أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أكاديمي إسرائيلي يقول إن أحد رؤساء الحكومات السورية كان عميلا لبريطانيا والصهاينة.. ماذا يعني ذلك؟

مردم

اتهمت صحيفة عبرية رئيس وزراء سوري أسبقا، بالعمالة المزدوجة لصالح الحركة الصهيونية والمخابرات البريطانية، حسب مقال انفردت بنشره قبل ساعات، واطلعت عليه "زمان الوصل".

فقد جاء في مقال للأكاديمي "مائير زمير"، نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية، أنه لم يكن في صيف عام 1945 شخصية مكروهة للفرنسيين في كل سوريا ولبنان أكثر من "جميل مردم"، وأن المخابرات الفرنسية اكتشفت أن "مردم" الذي كان "رئيس وزراء سوريا" في عهد الانتداب الفرنسي يومها، قد بات عميلا للمخابرات البريطانية.

"زمير" الأكاديمي في جامعة "بن غوريون" الذي لديه عدة مؤلفات، من بينها "الحرب السرية الإنكليز والفرنسيين في الشرق الأوسط"، قال إن "مردم" تم تجنيده من قبل العميد "إيلتيد نيكول كلايتون"، رئيس المخابرات البريطانية " MI6" في الشرق الأوسط ، وبمساعدة "نوري سعيد"، رئيس الوزراء العراقي يومها.

ويبدو أن هذا التجنيد لصالح " MI6"، هو الذي دفع "مردم" لإعطاء موافقته على خطة تتوحد بموجبها سوريا (بعد طرد فرنسا)، مع العراق ومع إمارة "شرق الأردن" لتكون كل هذه الكيانات (المسماة سوريا الكبرى) تحت حكم "الأسرة الهاشمية"، وبالتالي فإن بريطانيا (التي كانت تحتل العراق والأدرن)، ستبسط هيمنتها أيضا على سوريا.

ولقاء تسويق وتنفيذ هذه الخطة الخبيثة، تلقى "مردم"، حسب مقال "زمير" مبالغ كبيرة، ووعودا بأن يكون حاكم سوريا المقبل تحت سلطة "الملك الهاشمي"، عندما تتوحد مع كل من العراق والأردن.

"زمير" اليهودي المولود في العراق، والذي يناهز عمره اليوم 73 عاما، لم يكتف باتهام "مردم" بالخيانة، والعمالة لصالح بريطانيا، بل قال إن "مردم" صار عميلا أيضا لصالح الصهاينة، بمن فيهم مؤسس الكيان العبري، ديفيد بن غوريون.

واللافت أن "مردم"، وحسب الأكاديمي الإسرائيلي، كان عيناً (جاسوسا) لبن غوريون على البريطانيين، الذين يعمل لصالحهم من قبل!، فقد زود "مردم" قادة الصهيونية الذين كان يسعون بكل قواهم يومها لوضع أسس كيانهم في فلسطين.. زودهم بمعلومات خطيرة، بلغ من حساسيتها أن الصهاينة عدلوا خططهم بناء على تلك المعلومات.

ويذهب "زمير" أبعد عندما يشير إلى أن الفرنسيين أنفسهم استطاعوا أيضا تجنيد "مردم" لصالحهم، بعدما واجهوه بمعرفتهم لحقيقة عمله مع " MI6".

وإذا صحت الروايات التي يسوقها الأكاديمي "زمير"، فإن ذلك من شأنه إعادة النظر في العديد من القضايا الحساسة، والتشكيك بكثير من الوقائع التي تم تدوينها بوصفها "مسلمات" لا تقبل الجدل.

فرواية "زمير" تعني أول ما تعني شطب كل الروايات التي تنصب "مردم" بطلا خاض "ملاحم النضال السياسي" على المستويين السوري والعربي (تصدر جميل مردم المشهد السياسي منذ عشرينات القرن الماضي، وتم تسويق اسمه كواحد من أشد المقاومين للاحتلال الفرنسي، وأشرس المدافعين عن استقلال سوريا، فضلا عن أن مردم كان حاضرا في كثير من الحكومات المتعاقبة، إما كوزير أو رئيس حكومة، علاوة على انخراطه في ميدان العمل العربي المشترك ومساهمته الكبيرة في تأسيس جامعة الدولة العربية).

أما ثانيا، فإن رواية "زمير" بخصوص "مردم"، تحيلنا إلى قضية أعقد وأكثر إيلاما، وهي المشروعات التي كانت تطرح على الساحة وأمام الشعوب (لاسيما السوريين)، وظاهرها "وحدوي" فيما باطنها استعماري ذو خلفية تآمرية، هدفه الأول إخضاع المنطقة وتخدير شعوبها.

وعليه فإن رواية "زمير"، تمثل حافزا لوضع جميع التجارب والدعوات "الوحدوية" (التي سبقت مشروع "مردم" أو أعقبته)، وضعها تحت مجهر البحث والتقصي، وعلى مشرحة الحقيقة التي لا تحابي أحدا، عسى أن يتم تمييز الغث من السمين، والمشبوه من البريء.

أما ثالثا، فإن رواية "زمير" تلقي الضوء على بعض الملابسات التي اكتنفت أخطر قضية عاشها ويعيشها العرب منذ عقود، وهي مسألة احتلال فلسطين، والتي تبدو حسب كلام "زمير" قضية مرتبطة بالخيانة والعمالة، أكثر من كونها قضية تآمر دولي وحسب (جميل مردم كان رئيسا لوزراء سوريا، يوم الإعلان الرسمي عن ولادة الكيان الإسرائيلي، بل إن مردم كان وقتها رجل سوريا الأقوى فقد كان يجمع إلى رئاسة الحكومة وزارات: الدفاع، الداخلية، الصحة).

إيثار عبد الحق - زمان الوصل
(154)    هل أعجبتك المقالة (156)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي