أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

انطلاق مؤتمر المسألة الدستورية والتحول الديمقراطي في البلدان العربية عبر تقنية التواصل المرئي

افتتح يوم الخميس، المؤتمر السنوي التاسع لقضايا الديمقراطية والتحوّل الديمقراطي بالتعاون بين المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات والمنظمة العربية للقانون الدستوري.

وافتتح الدكتور مهدي مبروك مدير فرع المركز العربي في تونس المؤتمر الذي جاء تحت عنوان "المسألة الدستورية والتحول الديمقراطي في البدان العربية". وأشار في كلمة افتتاحية إلى أن أكثر من مبرر يجعل المسألة الدستورية مبحثًا علميًا ذا راهنية قصوى، أهمها أن الدساتير في بلداننا العربية تُعدّ أحد قوادح الثورات والانتفاضات من جهة، وهي أيضا أحد أسباب تعثرها وفشلها من جهة أخرى.

وقال "مبروك" إن جُل البلدان التي مرت بهذه الانتقالات المتعثرة في مجملها للأسف قد شهدت مسارات دسترة مهمة، تمت فيها صياغة دساتير أو مشاريع دساتير جديدة أحيانا أو تعديل لدساتير "قديمة" ضمّت البعض من تطلعات المحتجين وحاجاتهم وأشواقهم نخبًا وفئاتٍ اجتماعيةً عريضةً، حتى بدا الدستور عَقدا وثيقا بين الحاكم والمحكوم تتحدد فيه طبيعة الدولة وأركان النظام السياسي وتوزيع السلطات و العلاقة بينها فضلا عن الحقوق والواجبات التي لا تكتمل بها مواطنية المواطن فحسب بل وإنسانيته أيضا.

بدوره أكد عبد الفتاح ماضي، منسق مشروع التحول الديمقراطي ومنسق المؤتمر، أن موضوع المؤتمر يتناول مساحة بحثية واسعة، تمتد لتشمل مراحل ممتدة، بعضها سابق على كتابة الدساتير ذاتها وبعضها الآخر لاحق لهذه العملية، وتتناول قضايا متعددة مثل التوافقات السياسية والسياقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتكوين الهيئات التأسيسية، وعلاقة الدساتير المؤقتة أو الصغيرة بالدساتير الدائمة، ومعالجة إرث الأنظمة القديمة، فضلا عن أدوار الخبراء المحليين والخارجيين، وضمانات انفاذ الدساتير وعدم انهيار النظم الديمقراطية الدستورية، ومعالجة مثالب الديمقراطية التمثيلية، وضمانات النجاح في المجتمعات المنقسمة.

وأشار ماضي إلى عملية إدارة البحوث التي وردت إلى اللجنة العلمية، حيث خضعت البحوث لعملية التحكيم حسب القواعد المتبعة في المركز العربي للأبحاث وذلك لضمان الصرامة العلمية والارتقاء بالمنتج المعرفي العربي، منوها إلى أن اللجنة تلقت أكثر من 70 بحثا، تم تحكيم 54 بحثا، اجتاز منها 22 ورقة بعد تلقي اللجنة أكثر من 106 تقارير تحكيمية.

وفي أعقاب الجلسة الافتتاحية، دارت جلستان عبر منصة "زووم"، ضمتا مجموعة من أبرز الخبراء العرب ممن شاركوا أو اتصلوا بشكل مباشر مع عملية وضع دستور جديد فيما بعد 2011.

في الجلسة الأولى التي رأسها الدكتور خالد زيادة، مدير المركز العربي - فرع بيروت، ألقيت شهادات تبلور خبرات اليمن والعراق والجزائر في التحول الدستوري وتعلقه بمسارات الانتقال الديمقراطي، وضمت أستاذة علم الاجتماع بجامعة تعز في اليمن الدكتورة ألفت الدبعي، والبرلماني وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور نديم الجابري، والأكاديمي الجزائري وأستاذ القانون العامّ بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة تبسة الدكتور عمار بوضياف.

وفي الجلسة الثانية للخبراء العرب، التي رأسها الدكتور حيدر سعيد مدير الأبحاث بالمركز العربي ورئيس تحرير دورية "سياسات عربية"، قدّمت شهادات تبلور خبرات عربية أربعة هي السودان وليبيا وسورية والمغرب في التحول الدستوري.

وضمت الجلسة كلا من المحامي والحقوقي السوداني الدكتور نبيل أديب عبد الله، الذي تولى رئاسة لجنة التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان خلال الاحتجاجات السودانية والمحامي الليبي الدكتور محمد عبد القادر التومي عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في ليبيا، والمحامي السوري وأستاذ القانون الدولي العام بجامعة قطر الدكتور محمد حسام حافظ، وأستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط والعضو السابق بالمجلس الدستوري والمحكمة الدستورية في المملكة المغربية الدكتور محمد أتركين.

وقدم محمد حسام حافظ معالجة للمسألة الدستورية في سوريا وأثرها في الصراع الجاري منذ 2011، وكيف لم تحتل المطالبة بتغيير الدستور مكانة متقدمة فيه، حيث ذهبت الأولوية إلى تحقيق الانتقال السياسي. وقدم حافظ تفسيرا لانخفاض مكانة الدستور في العملية السياسية يستند على عاملي التمثيل والشرعية اللذين يميزان الأنظمة الشمولية. فالنظام السوري بني شرعيته على أسس لا تخضع للدستور والقانون، وظل يوظف العمليات الانتخابية والاستفتاءات كغطاء للممارسات القمعية التي تمثل في جوهرها ممارسات لادستورية.

وتوقع حافظ أن يتشكل الصراع السياسي فيما بعد النظام الحالي حول الدستور وبنوده. واستنتج ذلك من النقاشات التي جرت في الأعوام الماضية ضمن المعارضة السورية.

ودعا إلى الاعتناء بالجوانب المرجعية للمسألة الدستورية في سياق العملية السياسية السورية، وتضمين النقاشات والمخرجات التي رافقت الحوارات السورية - السورية بشأن القضايا الدستورية، في ضوء تشكيل ما سُمى "اللجنة الدستورية السورية".

أعقب كل جلسة من الجلستين تعقيبات وتساؤلات من الحضور على زووم وعبر شبكات التواصل الاجتماعي، درات حول حقيقة التوافقات التي درات في بعض الحالات وما إذا كانت بالفعل توافقات كبرى، وطرق معالجة إرث الأنظمة السابقة، ومواجهة العقبات الواردة من تحكيم القوة والسلاح والتدخل الخارجي في حسم الصراعات والخلافات السياسية، فضلا عن ضمانات أن تعكس تصورات القوى السياسية المسيطرة مطالب الشعوب في موجات الثورات الشعبية التي اندلعت موجتها الأولى في 2011 والثانية في 2019، وآليات انفاذ الدساتير وتجنب بقائها مجرد نصوص لا أثر لها في الواقع، وكذا أدوار الفاعلين الخارجيين والاستفادة من التجارب الأخرى، وغير ذلك من قضايا.

زمان الوصل
(227)    هل أعجبتك المقالة (224)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي