أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"وسام الطير" الذي حولته منظمات حقوقية من "متهم بجرائم حرب" إلى حمامة سلام

الطير أثناء العمل

لا يمكن لأحد أن ينكر جهود منظمتي "مراسلون بلا حدود" الدولية، و"المركز السوري للإعلام وحرية التعبير" في مساعدة الإعلاميين السوريين، الذين هجرتهم حرب الأسد في طول الأرض وعرضها، لكن عندما تتعامل هذه المنظمات مع الظالمين وتضعهم في ذات الكفة مع المظلومين الذين وجدت من أجلهم وللدفاع عنهم، هنا تطرح عشرات الأسئلة عن كيفية الجمع بين ناقل الحقيقة والمحرض على القتل والمشارك فيه.

الحالة هذه تمثلت في تقرير قدمته المنظمتان لـ"لجنة حقوق الإنسان" بالأمم المتحدة، قبل أيام، حول (القضايا المطروحة للنظر في التقرير الدوري لسوريا بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية)، يناقش الانتهاكات التي يتعرض لها الإعلاميون في سوريا، مستشهدا بما وصفه "حادثة انتهاك" تعرض لها مدير صفحة "دمشق الآن" الموالية للنظام (وسام الطير).

القضية المتعلقة بتقرير المنظمتين أثارها الناشط "عمر الحريري" عبر سلسلة من المنشورات على صفحته "فيسبوك"، مطالبا بتعريف وشرح "تحت أي تصنيف وأي بند يعتبر (وسام الطير) إعلاميا تعرض للانتهاك؟"، لا بل تم اعتباره الحالة "الأكثر دلالة على الانتهاكات ضد الإعلاميين في مناطق النظام".

وأبدى "الحريري" استغرابه من عدم معرفة "المركز ومراسلون" بأن "وسام الطير" هو "جندي بجيش النظام، وكان ضمن الحرس الجمهوري، وشارك بمعارك الغوطة الشرقية والتل بريف دمشق وأحياء جنوب دمشق، وهو نفسه كان ينشر صور لمشاركته هناك.. "معقول ما شافوا صورته وهو يشمت بتهجير المدنيين وهو بسلاحه وكامل لباسه العسكري".

وجاء في منشور "الحريري": "معقول ما بيعرفوا أنه من 2010 الشخص اللي وصفوه بالإعلامي وتعرض للانتهاك كان عسكري لغاية تسريحه في 2018.. ممكن حدا يشرحلنا شو تصنيف الإعلامي عند المركز السوري للإعلام وحرية التعبير ومراسلون بلا حدود، وشو تصنيفهم لوسائل الإعلام على اعتبار أنهم اعتبروا دمشق الآن هي وسيلة إعلام".

وتساءل قائلا: "معقول بكل مناطق سيطرة النظام ما كان في انتهاك بحق الإعلاميين حتى كان المثال الأول لتقديمه للأمم المتحدة هو جندي بجيش النظام!! والمثال الثاني هو (ندى مشرفي) مديرة صفحة فيسبوك مؤيدة أيضا!!".

وأضاف أن هذا المنشور ليس هجوما أبدا، بل عرض لتقرير حقوقي على العلن، والطلب بفهم تصنيف هذه المنظمات الحقوقية لكلمة إعلامي وكلمة مؤسسة إعلامية"، مبديا استغرابه مجددا من طلب المنظمتين من اللجنة "الحفاظ على سرية هذا التقرير".

وأكد "الحريري" أنه "مهنيا وقانونيا و(بعيدا عن الأخلاق) الصحفي المؤيد للنظام هو صحفي له مثل ما للصحفي المعارض للنظام، ويجب توثيق الانتهاكات ضدهم أيضا، فـ"قبل بضع أسابيع نظم المركز ندوة الكترونية واستضاف فيها صحفيا مواليا للنظام من وسط دمشق لينقل رأيهم من هناك، ولا مشكلة من الزاوية القانونية".

لكنه اعتبر أن "الجريمة" بالتقرير هي اعتبار "وسام الطير" صحفي رغم أنه جندي بجيش النظام وضمن الحرس الجمهوري تحديدا، بين 2010 و 2018، وبالتالي هو طرف غير مدني في الصراع حتى وإن مارس مهام إعلامية إلى جانب مهامه العسكرية.

وأوضح أن المشكلة مع التقرير هي اعتبار جندي بجيش النظام متورط بجرائم حرب، وضمن مؤسسة تخضع للعقوبات لانتهاكاتها لحقوق الإنسان على أنه شخص مدني وصحفي وتعرض لانتهاك سببه عمله الصحافي.

ولفت إلى أن الفرق بين "المراسل الحربي" وفق المادة 4 (ألف-4) من (اتفاقية جنيف الثالثة)، والصحفي وفقا للمادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول، أن كلا الفئتين معترف بهما كفئة مدنية مع فارق وحيد هو أن مراسل الحرب يحق له التمتع بوضع أسير الحرب.

وفي اتفاقية جنيف الثالثة لسنة 1949، أكدت الاتفاقية على أن الصحفيين الملحقين بالقوات المسلحة دون أن يكونوا جزءا منها في وضع أسير الحرب شرط حصوله على تصريح من القوات المسلحة التي يرافقها، كما نصت اتفاقية "لاهاي" لسنة 1907 في مادتها الأولى على أن الصحفيين رغم كونهم أشخاصا ملحقين بالقوات العسكرية غير أنهم ليسوا جزءا منها لذلك فهم يعاملون كأسرى حرب. بدوره مدير السياسات والمناصرة في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير الدكتور "محمد كاتوب" اعتبر في معرض رده على الحادثة أن "أي أفعال ارتكبها وأي لهجة يتكلم بها ولصالح أي جهة يعمل لا ينفي عنه صفة أنه صحفي، ولا ينفي عن اعتقاله وإخفائه كونه انتهاك. إذا اعتقال أحد المراسلين العاملين لتغطية المعارك مع الفصائل المعارضة، أيا كان الفصيل وأيا كانت الجهة التي اعتقلته وأيا كان الصحفي، في حال تم ذلك دون استدعاء في محاكمة يعتبر إخفاء قسري".

وأضاف: "بتمنى ما يستغل الموضوع بالطريقة والصياغة واضحة وموضحة بشكل جيد من هو (الطير) وما طبيعة المنصة التي يديرها، فيك تشوف هذا الجانب عزيزي وتدرك بأي سياق تم ذكره وفيك تعلق عن فكرة آلية اعتباره صحفي صحيح أو غير صحيح وهيك بقي أنت تسقط صفة صحفي عن أكثر من نصف الصحفيين السوريين المستفيدين من برامج المركز".

تعاطي المركز مع حادثة اعتقال "وسام الطير" لم تكن الوحيدة ضمن المؤسسات الثورية، فسبق لـ"مركز الحريات" التابع لـ"رابطة الصحفيين السوريين" أن سجل اعتقال "الطير" في سجله الخاص بالانتهاكات. وقال في تقريره الصادر بتاريخ الثالث من شهر كانون الثاني/يناير من العام 2019: "وفي الضفة الأخرى وكعادته يستمر النظام السوري بتضييق الخناق على الحريات الإعلامية في مناطقه التي يسيطر عليها، إذ وثق المركز خلال شهر كانون الأول 2018، اعتقال أجهزة أمن النظام السوري الإعلامي (وسام الطير)، بعد مداهمة مكتب شبكة (دمشق الآن) ومصادرة معداتها، كما اعتقلت الإعلامي (سونيل علي) بعد بضعة أيام من اعتقالها للطير في مدينة دمشق، وأفرجت عن (سونيل) بعد 10 أيام من اعتقاله، فيما لا يزال مصير (الطير) مجهولاً".

وأضاف: "وعلى صعيد الانتهاكات ضد المراكز والمؤسسات الإعلامية، داهمت قوة أمنية تتبع لأجهزة مخابرات النظام السوري مكتب شبكة (دمشق الآن) في مدينة دمشق، السبت 15/12/2018، وصادرت المعدات الإعلامية في المكتب، ما أدى إلى توقف عمل الشبكة وصفحاتها على "فيسبوك" و"تويتر" وغيرهما من وسائل التواصل الاجتماعي لفترة مؤقتة".

زمان الوصل
(218)    هل أعجبتك المقالة (195)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي