حصد الفيلم الوثائقي "دوما تحت الأرض" للمخرج الشاب "تيم السيوفي" جائزة أفضل فيلم وثائقي قصير وجائزة منظمة العفو الدولية "امنستي" في الدورة الـ17 لمهرجان "اندي ليزبوا" IndieLisboa International Film Festival في مدينة "ليزبونا" البرتغالية.
وقالت لجنة تحكيم جائزة منظمة العفو الدولية عن الفيلم: “في اثني عشر دقيقة مؤلمة نشعر أننا انتقلنا إلى واقع بعيد جدًا عن واقعنا، يذكّرنا بمدى أهمية عدم التوقف عن التصوير أبداً، حتى عندما ينهار كل شيء من حولنا". وأضافت "إن شجاعة التصوير في ظل هذه الظروف والطريقة الواقعية والشعرية في آن معاً التي ينتهجها المخرج تستحق التقدير".
وعبّر المخرج الشاب الذي يعيش في تركيا منذ عام عن سعادته بفوز الفيلم الذي أنتجته "مؤسسة بدايات للفنون السمعية البصرية" العام الماضي 2019. وأضاف في حديث لـ"زمان الوصل" إن ما كان يهمه ليس الجوائز والمهرجانات، بل أن يصل صوت الناس، وأن يرى من هم خارج سوريا ما يجري داخلها وبخاصة في المناطق المحاصرة، ولأجل ذلك حمل الكاميرا وصوّر -كما يقول.
وذكر أنه حوصر من عام 2012 إلى العام 2018 في الغوطة الشرقية والشيء الوحيد الذي كان يهمه أن تصل الرسالة بعيداً عن أجواء القصف والدم التي اعتاد العالم على رؤيتها، وأن يبقى من الفيلم شيء للذاكرة والتاريخ، وأن يقدم بدوره فيلماً مختلفاً عن الأفلام أو المواد الإخبارية التي كانت ولا تزال تُعرض.
واستدرك المخرج الثلاثيني أن هدفه من مشاركة الفيلم في المهرجان ليس السعي للفوز بجائزة بقدر ما كان يحرص على عدد من رأوا الفيلم، وكيف كان تفاعلهم، وهل وصلت فكرة الفيلم، وكيف كان النظام يقتل الآلاف من المدنيين بشكل يومي وممنهج، فيما يبيض العالم صفحته.
وأردف محدثنا أن "فوز الفيلم لا ينسينا أن هناك شيئا مؤلما داخل الفيلم وخاصة على المستوى الشخصي".
واستغرق إنجاز فيلم "دوما تحت الأرض" الذي امتد لـ 12 دقيقة حوالي 6 أشهر، وكان على تيم أن يشاهد المواد التي صورها برمتها ليختار منها ما يناسب، وهذا فرض عليه -حسب قوله- أن يعيش واقعاً أليماً عاشه من قبل. وكشف أنه كان كل مرة يسترجع المقاطع التي صورها في ظل الحرب والحصار بالغوطة يشعر وكأنه يستنشق رائحة دم محروق مع رائحة الجثث وبقي لأشهر على هذه الحالة.
وكشف "تيم" أن هناك العديد من الصعوبات التقنية والمعنوية التي واجهته خلال مراحل إنجاز فيلمه "دوما تحت الأرض"، فكل شخص مرت صورته أمام الكاميرا كان بالنسبة له مسؤولية ليوصل صوته، علاوة على صعوبات تتعلق بشحن الكاميرا والأرشيف وإخراج الهاردات من منطقة محاصرةـ، والمرور على حواجز النظام أثناء التهجير، وخطورة حمل الكاميرا وما يدين النظام من وثائق أو صور أو فيديوهات.
وكشف محدثنا أن أحد أعضاء مجلس الشعب تواصل معه قبل التهجير وعرض عليه مبلغاً كبيراً مقابل ترك أرشيفه الذي صوره ولكنه تمكن من خداعه وخرج من الحصار حاملاً هذا الإرشيفـ ولفت محدثنا إلى أن الكثير من المخرجين في الخارج لا يعرفون شيئاً عن الثورة السورية أو ما يحدث داخل سوريا وحالات القصف والتدمير والقتل الممنهج الذي يحصل إلا من خلال الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي ولم يعيشوا للحظة أي تجارب ومع ذلك ينظرون لأي ناشط يخرج من منطقة محاصرة وحرب بأن لديه كنز ثمين، ولكنه من وجهة نظرهم سلعة تجارية قابلة للبيع فيقومون بالتفاوض حيال هذا الأرشيف والمجادلة بخصوص الثمن للأسف، وكان هذا الأمر-حسب قوله- مؤلماً بالنسبة له فكأنه يبيع دم الأطفال والجيران والأهل والأصدقاء.
وأهدى "تيم" الذي لم يتمكن من حضور حفل توزيع الجوائز لعدم حيازته على أوراق رسمية فيلمه لكل أم وأخ فقدوا أشخاصا غالين عليهم جراء قصف النظام في عموم سوريا وخاصة في دوما بالغوطة الشرقية وجيرانه الذين ماتوا في آخر غارة على دوما وهم بحدود 23 شخصاً من بينهم الطفل "عمران" الذي ظهر في آخر الفيلم وهو يحمل شمعة داخل مكان مظلم وأضاءت صورته -كما يقول- جنبات العالم.
وعاش "تيم" فترة حصار امتدت 6 سنوات في "دوما" بالغوطة الشرقية ثم نزح إلى الشمال السوري وانتقل منذ سنة إلى غازي عنتاب بتركيا ولا يزال مصدوماً من الواقع ومشتتاً ولديه الآن -كما يقول- فكرة فيلم طويل سيتضمن الكثير من التفاصيل عما جرى ويجري من حصار وقصف وعن أغلب المراحل التي مرت بها الغوطة، وبين يديه عمل عبارة عن "بودكاست" صوت لتسليط الضوء على موضوعات مهمة ومشاكل يومية يعيشها السوريون ولا ينقلها الإعلام، وثمة مشاريع فنية قادمة، ولكن ريثما تنظف عينه من مشاهد الجحيم التي عاشها في سوريا، حسب قوله.
وثائقي عن حصار "دوما" ينال جائزتين عالميتين في البرتغال

فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية