في مكتب أنيق وسط مدينة "فرايبورغ" جنوب غرب ألمانيا يعمل الشاب السوري "ساجد كسابرة" كـمُستشار أصول مالية وتأمينات (عقارية، طبية، شخصية، ودفاتر توفير بنكية) في شركة "Barmenia" وهو العمل الذي التحق به منذ شهرين بعد أن أثبت جدارته وتفوقه في مجال العمل والدراسة، وصُنف كـأفضل مُستشار مبيعات في ست شركات مُجتمعة في مدينة "فرايبورغ" التي يقيم فيها ومنطقة الغابة السوداء كاملة، متفوقًا في ذلك على العشرات من الألمان بعد وصوله للشركة بشهر واحد فقط.
وكل من عاش تلك التجربة يعرف -كما يقول- أنها كانت نافذة فريدة في حياتنا للأمل والكينونة والتعلم والحرية.
بعد مجزرة العيد الكبرى التي طالت "الحراك" وراح ضحيتها العشرات من أهالي المدينة بمن فيهم أبناء عمومة "ساجد" وأخواله قرر السفر إلى ليبيا وأمضى هناك 6 أشهر، ثم انتقل إلى مصر ليعيش فيها نفس الفترة، ثم عاد إلى ليبيا التي اختار الهجرة منها إلى ألمانيا نهاية الـعام 2014.
وروى اللاجئ الشاب أن الكثير من الأهوال والمصاعب التي لم يكن يتوقعها تخللت هذه الرحلة الشاقة، حيث اضطر للنوم في هنكارات مغلقة بألواح زينكو مع عشرات الأشخاص في ليبيا من غير حمامات لمدة ستة شهور، وكانوا يستخدمون حمامات المساجد، وفي تونس لوحق من قبل الأمن وضُرب وسًجن هناك، وسلب ماله في الجزائر، وتمت معاملته مع من معه من المهاجرين كقطيع من الأغنام من قبل المهربين -حسب قوله- إلى أن وصل إلى ألمانيا أواخر العام 2014.
ولطالما عاد مراراً مشياً على الأقدام أو على الدراجة إلى المنزل مرورًا بالغابة لأنه لم يكن يملك ثمن سيارة أو تذكرة قطار.
ثم حصل في نفس الشركة على تدريب مهني كـ"Tourismuskaufmann für Privat und geschäftsreisen".
وعمل أثناءها بشكل إضافي في شركة "Grüne Flotte" لتأجير السيارات.
أثناء دراسته تطوع الشاب العشريني كمترجم في منظمة "Saga" لمساعدة أقرانه اللاجئين قانونيًا لمدة سنة.
ثم تطوع مع مُنظمة "Vision Hope" المدعومة من الحكومة الألمانية كـمصمم مشاريع، تجني من خلالها المنظمة أرباحاً يتم دفعها كمساعدات للمخيمات في الأردن واليمن وسوريا.
وتابع المصدر أنه حصل بعد ذلك على عرض في سويسرا لدى شركة "Basler Versicherung"، لكن جو العمل هُناك لم يعجبه وتم تأهيله من قبل شركة "Barmenia" المعروفة جدًا في السوق الألماني لتغيير مجال العمل بعد اجتياز الامتحانات المطلوبة ليصبح مستشاراً في الأصول المالية والتأمينات، ثم اُختير من قبل مؤسسة التأمين الصحي "BKK Partner" الحكومية كأول متحدث عربي باسمها والمسؤول الوحيد عن المُتحدثين باللغة العربية في مدينة "Freiburg im Breisgau".
وتتمثل طبيعة عمله في كونه صلة وصل بين المؤسسة والعُملاء والتحدث معهم بلغتهم الأم وإيجاد حل لمشاكلهم والصعوبات التي يواجهونها مثل الاستشارات في عمليات الأسنان مثلاً وكيف يغطيها التأمين...وهكذا.
وأردف أن الطريق لا يزال مفتوحاً أمامه على المستوى المهني ويتوقع أن يتطور وضعه على الصعيد السياسي كونه عضواً فاعلاً في حزب الخضر الألماني.
وختم الشاب الطموح بدعوة أقرانه من الشباب اللاجئين إلى اغتنام الفرص المتاحة وعدم هدر وقتهم بالعمل غير النظامي (الأسود) طمعًا بالمال أو الانتظار للحصول على العرض المناسب.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية