أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

السوريون يخرجون بخيبة أمل من «بوابة الجنة»

المسرح الكبير بدار الأوبرا شبه ممتلئ، حشد جماهيري تجاوز الـ 1000 شخص، جاؤوا لمشاهدة أول عروض الفيلم السوري «بوابة الجنة»، الذي يشارك بمسابقة الأفلام الروائية الطويلة في مهرجان دمشق السينمائي السابع عشر، إلى جانب فيلم «مرة أخرى» لجود سعيد.
على خشبة المسرح وقبيل عرض الفيلم، يقف محمد الأحمد مدير المؤسسة العامة للسينما الجهة المنتجة للفيلم، مبشرا بفيلم «جميل ومؤثر»، موجها الشكر إلى مخرج الفيلم ماهر كدو، الذي عرف بدوره بأبطال الفيلم، مهديا إياه إلى القدس عاصمة «الألم العربي» كما وصفها.
يتكئ فيلم بوابة الجنة على رواية الكاتب الفلسطيني حسن سامي يوسف، صاحب السيناريو أيضا، وهو يناقش قصة عائلة فلسطينية تعيش في منزل منعزل، بناه الوالد (مثل دوره تيسير إدريس) بعيدا عن القرية، خشية انغماس أفراد أسرته في العمل النضالي، خلال الانتفاضة الفلسطينية عام 1987.
وكان الأب قد رفع الراية البيضاء للإسرائيليين عام 1967، حفاظا على منزله وعائلته، بعد أن هٌزِمت جيوش العرب كما يقول، الأمر الذي انعكس على نظرة أولاده إليه، خاصة ابنه علاء (محمد الأحمد)، الذي يستشهد فيما بعد.
تضطر الدكتورة ندى (نادين سلامة)، القادمة حديثا من لندن، إلى إيواء أحد الفدائيين المصابين (الممثل اللبناني عمار شلق) في منزل والدها، وتجري له عملية جراحية بعد موافقة الأب، إلا أن الجيش الإسرائيلي سرعان ما يكتشف وجود الفدائي في منزل الأسرة، فيداهم المنزل ويهدمه عقابا للعائلة.
هنا يرفع الأب العلم الفلسطيني فوق الخيمة التي نصبت قرب المنزل، ما يشير إلى قناعة الأب أخيرا بضرورة النضال لطرد المحتل.
وفي النهاية تستشهد الدكتورة والفدائي، ويلتقي الجميع في مخيم نصب في الجنة، في مشهد ختامي، أطلق ضحكات عديدة وتعليقات ساخرة، نمَّتْ عن خيبة أمل بالفيلم، خاصة وأن الجمهور «متعطش لمتابعة أي فيلم يحمل بصمات سورية» كما يشير النقاد.
لكن إلى أية درجة استطاع الفيلم أن يكون أمينا على النص الروائي، وإلى أي مدى استطاع أن يقدم مرحلة فلسطينية تاريخية مهمة ومفصلية.
ويوضح الناقد الفلسطيني بشار إبراهيم لـ «العرب» أن الانتفاضة أصبحت حدثا خارجيا وهذه هي «مشكلة الفيلم»، نرى تداعيات الانتفاضة (الولد يستشهد والآخر جريح)، بينما لا نراها كحدث رئيسي «الأحداث الدرامية تتصاعد دون دور مؤثر للانتفاضة».
ويعتقد إبراهيم أن من المفروض أن يكون إيقاع الانتفاضة موجودا، لكنه اقتصر على عدة لقطات مأخوذة عن التلفزيون، وهي فعليا تعود لعام 1989، فالانتفاضة أدخلت في الثلث الأخير للفيلم فقط.
لكن مخرج العمل وقع في أخطاء عديدة، أهمها النظرة التقليدية للجندي الإسرائيلي الأبله، الذي يضرب بطريقة كاريكاتيرية في الشارع كما ظهر في مشاهد الفيلم، إضافة إلى خلل واضح في المونتاج، حيث يرى المشاهد قطعا غير مبرر بين مشاهد الفيلم، عدا عن الأداء الضعيف لبعض الممثلين في نطق اللهجة الفلسطينية بشكل سليم.
ويعلق الكاتب الصحافي السوري راشد عيسى على هذه الأخطاء بقوله: إن الفيلم جاء «بمنتهى السذاجة، وخطابي حتى بالصورة»، حيث لغة المباشرة والحكاية الساذجة، التي تنتمي إلى مرحلة الستينيات والسبعينيات، موضحا أن الفيلم رغم الإمكانات الكبيرة «لم يستطع أن يكون فيلما».
ويصف عيسى الفيلم بأنه «مخيب للآمال»، خاصة مع ازدهار لافت للسينما الفلسطينية على أيدي سينمائيين فلسطينيين مبدعين مثل إيليا سليمان وهاني أبي أسعد.
هذا الفيلم ليس الوحيد، الذي تناول القضية الفلسطينية، إذ خصص القائمون على مهرجان دمشق السينمائي تظاهرة «فلسطين في عيون السينما»، وهي تضم 8 أفلام: كفر قاسم، والمخدوعون، والمتبقي، وملح هذا البحر، ورجال تحت الشمس، وظل الغياب، وباب الشمس، والسكين.
كما تناولت الندوة المركزية لمهرجان دمشق، التي أقيمت بفندق الشام بدمشق، أهم الأفلام التي تناولت القضية الفلسطينية، تحدثت فيها المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر عن الصعوبات التي واجهتها خلال تصوير فيلم «ملح هذا البحر»، والعراقيل التي وضعها جيش الاحتلال الإسرائيلي لمنعها من تصوير الفيلم، كما حاضر الناقد الفلسطيني بشار إبراهيم، والمخرج العراقي قيس الزبيدي عن التجارب السينمائية لأهم المخرجين الذين تناولوا القضية الفلسطينية، والتحولات المهمة في تاريخ السينما الفلسطينية.

دمشق - عمر عبد اللطيف - العرب
(115)    هل أعجبتك المقالة (128)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي