بينما كان محمد الفاتح ينسج خطته لحصار القسطنطينية (إسطنبول)، يروى أن رجال الدين المسيحي كانوا يتجادلون حول عدد العفاريت التي يمكن أن تجتمع في آن معا على رأس دبوس واحد، وعندما أطبق الفاتح على المدينة لم تنفعها لا رؤاهم الدينية ولا عفاريتهم المتوقعة، ومثلهم "رجال دين" من المسلمين الذين كانوا من حيث أرادوا أو لم يردوا أ الخناجر التي طعنت حلم الربيع العربي، فقد تشتتوا وشتتوا الناس معهم بين سلفي وصوفي ووهابي وخارجي ووو وتحت كل عنوان من العناوين السالفة يمكن تعداد الكثير من الفروع التي تحولت من خلاف، على سبيل المثال للحصر، حول ضرورة التصاق قدم المصلي بقدم جاره المصلي حتى لا يدخل الشيطان بينهم وكذلك حول مسافة الفرجة بين القدم والقدم، إلى خلاف "سياسي" ومن ثم مسلح أزهقت خلاله آلاف الأرواح وكلها "في سبيل الله"..
مشايخ العلمانية في عالمنا العربي، ومثلهم أولئك الذين غادروا الديار لاجئين ومغتربين، منهم من تحول إلى نسخة ممسوخة عن علمانية أوروبية، فلا هم "تعلمنوا" كما هو الغرب ولا هم حافظوا على شيء مما تعلموه من الكتب عن العلمانية ولم يمارسوها يوما، اللهم إذا استثنينا بعض المقالات وما تبعها من منشورات فيسبوك، هم الآن مشغولون بين في معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل ولا عفاريت، فهم مشغولون بديكتاتورية أردوغان، الذي افتتح مؤخرا 40 مصنعا في يوم واحد، بينما بلادهم العربية باتت فعليا 40 بلدا، فكل دولة مقسمة في حقيقتها إن لم تكن جغرافيا فطائفيا أوعرقيا أو اقتصاديا وغيرها من التقسيمات..
المشهد العربي المتهالك بكل مافيه، يزاداد تقزّما، عندما تتصارع الدول صاحبة المشاريع على غاز المتوسط بينما تجلس الدول العربية على ضفافه لا حول لها ولا قوة إلا قوة أن تكون تابعة لهذا المشروع أو ذاك، ليس حرصا على مصالحها، بل نكاية بمشاريع أخرى وبحثا عن مصالح قزمة.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية