أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

وثائقي يروي معاناة أطفال "الوعر" الحمصي سنوات الحصار

من الفيلم

يحكي فيلم "حلم" الوثائقي للمخرج الشاب "مهند الحمود" معاناة أطفال "الوعر" الحمصي سنوات الحصار، وتدور أحداث الفيلم في بقعة من الأرض لا تتجاوز مساحتها 5 كيلو متر عاش فيها أطفال لا يعرفون عن الحياة إلا ما أعطتهم إياه في ظل حرب وحصار الحي الواقع غرب مدينة حمص، وهو آخر مناطق حمص الثائرة التي صمدت في وجه النظام وعاشت حصاراً مريراً وتجويعاً ممنهحاً ما بين عامي 2013- 3017 وعبر 21 دقيقة تروي الطفلة "راما" ذات السنوات الـ 11 تناقضات جمعتها أحلام الأطفال البريئة ومأساة الواقع الدرامي الذي عاشه هؤلاء الأطفال الذين يتقاسمون الجرح والألم والأحلام المؤجلة.

وأُنجزت مواد الفيلم الخامية في ظروف غاية في الصعوبة ومنها عدم توافر المعدات اللازمة لتنفيذ العمل، بالإضافة إلى عدم توافر الأمان اللازم للتصوير بسلاسة دون انقطاع.

وروى "الحمود" لـ"زمان الوصل" أن أكثر ما كان يقلقه أثناء رحلة إنجاز الفيلم هو رفقة الأطفال والخشية من أن يصيبهم مكروه، حتى أنه مع طاقم فيلمه وصلوا-كما يقول- إلى أوقات سُدّت فيها كل الطرق بوجوههم لدرجة فكروا بالتوقف عن استكمال العمل أكثر من مرة.

واستدرك المخرج الشاب أن فكرة إيصال حقيقة الواقع الذي عاشه أطفال الحصار والاسئلة التي راودته آنذاك عمن سيعرف عن أبطال الفيلم الأطفال "أحمد" و"طلال" و"ابراهيم" و"راما" الذين ينقلون بدورهم واقع شريحة مغيبة عن الإعلام ألا وهي أطفال الحصار فيما لو توقف الفيلم أو ألغي، وهذا ما جعله مع رفاقه يستأنفون العمل عدة مرات ويتحدون كافة الصعوبات بأضعف الإمكانيات المتوفرة، لكن تركيزهم بواسطتها كان على أهمية ما في الصورة وليس أهمية جودة الآلة التي يستخدمونها للتصوير.

وكشف المخرج العشريني أن ثمة صعوبات أخرى واجهت فريق فيلمه ومنها الاضطرار للنزول إلى الملاجئ خلال التعرض لحملات قصف وتوقف الحياة أو مايشبه الحياة بتعبير أدق وهذا كان سبباً في تأخير إنجاز مواد الفيلم الوثائقية لكنهم عندما اعتقدوا أنهم قد شارفوا على إنجاز الفيلم فوجئوا بدخول الباصات الخضراء إلى الحي وتهجير جميع سكانه مما جعل هناك حلقة ضائعة، ولم يتمكنوا من استكمالها كما خططوا وأرادوا أن تكون ضمن سلسلة الفيلم كاملاً وذلك احتاج –حسب قوله- وقتاً طويلاً تداعت خلاله أفكار كثيرة إلى أن وصلوا إلى حلقة تربط الفيلم بالحصار يمكن تصويرها من مكان النزوح في تركيا وهي مشهد الفقاعة.

وحول مغزى الربط في بداية الفيلم بين الفقاعة التي يلاحقها الأطفال ثم تنفجر وبين فقاعة كبيرة تأسر المحاصرين داخلها أوضح "الحمود" أن الكثير من أطفال "الوعر" عاشوا ونشأوا في حصار ضيق حتى بات أكثرهم يعتقدون أن الدنيا كل الدنيا هي عبارة عن شارع أو شارعين وعدد من الأبنية أغلبها مهدوم والأبنية السليمة بعيدة على الضفة الأخرى من المدينة.

وأردف أن أسئلة الأطفال آنذاك كانت من الصعوبة بحيث يعجز الكبار عن الإجابة عليها مثل: هذا البناء كيف صار هكذا، ولماذا يقف ذلك البناء السليم بعيداً عنا ولايمكننا الوصول إليه، ومًنْ هؤلاء الذين فعلوا كل هذا الخراب، هل الدنيا هكذا؟!!

واستدرك: "من يستطيع أن يجيبهم ويجعلهم يستوعبون طبيعة الدنيا ومعنى الحياة ولا يتلعثم في ظل الواقع الذي يعيشونه؟ من هنا جاءت فكرة ربط الفقاعة التي يلعب بها الأطفال وتنفجر متلاشية بالفقاعة التي يعيشون فيها وستتلاشى يوماً ما".

وحول اختياره لطفلة كشاهدة وراوية في الفيلم أوضح "مهند" أن السبب في اختياره للطفلة "راما" لتكون حجر الأساس في الفيلم هو أنها أصغر شخصيات العمل وبكونها طفلة فذلك يجعل المشاهد يشعر مع سردها وتعليقها على الأحداث بالدفء والحنان والأمان والثقة، وكل تلك المشاعر المفقودة في الصورة الواقعية للأحداث التي ينقلها الفيلم، وهذا ما يجعل التناقض ممكناً وهذا أكثر ماكنا نعيشه في الحصار، حيث كنا نستدعي الأمل رغم الألم، واستطرد أن "هذا التناقض يجعل الفيلم أكثر قرباً من الواقع والحقيقة".

ونوّه المخرج الذي يعيش في اسطنبول إلى أن العمل مع الأطفال على اختلاف أعمارهم هو من أكبر التحديات وأكثرها صعوبة في الأحوال العادية فكيف عندما يكون العمل معهم في ظل كل تلك الظروف الخطرة بالإضافة للامكانيات المعدومة.
واستعاد مخرج الفيلم لحظات الرعب التي كان يعيشها أهالي "الوعر" المحاصرين أثناء تحليق الطيران والقصف، وكيف كان يرى تعابير وجوه الناس وهلعهم.

وقال صانع الفيلم إن المرء يحتار في العثور على شعوره الشخصي بين كل تلك القصص المؤثرة التي كانت تتزايد باستمرار عند إقلاع ومرور كل طائرة في سماء الحيّ، تلك الحيرة كانت عاملاً وداعماً رئيسياً في أن تبقى الكاميرا توثّق اللحظة حتى لو لم يبق حياً وراءها.

وتابع: "عندما تنتهي الطائرة من إفراغ حمولتها ويحلّ الليل وسكونه كنت أتساءل عن حال هؤلاء الأطفال ما إذا كان سيبقى على ماهو عليه أم سيتغير ويتعرفون على الحياة والدنيا الكبيرة التي تتسع لكل أحلامهم، فأجد في هذا التساؤل خوفاً أكبر بأضعاف من الخوف الذي يأتي مع الطائرة في الصباح".

ولدى سؤاله عن مشاريعه السينمائية الحالية أو المستقبلية أشار "مهند" إلى أن هذا السؤال يضع اليد على الجرح موضحاً أنه تخلص من الحصار وكونه في منطقة معدومة الإمكانيات، إلا أنه لا يزال يواجه صعوبات في البدء بتنفيذ أعمال جديدة لأنه كغيره من السوريين ليس لديهم مؤسسات ولا منصات تدعمهم في توفير ما يحتاجونه للعمل على مشاريع وأفلام تنقل الواقع الجديد الذي وصلنا إليه رغم أن في جعبتهكما يقول – الكثير مما يمكن سرده في روايات بصرية حقيقية.

وختم أن الواقع الجديد الذي نعيشه يجعل من الصعوبة القيام بمبادرات فردية كالتي قام بها مع غيره مسبقاً لعمل أفلام ومشاريع فنية تنقل معاناة أهلنا في المخيمات، وما وصل إليه حالهم وحال هؤلاء الأطفال الذين بات مصيرهم مجهولاً ولانعرف عنهم شيئاً الآن.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(131)    هل أعجبتك المقالة (128)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي