منذ أن نُشِرَ في موقع "زمان الوصل" وحتى اليوم، أثار مقالي المعنون "لماذا رياض حجاب؟" حالةً من الجدل، أو الأدقّ أنه فتح نقاشاً حول الطرح الذي قدَّمتُه عبر اقتراح دعم رياض حجاب، رئيس الوزراء المنشقّ، كشخصية وطنية توافقية تقود حركةً إنقاذيةً من داخل الثورة.
والحقّ أنني أعود للكتابة حول هذا الموضوع لتوضيح ما أشكلَ والتبسَ على بعض الذين تداولوا وناقشوا محتوى المقال، علماً بأنَّ أكثريةً واضحةً منهم قد أيَّدتْ ما جاء فيه.
فالطرح، من حيث المبدأ، لا يتعلَّق بضرورة دعم شخص رياض حجاب تحديداً، بل بضرورة دعم الشخصية التي تحوز على أكثر الصفات المؤهّلة لكي تلعب دوراً فاعلاً في تغيير المشهد، والتي –لأسباب عدَّدتُها في المقال المذكور- أجدها متوفرةً في شخصية حجاب أكثر من غيره.
إنَّ الردَّ على طرح اسمٍ معيّنٍ بالقول إنَّ "الاتفاق على الاسم غير مهمّ لأنَّ الأهمّ هو الاتفاق على المبادئ" هو في حقيقة الأمر كلامٌ مُلقى على عواهنه، ما دام أنه يَغفل عن حقيقة أن معظم الشخصيات المعارِضة تدَّعي وتزعم أنها تتبنَّى أرفع المبادئ الثورية، في حين أنَّ ممارسات بعض تلك الشخصيات تأتي على النقيض من تلك المبادئ!
إنَّ نقطة الانطلاق، برأيي المتواضع، لصون مبادئ الثورة وتحقيق أهدافها، تكون بالاتفاق على اسمٍ محدَّد والعمل على تشكيل إجماع حوله، خصوصاً بعدما تمَّ إغراق المشهد المعارض بشخصياتٍ، لن يرفَّ لي جفنٌ وأنا أصفها بحثالة البشر، أضعفتْ –عبر ممارساتها الانتهازية وارتزاقها لدى الدول ولصوصيتها التي لم تنجُ من براثنها أموال الإغاثة والمشرَّدين- إيمانَ السوريين بما قاموا ويقومون به في مسارهم الثوري الطويل.
إنَّ الإجماع على اسم شخصية وطنية، أو حتى على مجموعة شخصيات وطنية أثبتت جدارتها، سيُبطل مفعول الشخصيات المصطنعة الملفَّقة التي أُغرقتْ بها المعارضة السورية. كما أنه سيساهم في إعادة إنتاج معارضة وطنية نظيفة، وموثوقة شعبياً، قادرة على التصدّي لمسألة تمثيل الثورة، وبالتالي قادرة على تقديم مشروع البديل المنتظر.
شخصياً كان لي رأيٌ في هذا الصدد، وقد قدَّمتُه في المقال السابق، وعلى كلّ صاحب رأي أن يُدليَ بما يراه صواباً ويختار اسماً إذا أمكن من أجل تقديمه للنقاش العام.
أما استعمال الكليشيهات الجاهزة التي تقوم على اختيار اسم شهيدٍ ما والقول إنه هو الوحيد الذي يستحقّ قيادة الثورة، فهو استعمال عاطفي لن يُقدّم ولن يؤخّر شيئاً على أرض الواقع. فأنا أتمنَّى لو أنَّ الشهيد أبا الفرات كان حيَّاً، أو أنَّ المقدَّم حسين هرموش كان طليقاً، وغيرهما من الشهداء والمغيَّبين قسراً، لكي يقودوا الحركة الإنقاذية المنتظرة. ولكنَّ الأماني شيءٌ وما نحنُ فيه شيءٌ آخر.
إنَّ الواقعية في العمل الثوري -كما في العمل السياسي- ضروريةٌ جداً، لا ينجح عملٌ من دونها.
وإذا كان مصطلح "الواقعية" ذا سمعة سيّئة في عالم السياسة، لأنَّ بعض السياسيين استخدموه كمدخل للتنازلات والمساومات والصفقات، فيمكنه أن يكون ذا سمعة حسنة في السياق الثوري عبر ربطه بمبادئ الثورة، وجعل تلك المبادئ سقفاً واضحاً لواقعية ثورية نتحرَّك من خلالها لإنقاذ شعبنا وإخراج بلادنا من محنتها. وَلْـنُسَمِّ ذلك اصطلاحاً: واقعية ثورية مبدئية.
لماذا رياض حجاب؟...
لماذا رياض حجاب؟...
*شاعر وكاتب سوري - من كتاب زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية