عاد شبح الترحيل ليخيم على أوساط اللاجئين السوريين في الدانمارك من جديد الذين باتوا منذ أكثر من عام يعيشون حالة من الترقب المشوب بالخوف انتظاراً لدراسة ملفاتهم واحتمال ترحيلهم إلى دمشق بحجة أنها باتت آمنة، وكانت دائرة الهجرة قد بتت بالفعل منذ أيام في ملفات 5 عائلات إضافة إلى فتاة بمفردها، وتقرر ترحيلهم خلال شهر دون أدنى اعتبار لمصيرهم وما يمكن أن يواجهوه هناك من قتل أو تعذيب أو اعتقال بناء على تجارب سابقة، وكان مجلس اللاجئين في الدنمارك قد قرر في كانون الأول/ديسمبر عام 2019 لأول مرة أن "الوضع الحالي في دمشق لم يعد أساساً لمنح أو تمديد تصاريح الإقامة المؤقتة"، بالاستناد إلى تقرير نشره في شباط/فبراير من نفس العام يشير إلى "تغير الوضع العام في سوريا".
وفي أيار مايو وحزيران يونيو من العام الجاري أصدر مجلس اللاجئين قرارات تتعلق بخمسة ملفات للاجئين سوريين من دمشق، مشيراً إلى أنهم "لا يحتاجون إلى الحماية وعليهم مغادرة البلاد".
وبدورها أكدت وزارة الهجرة واللجوء على موقعها أنها تعمل على تقييم إمكانية سحب تصاريح الإقامة من مئات الأشخاص القادمين من محافظة دمشق في سوريا، مشيرة إلى أنه وبحسب التقديرات، فإن الأمر يتعلق بـ900 حالة سيتم إعادة تقييمها من قبل دائرة الهجرة، ومن المتوقع البت في معظم هذه الحالات خلال العام الجاري.
" هيثم شحادة الكردي" لاجئ من ريف دمشق لجأ إلى الدنمارك عام 2015 وبعد حوالي 9 أشهر تم منحه الإقامة المؤقتة ولجوء الحماية المعروف بـ 3/7 لمدة سنة فقط وقدم على لمّ شمل لعائلته في تركيا، وبعد أن أعلن نظام الأسد أن من هم فوق الأربعين لا يطلبون إلى الخدمة العسكرية التقطت الحكومة الدانماركية هذه الإشارة لتضعها كذريعة للتلاعب في ملفات اللاجئين وإجبارهم على الرحيل إلى دمشق، كما حصل في ملفه.
وكشف "الكردي" أن النظام قتل شقيقه وابن شقيقه وزوجته وابنته وابنه الصغير فيما تمكن هو من الفرار مع عائلته إلى تركيا ولديه -كما يقول- ابن مطلوب للجيش في الدانمارك، وأشار إلى أن ابنه شارف على اتمام 19 سنة وإذا تم التأخير في لمّ شمله فلن يتم قبوله في أي بلد.
ولفت المصدر إلى أن هناك شبيحة كثر للنظام في الدانمارك هم من أضروا بأوضاع اللاجئين السوريين ومنهم لاجئة مطلقة حصلت على تعويض الطلاق ونزلت إلى سوريا وهي على علاقة بالكثير من الدانماركيين ودأبت – حسب قوله- على التقاط صور لها في النوادي الليلية والفنادق وإرسال الصور والفيديوهات لمن تعرفهم من الدنماركيين وإلى صفحات اللاجئين مدعية أن دمشق آمنة والأمور على مايرام.
وهناك أمرآه سورية كردية تبلغ من العمر 64 عاماً ولديها 9 أولاد في الدانمارك كلهم حاصلون على اللجوء السياسي، ومنذ فترة قررت الحكومة الدانماركية إحالة ملفها إلى محكمة الهجرة وإلغاء الإقامة علماً أن أحد أبنائها يحمل الإقامة الدائمة وأحفادها يحملون الجنسية الدنماركية، وليس لديها أحد من عائلتها في سوريا بعد وفاة زوجها ولم يعد لديها إلا أبناؤها وهي تنتظر موعد المحكمة علّها تنصفها وإن كان هذا الأمر مستبعداً.
اللاجئ "زاهر سلامي" الذي خاض معركة مع القضاء الدانماركي منذ سنتين وحصل على لجوء سياسي، أرجع تعامل الحكومة الدانماركية مع ملف اللاجئين بهذا الشكل إلى وزير الهجرة الدانماركي "ماتياس تيسفايا"، وهو لاجئ من أصول أثيوبية وعد حكومته -كما يقول محدثنا–بإنهاء ملفات 900 لاجىء خلال سنة، أي قبل نهاية الـ 2020 وتابع أن الحكومة الدانماركية فتحت –بالفعل- قضايا الإقامات 7/3 حماية مؤقتة والإقامة 7/2 وكل من جاء من دمشق وضواحيها.
وأردف أن اللاجئين باتوا يذهبون إلى مركز اللجوء "ساند هولم -Sandholm" للخضوع لتحقيق شكلي جديد، ثم يتم تحويل ملفهم إلى محكمة اللاجئين التي تقوم بدورها بإلغاء إقاماتهم وإقرار ترحيلهم خلال 30 يوماً ليغادروا إلى بلدهم ولذلك بات وضع اللاجئين السوريين في الدانمارك سيئاً للغاية.
وأعرب "سلامي" عن اعتقاده بأن الحكومة الدانماركية تريد من خلال تكريس عملها على ملف اللاجئين كسب أصوات اتتخابية، وخاصة أن الدانماركيين لا يحبون الغرباء واللاجئين السوريين منهم تحديداً، علماً أن السوريين الذين جاؤوا إلى البلاد منذ العام 2014 إلى الآن يعملون في غالبتهم، وأنهى أبناؤهم تعليمهم وأتقنوا اللغة وحققوا كل شروط الإندماج.
وأكد محدثنا أن الدانمارك غيّرت كل قوانين الهجرة وحولت كل إقامات اللاجئين لديها بما فيها السياسية والدائمة إلى البقاء المؤقت بما يعني أنه باتوا مهددين بالترحيل في أي ساعة وعندما تقرر السلطات الدانماركية ذلك.
وبدوره أشار الناشط "نايف عودة" لـ"زمان الوصل" إلى أن الفئة المهددة بالترحيل إلى سوريا في الدانمارك هي فئة الحماية المؤقتة الإنسانية 7،3 وبالذات كبار السن والنساء والأطفال تحت سن 18 وهي الفئة الأضعف في أوساط اللاجئين، لافتاً إلى أن هناك اتفاق لجوء ضمنياً وخاصاً بين الحكومة واللاجئين ولكنه لا يخضع لأي معاهدة دولية.
وعبر "عودة" الذي لجأ إلى الدانمارك عام 2015 وحصل على لجوء سياسي عن اعتقاده بأن اللاجئين في الدانمارك عبارة عن ورقة ضغط تلعب بها الأحزاب السياسية يميناً وشمالاً، فالحكومة السابقة اليمينية كانت متشددة حيال اللاجئين لتكسب أصوات ناخبين، ولكنها خسرت في الإنتخابات الماضية وحلت حكومة محسوبة على اليسار ولكنها أقرب إلى اليمين إذا بدأت بمارسة سياسة ممنهجة للضغ ط على اللاجئين والإدعاء بأن هؤلاء اللاجئين فشلوا في الاندماج وبإمكانهم العودة إلى بلادهم.
ولفت المصدر إلى أن عبارة دمشق باتت آمنة التي دأب موظفو دائرة الهجرة على تردادها منذ عام تستند إلى تقارير استخباراتية، كاشفاً أن هناك منظمة لمساعدة اللاجئين تدعى DRC لديها مكتب في دمشق يعدو كونه مكتباً استخباراتياً دانماركياً في سوريا، وهو من ساعد في الترويج بأن دمشق باتت آمنة وفي إصدار تقرير(دمشق آمنة) وساعد أيضاً في تشجيع السورين المقيمين في الدنمارك والذين لا يفقه بعضهم من السياسة شيئاً ولا يعرفون الأسد، وأغراهم المكتب المذكور في الدنمارك بما يسمى العودة الطوعية و الحصول على مايقارب 135 ألف كرون لكل فرد فوق سن 18 و قرابة 45 ألف كرون لكل طفل تحت سن 18 سنة و منهم السيدة "منال طحان" التي كانت موجودة في الدانمارك ولها نشاط سياسي كبير جداً وناشطة في بعض المنظمات وغادرت البلاد فجأة بعد أن حصلت على مبلغ "العودة".
وعبر محدثنا عن اعتقاده بأن سياسة الدانمارك المتبعة منذ بداية لجوء السوريين هي الضغط عليهم وتطفيشهم دون أسباب معروفة أو واضحة.
وكشف "عودة" أن من يتم سحب إقاماتهم من اللاجئين ينتقلون فوراُ إلى ألمانيا أو عيرها من الدول الأوروبية ولا ينتظرون حتى يتم نقلهم إلى كامب الترحيل وخصوصاً أن الكثير منهم ينتظرون مصيراً غامضاً في حال ترحيلهم إلى دمشق التي تدعي السلطات الدانماركية زوراً أنها آمنة.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية