ورقته البحثية بالتأكيد على "ضرورة العمل على مواجهة الأسباب التي أوصلت عملية العدالة إلى هذه المأساة"، وأنه يجب أن يشمل العمل على دراسة سيناريوهات العدالة الممكنة جهوداً متعلقة بردع الجريمة بالأصل.

فضمانات عدم تكرار الجرائم يجب أن تكون أولوية في مقترحات للعدالة الانتقالية أو حل سياسي حقيقي في سوريا.

زمان الوصل
(114)    هل أعجبتك المقالة (105)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي