
كيف يعيش السوري صاحب "السيلفي" الأشهر مع "ميركل" وبماذا يشعر اليوم بعد 5 سنوات

قبل عدة سنوات، عندما أخذ اللاجئ السوري الشاب لقطة "السيلفي" الأشهر للاجئ مع المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل"، غزت هذه اللقطة وسائل الإعلام وساحات مواقع التواصل بشكل رهيب، لاسيما أنها جاءت في عز موجة اللجوء السوري، وفي أوج سياسة الأبواب المفتوحة التي انتهجتها المستشارة ودافعت عنها بضراوة، فاستقبلت بموجبها مئات الآلاف من السوريين، كما لم تفعل أي دولة في الغرب.
ولكن اليوم وبعد مضي هذه السنوات، يبدو أن عددا من الأشياء تغيرت في حياة صاحب "السيلفي" الأشهر، وفي السياسة الألمانية أيضا، وفقا لما أورده تقرير موسع لصحيفة "لوس أنجلس تايمز" الأمريكية.
التقرير سلط الضوء على بداية قصة اللاجئ السوري "ردين صوان"، ومآله الحالي بعد مضي سنوات على صورته مع "ميركل"، فعندما التقط تلك الصورة عام 2015 كان لتوه قد وصل ضمن موجة اللجوء الضخمة إلى ما اعتبروه أرض الأحلام، التي تحكمها امرأة ودودة ومتعاطفة مع البشر المسحوقين.
لغته الألمانية الضعيفة حينها، بالكاد سمحت له أن يلقي التحية على "ميركل" التي فوجئ بوجودها في مركز يؤويه مع عدد من اللاجئين، يومها كان عمره 25 عاما، ولم يفوت فرصة وجود زعيمة البلاد والمرأة التي تعد رمزا للصلابة والحنان في آن معا، فوقف إلى جانبها كتفا بكتف وأخذ معها لقطة "سيلفي"، كانت كافية لترسيخ صورة "ميركل" كنصير للمشردين من بلادهم، ومحفزا في نفس الوقت لأعداد غفيرة حتى يتدفقوا على ألمانيا دون غيرها من دول أوروبا.

يتذكر "صوان" أن المستشارة كانت متوترة بعض الشيء يومها، ولكنها ابتسمت لحظة التقاط "السيلفي"، لتكرس لدى الجميع –الموالين لسياستها والمنتقدين لها- صورة السياسية الحديدية الماضية في قرار فتح البلاد أمام أفواج اللاجئين، مهما بلغت ضخامتها.
ألقت "سيلفي" ردين مع "ميركل" حجرا ضخما في بركة الجدل، الذي لم يتوقف يوما منذ قرار "برلين" فتح الحدود أمام اللاجئين، وقد استمر هذا الجدل تارة لصالح المستشارة وأخرى ضدها، في وقت كان ردين وأمثاله من اللاجئين يحاربون في سبيل ضمان تأقلم سريع وغير باهظ الثمن، مع نمط الحياة في ألمانيا، وكان في مقدمة معاركهم تعلم اللغة التي تزخر بكم هائل من القواعد التي يصعب حتى على الألمان أنفسهم فهمها في بعض المرات، فضلا عن إتقانها.
والتمرس بلغة معقدة كالألمانية، كان وما زال شرطا، حتى لمن يريدون الانخراط في مجالات عمل بسيطة مثل نادل في مطعم أو حتى غاسل أطباق، وهو شيء لم يستطع كثير من اللاجئين فهم مغزاه.
ومع كل الصعوبات، استطاع "ردين" أن يصل إلى مستوى مقبول في الألمانية، ومع ذلك فإنه لم يفلح بإيجاد ما كان يحلم به من عمل، وتوقفت حدود قبوله عند العمل الجزئي في مجالات منخفضة الأجر، كما في المطاعم والمقاهي والمستودعات، تخللتها فترات بطالة.
"ردين" الذي يعيش اليوم في شقة استوديو صغيرة مقابل 500 يورو شهريا، يقول: "كنت أعمل بدوام جزئي كنادل وأطبخ في مطعم حتى الأول من آذار/مارس، ولكن بعد ذلك جاء فيروس كورونا، ولم يعد لدي الكثير من العمل منذ ذلك الحين".
ويتابع الشاب الذي صار في الثلاثين من عمره: "آمل أن أحظى بوظيفة جيدة ذات أجر جيد، مع عقد عمل حقيقي. الوظائف التي عملت بها بالكاد كانت تؤمن لي قيمة الإيجار... أريد أن أكسب ما يكفي للاعتناء بنفسي، لكن الأمر أصعب بكثير مما كنت أعتقد".
وتحت هذه الضغوط يبوح "ردين" بما يعتمل في نفسه، مؤكدا أنه ربما فقد فرصة بناء مستقبل له في البلاد التي هاجر إليها، قائلا: "لم يكن لدي مستقبل في سوريا، لكن ربما ليس لدي مستقبل في ألمانيا أيضا، أرجو أن لا تفهموني بشكل خاطئ، أنا سعيد وممتن لوجودي هنا، بعيدا عن الحرب. لقد كانت ألمانيا لطيفة معي، لكن ليس لدي أي عائلة هنا... أود أن أجد امرأة أستطيع الزواج بها وإنجاب أطفال منها. أود أن أقابل شخصا له نفس الثقافة والدين. هذا مهم بالنسبة لي".
هذا بالنسبة للاجئ السوري "ردين صوان" صاحب السيلفي الأشهر مع "ميركل، أما فيما يخص الأخيرة فما تزال المستشارة تدافع بكل قوة عن سياسة الأبواب المفتوحة، وقد أكدت ذلك بمناسبة مرور 5 سنوات على قرارها الكبير، فقالت إنها لم تكن لتردد في اتخاذ نفس الإجراءات والقرارات (المتعلقة باللجوء) لو عاد الزمن بها إلى الوراء.
وفيما لاتزال "ميركل" مصرة على صوابية قرارها، ما يزال الجدل يحتد بين فترة وأخرى، وما يزال اليمين المتطرف قادرا على دغدغة مشاعر جمهور من "كارهي الأجانب" وحصد أصواتهم، وما تزال الأعمال العدائية تجاه الأجانب تطل برأسها بين الحين والآخر، والأهم أن الأبواب التي كانت مفتوحة على مصراعيها، لم تعد كذلك، فقد ضاقت تلك الأبواب إلى درجة يحس بها الكثيرون، بعدما اكتفت البلاد أو اتخمت من المهاجرين واللاجئين، حسب ما تقول بعض الأصوات.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية