في الوقت الذي تشهد فيه المحال التجارية للألبسة في مختلف الأسواق حالة ركود لضعف القوة الشرائية للمستهلكين تنتعش محال البالة، ففي أحد الأحياء بدمشق يقام سوق جمعة لألبسة البالة يفتح من الساعة السادسة صباحاً وحتى الثامنة أي لمدة ساعتين فقط ورغم أن هذا الوقت يبدو باكراً جداً للتبضع فإن مئات الأشخاص يرتادون السوق كل يوم جمعة لتوافر ألبسة بالة مقبولة وبأسعار تناسب جيوب أصحاب الدخل المحدود فمثلاً يمكن للطفل في العاشرة أن يحصل على كنزة صوف ذات جودة جيدة وبنطال جينز وقميص بـ300 ل.س على حين قد يصل سعرها في الأسواق إلى 3 و4 آلاف ل.س كحد وسطي.
![]() |
تقول إحدى السيدات اللواتي تعودن اللجوء لهذا السوق بشكل أسبوعي: يمكنني تأمين ملابس لأولادي الأربعة من البالة بسعر لا يتجاوز 1500 ل.س على حين قد احتاج كحد أدنى إلى نحو 8 آلاف ليرة بحال شراء ملابس جديدة لأنني موظفة بإحدى الدوائر الحكومية وزوجي كذلك ونتقاضى شهرياً نحو 35 ألف ل.س ومع ذلك أعجز عن تأمين ملابس جديدة لي أو لأولادي.
دوامة الجمعيات
اللجوء للدخول بجمعية مع الزملاء بالعمل أو الجيران أو حتى الأهل بات الشغل الشاغل للمعلمة سحر محمد، فمن خلالها يمكن تأمين مبلغ مالي مناسب يسد حاجة هنا أو هناك وطبعاً مع ميزة أن الحصول على هذا المبلغ لا يترتب عليه فوائد وإن كان سيقتطع جزءاً من راتبها.
تقول سمر راتبي 20 ألف ليرة وأدرس منذ أكثر من 20 عاماً وكذلك حال زوجي الذي يعمل أمين سر بإحدى المدارس ويتقاضى أيضاً نحو 20 ألفاً ولدينا 3 أولاد أكبرهم بالجامعة وأصغرهم بالصف العاشر عندما أذكر لأحد أن دخلنا الشهري يصل إلى 40 ألف ليرة يحسدنا البعض ولكن المتطلبات المتزايدة يومياً سواء بالمأكل أم المشرب أم الملبس أم دراسة الأولاد يجعل هذا الرقم لا يكاد يذكر ولا يسد الرمق.
ندفع إيجار منزل بإحدى الضواحي 8 آلاف ليرة ومصاريف المأكل لا تقل شهرياً عن 7 آلاف ليرة وطبعاً حذفت مادة اللحمة من القائمة ولا يمكن أن يمر شهر دون حدوث عطل ما بالمنزل يكلف كحد أدنى 600 ل.س ناهيك عن فواتير الكهرباء والماء والهاتف. هذا كله يدفعني للدخول بجمعيات مع زملائي بالعمل وبصراحة لا أجد نفسي إلا داخلة في جمعية وخارجة من أخرى.
إنهاء الشهر
يقول أبو خالد الموظف في جهتين: الله وحده يعلم كيف يمر الشهر على الأسرة فمع كل يوم تزداد المتطلبات ومعها تزداد الأعباء المادية ويظل الارتفاع الكبير لأسعار أغلبية المواد والسلع الغذائية والاستهلاكية والألبسة، ندرك جيداً أنه وإن كان رب الأسرة يتقاضى راتبين بالشهر فهذا لا يغطي النفقات الأساسية لمنتصف الشهر أنا لدي ثلاثة أطفال اثنان بالتعليم الأساسي والثالث في دار حضانة أدفع للطفل الأخير قسط حضانة لا يقل عن 10 آلاف ل.س وراتبي 30 ألف ل.س بالشهر وزوجتي لا تعمل لذلك لايأتي الثلث الأخير من الشهر إلا ونكون شارفنا على الإفلاس هذا عدا المفاجآت غير المتوقعة ويترتب علينا أموال إضافية مثل «الأعياد - زواج أحد الأقارب - مرض وخلافه كثير....».
الدين سمة دائمة
بحسرة وألم يصف الموظف (س.د) وضعه المعيشي الذي يقاس على الكثيرين مثله يقول: سنظل نحن موظفي القطاع العام نركض واللقمة تركض أمامنا وستظل الحكومة تعدنا بتحسين وضعنا المعيشي وستظل عاجزة عن تحقيق وعودها..
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية