آية الكرسي هي أعظم آيات القرآن، والكرسي هو أعظم آيات الدنيا أيضاً، فالمُلك هو أسّ الصراع البشري في الشرق والغرب، وما سلًّ سيف في الإسلام كما سلَّ في الإمامة وحوله الناس تدندن وتدمدم.
لقد استطاع النظام السوري بمساعدة حلفائه المخلصين غير الحنفاء، الصمود أمام المؤامرة الكونية والتصدي للشعب السوري في نزوعه إلى الحرية، ومن أسباب صموده أنه جمع الدول الثلاث وهي، دولة القبيلة ودولة الغنيمة ودولة العقيدة، في دولة واحدة ممنوعة من الدولان والدوران، هي: دولة "الهديمة"، والتي لخصها شعارهم: الأسد أو نحرق البلد، فالقبيلة الحاكمة طائفية، والعقيدة علمانية الظاهر، وباطنها عداوة أهل السنة والجماعة، والغنيمة لذيذة جداً، لا فرق فيها بين ما غلا ثمنه أو قلَّ وزنه، وما لا يُغنم فهو "هديمة" أي يهدم ويدمر فالانتقام نوع من الاغتنام، يحرم صاحب الغنيمة التي لا يمكن سرقتها من الانتفاع بها.
وكان النظام قادراً بالهدم الذي كان بارداً حتى قيام الثورة، ثم صار حاراً بعد اندلاعها على تحويل الحضارة إلى تاريخ مندثر، وبارعاً في النخر الناعم والإفساد، وملتزما بأمر واحد، هو تحويل كل فعل إنساني ونشاط اجتماعي إلى مصدر للشرعية، الأعراس والجنازات، الكوارث، فالنظام كالكائنات القمّامة تأكل كل شيء.
لم يكن النظام يدع أي شيء حتى يستغله في التذكير بالرئيس وعظمته، الشرعية ناقصة وتزداد نقصاناً مع الزمن، ولا تكتمل بالسيف وحده، وقد حاول ترميمها بالقومية والدين والعلمانية والاشتراكية والامبريالية، وقد غنم النظام حتى فيروس الكورونا.
وكان الفيروس في خطاب ديني شهير جندياً من جنود الله، فانشق وانضم إلى النظام، فصار مصدراً للتجارة والربح والتخويف والغنائم والضرائب، ولو لم يأت متأخرا لما احتاج النظام إلى قانون الطوارئ والأحكام العرفية!
الكمامات تباع أمام أبواب المؤسسات لأنها إجبارية، لا يدخل المُراجع إلا بكمامة، ثم تباع من جديد بعد استعمالها، بسبب الفقر الشديد وحاجة الناس، وكان البعث، وهو عقيدة النظام الظاهرة للعرض فقط، قد تعرض في انتخابات مجلس الشعب إلى وعكة صحية، بسبب شكاوى الموالين من الغش والتزوير الصريح، لكنه سينجو، ما دام الحلفاء الروس والفرس يحمون ظهره، وبطنه، ولا نعرف هل فيروس الكورونا عضو عامل أم هو نصير في التصنيف الحزبي، فسوريا كانت حسب أخبار الكورونا أقل الدول إصابة به، بسبب لقاح السل، أو لأن سوريا الله حاميها، أو لأن الشام مقدسة، أو بسبب الشمس والحر، أو بسبب كرامات الرئيس، ولا يستطيع النظام أن يتهم المندسين بالكورونا وإشاعته، لأن إدلب معزولة، وكذلك الإدارة الذاتية الكردية، والضحايا في ازدياد هذه الأيام، والنظام في حالة إنكار، أو استغلال للفيروس، ولغير الفيروس في الشرعية والإفساد إلى يوم الدين.
غير أن شجعاناً سربوا أرقام الضحايا، ليس لشجاعتهم، بل للتحذير من الوباء، فهو وباء غير مذهبي، وإن كانت إيران من أعلى الدول إصابة به، بسبب طريقة التعبد الإيرانية.
أمريكا مصابة بالفيروس، وأمس زادت نسبة المرض في اليابان، فهو وباء يصيب الدول الغنية والفقيرة، لكن النظام كان به نقص دائم يشبه العوز المكتسب في الشرعية كما يقول الواقع، ونهم المال، لذلك فهو يتاجر بالأسرّة في المشافي، وعلى الحدود، بإجبار العائدين على المبيت ليلة من ليالي الأنس بسعر قدره مائة دولار. وهكذا.
*أحمد عمر - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية