أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل سيتحقق السلام في سوريا؟*

يسارع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إبرام اتفاقيات السلام بين بعض الدول العربية وإسرائيل بشكل متتابع وبفارق زمني لا يذكر، وعينه بالطبع على الانتخابات الرئاسية القادمة، ليحقق من خلال هذه الخطوة جماهيرية داخلية تضمن له دورة رئاسية ثانية، يكمل فيها ما بدأه من سياسته الحمقاء التي شهدناها على مدى أربع سنوات مضت.

يشيد ترامب في خطاباته وبأسلوبه الاستعراضي المعهود، بالاتفاقيات المبرمة مؤكداً أنها ستنهي مشاكل المنطقة، ويصور منطقة الخليج لشعبه، بأنها منطقة مليئة بالفوضى والحروب والموت والدمار، وأن رعايته للسلام بين الامارات العربية المتحدة منذ أقل من شهر مملكة البحرين بالأمس من جهة، وبين دولة إسرائيل المحتلة من جهة ثانية، بأن هذه الاتفاقيات أنهت كل شيء وباتت السماء زرقاء والعصافير تزقزق.

المشكلة في السياسة الأمريكية بأنها وبالرغم من محاولة ظهورها الراعي الأكبر للعالم، إلا أنها لا ترى إلا مصالحها فقط في كل العصور، فما بالنا بعصر يتربع فيه على قمة هرم السياسة الأمريكية شخص مثل ترامب.

الحرب الحقيقية أيها العالم ليست في الخليج العربي، والحروب في منطقة الشرق الأوسط ليست مع إسرائيل، فالجبهة الإسرائيلية هي المنطقة الأكثر أمناً في العالم منذ العام 1975.

منذ مسرحية حرب تشرين التحريرية التي أعلنت فيها سوريا ومصر انتصارهما على العدو الصهيوني – الغاشم- والتي كانت في حقيقتها حرب إذعان كامل لدولة الاحتلال، فبعدها رسخ حافظ الأسد نفسه ممانعاً مناضلاً "بطل التشرينين"، وأخذ العهد من إسرائيل وأمريكا والقوى العظمى، بأن يبقى حكم سوريا محصوراً في عائلته، يورثها لأبنائه من بعده، لتتحول بعدها سوريا إلى سوريا الأسد، وعرين الأسد، وبالتالي مزرعة الأسد، وكنتيجة طبيعية وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم.

في مطلع عام عام 2005 أدلت وزيرة الخارجية الأميركي آنذاك "كونداليزا رايس" بحديث صحفي مع جريدة واشنطن بوست الأميركية، أعلنت فيه عن نية الولايات المتحدة الأمريكية بنشر الديمقراطية في العالم العربي والبدء بتشكيل ما يعرف بالشرق الأوسط الجديد، كل ذلك عبر نشر الفوضى الخلاقة في منطقة الشرق الأوسط عبر الإدارة الأمريكية.

لم يكن هذا المصطلح من اختراع وزيرة الخارجية الأمريكية، فالمصطلح موجود في أدبيات الماسونية القديمة، حيث ورد ذكره في أكثر من مرجع وأشار إليه الباحث والكاتب الأمريكي دان براون في منشوراته ورواياته، إلا أنه لم يظهر إعلاميا إلا بعد الغزو الأمريكي للعراق في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن، وبعد تصريحها (رايس) بوقت قصير انتشرت فرق موت منظمة في العراق مثل شركة "بلاك ووتر" الأمنية.

ما يثير القلق اليوم أن تلك الفوضى الخلاقة التي أثارتها أمريكا في العراق، بغض النظر عن حججها في غزو العراق سواء كان أسلحة الدمار الشامل، والتي ثبت دولياً خلوّ العراق منها، أو نشر الديمقراطية وتخليص الشعب العراقي من ديكتاتور، إلا أننا جميعاً رأينا بأم أعيننا، ولا يستطيع أحد أن ينكر، أن العراق تحول إلى دولة فاشلة، وبلد آيل للسقوط، واستفحلت السيطرة الإيرانية على مقدراته ومفاصله حتى بات جزءاً من ولاية الفقيه المزعومة، وكله بفضل السياسة الأمريكية وتدخلاتها هناك.

هذه الفوضى الخلاقة قد تكون قد بدأت بالفعل تبني الشرق الأوسط الجديد ولكنها تبدأ من الخليج العربي وليس من بؤر الموت.

القلق الحقيقي الذي يجب أن يشغل الجميع اليوم هو استمرار التغاضي عن دمار سوريا، وأوضاع السوريين المتردية في جميع مجالات الحياة.

لماذا يسمح للأسد بأن يستمر بسياسته الممنهجة للقضاء على سوريا والسوريين؟

إن كانت أمريكا والمجتمع الدولي تهمهم بإسرائيل وبأمن إسرائيل، لماذا يبدؤون بإحلال السلام في دول تنعم فيه أصلاً.

وإن كان أمن إسرائيل هو الأهم فأمنها لم يمسه أحد.

أما آن الأوان لهذا الشرق الأوسط الديمقراطي الجديد أن يحل في سوريا، ألا يكفينا عشر سنوات من الحرب والموت والتهجير و..و...و...وتطول القائمة.

أم أن الثورة السورية لم تلق استحسان العالم، لأنها لم تنطلق من تحت بطاناتهم، وكرهها الجميع لأنها كانت ثورةً شعبية حقيقية عبرت عن آمال شعب عريق بالكرامة والحرية والحق.

*مزن مرشد - من كتاب "زمان الوصل"
(228)    هل أعجبتك المقالة (235)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي