أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

فنانة سورية تعلم أطفال اللاجئين الرسم عن بعد في ألمانيا

في محاولة منها للتكيّف مع ظروف الحجر المنزلي التي فرضتها جائحة "كورونا" على الأطفال في كافة أنحاء العالم. وتحقيق حالة التباعد الاجتماعي أطلقت الفنانة التشكيلية السورية "سلام القطيفان" مشروعاً فنيا لتعليم الأطفال الرسم عن بعد من خلال شبكة الأنترنت، ويتضمن المشروع الذي يشارك فيه أطفال سوريون من مختلف بلدان اللجوء مبادىء احترافية تتعلق بأساليب الرسم العادية والتكوين والتلوين وصولاً إلى مرحلة الرسم الرقمي وتعليم المبادىء الأولية في التشريح والنسب بهدف الاستثمار السليم للوقت بعد أن أجبِروا على البقاء في بيوتهم.

وتنحدر سلام القطيفان وهي فنانة تشكيلية سورية من مدينة درعا 1989 ولم تكن قد تجاوزت الخامسة من عمرها عندما بدأت ميولها الفنية تظهر في الرسم على الدفاتر والكتب والحيطان والطرقات، وكانت كما تروي لـ"زمان الوصل" تخط ما تيسر لها من الخطوط والرسومات أينما حلت، وكبرت موهبتها معها يوماً بعد يوم ، وبعد انهائها المرحلة الثانوية التحقت بكلية الفنون الجميلة قسم الرسم والتصوير الزيتي بجامعة دمشق لتتخرج منها عام 2011 ودرست بعدها في "أكاديمية أرينا لصناعة الرسوم المتحركة" وعملت قطيفان في سوريا كمتطوعة ومدرّسة رسم مع اليونيسيف والهلال الأحمر والمكتب الدنماركي لشؤون اللاجئين. وكمعلمة رسم في معاهد الفنون التشكيلية والتطبيقية والنسوية في مدينتها درعا.


مطلع العام 2016 ونظراً لظروف الحرب في مدينتها يممت سلام شطر ألمانيا عبر رحلة بحرية محفوفة بالمخاطر لتقيم في مدينة ميونيخ، وبعد أن كسرت حاجز اللغة والإندماج أقامت عشرات المعارض الفردية والثنائية والجماعية والورشات الفنية والمهرجانات الثقافية، وحصلت على عشرات من شهادات الشكر والتقدير بالاضافة الى شهادة ماستر من منظمة اليونسكو العالمية في أثينا بعد اشتراكها كمتطوعة مع ورشة "سلام على الورق" الالمانية لدعم اللاجئين في اليونان، ودأبت على إعطاء دروس رسم بشكل أسبوعي عبر البث المباشر على صفحة "نادي المشاريع" على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"يوتيوب" وهو أول ناد لدعم المشاريع في أوروبا وتنظيم ورشات عمل ومعارض، وتوجهت الفنانة الشابة إلى تعليم دروس الرسم عبر البث المباشر على صفحة النادي حين اقترحت عليها مديرة النادي المهندسة "منال جبارين" ونائبتها المهندسة "هيفاء رجب" الظهور عبر البث المباشر للتواصل مع المتابعين والمهتمين، ورحبت بالفكرة بكل سرور، وأسعدها –كما تقول- أن تستغل فترة الحجر المنزلي في تقديم ماهو مفيد للناس.. وكان الهدف من المشروع–حسب قولها- استثمار الوقت في هذ الأزمة الصحية ونشر الفائدة والسلام لكل الفئات والاعمار وليس للأطفال فحسب.

وحول الأسس التي اعتمدتها في تعليم الاطفال الرسم وكيف لمستِ تجاوبهم مع هذه التجربة أوضحت محدثتنا أنها اعتمدت مبدأ الترغيب واللعب والبساطة المطلقة شرحاً ورسماً، شفهياً وعملياً.. وقامت في البداية بعرض الأدوات اللازمة للرسم مع شرح موسع جداً عن كل أداة او لون، مضيفة أنها شرحت بشكل موسع عن أنواع الريش وطرق استخدامها وتنظيفها.. وفكرة عن الألوان وأنواعها، وطرق حلها واستعمالها. ودهشت-كما تقول- لتجاوب الأطفال معها واهتمامهم بدروسها وشغفهم للتعلم والعمل بالفن مما دفعها بقوة لدعمهم وتشجيعهم.


وبالتوزاي مع مشروع تعليم الرسم عن بعد الذي لم يقتصر على الأطفال بل على كل الأعمار أطلقت الفنانة "سلام قطيفان" باجتهاد فردي مبادرة بعنوان "الفنان الصغير" لدعم المواهب الصغيرة بالنصيحة والتشجيع. وكان الهدف منها -كما تشير- هو تشجيع الاطفال على الرسم في أوقات الحجر المنزلي حتى لا يتعرض الطفل للملل أو الضجر، وبهذا يكون استثمر الطفل، وقته بما هو مفيد وسليم. حيث تعمد إلى عرض عدد من رسومات الطفل عبر صفحاتها الخاصة والعامة على السوشيال ميديا، إضافةً إلى تقديم قراءة مبسطة لهذه الأعمال، مضيفة من خلالها نصائحها المناسبة للطفل حسب مستواه الفني والقكري والعمري، إضافة إلى إدراج معلومات الطفل الخاصة كاسمه وعمره ورابط صفحته إذا وجد كترويج لاسمه وتشجيعه.

ولفتت محدثتنا إلى أن الحرب لم تمر مرور الكرام في نفوس الاطفال، ومن البديهي ان تخلف في نفوسهم الخوف والتوتر وقد تجلى ذلك واضحاً من خلال بحثهم عن الامان بين طيات خطوطهم. وكانت انفعلاتهم واضحة في رسوماتهم بعنف يدل على ضغوط نفسية مروا بها.، واكثر ما تجلى في اعمال الاطفال أبناء الحرب –حسب قولها - هو البحث عن حياة وردية تتخللها أحلامهم كأن يمتلك الطفل سيارته المفضلة أو منزلاً جميلاً أو عائلة سعيدة. وكان دورها هو محاولة التخفيف عن هؤلاء الأطفال وتشجيعهم على الرسم كي يخرجوا من دوامة هذه الإنفعلات المكبوتة والطاقات السلبية وليس هناك أفضل من الفن مساحة للتعبير والتفريغ لأن الفن في المحصلة رسالة جمالية أولاً وانسانية دائماً.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(375)    هل أعجبتك المقالة (328)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي