أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

دور السينما في العراق خاوية على عروشها

أطلس" السينما البصرية الوحيدة التي فتحت أبوابها مع مطلع عيد الفطر المبارك، لتسجل بذلك نهاية لأكثر من اربعة أعوام من الاغلاق والاهمال، تحولت فيها دور العرض السينمائي الى مخازن للبضائع، لكن "اطلس" مهددة بالاغلاق مرة اخرى، بحسب مديرها، فيما لو لم تحصل على دعم مادي من قبل الحكومة مع قلة وافديها وارتفاع تكلفة الافلام الجديدة التي يمكن ان تشتريها.
ومع ان السينما لم تشهد حضورا فاعلا، الا ان المختصين رحبوا بإعادة افتتاحها بوصفها ممارسة ثقافية ذات بعد اجتماعي وتجسد القيم الجمالية والفكرية الإنسانية، في وقت لم يعبأ عدد من المواطنين بأمر افتتاحها منوهين بأنها ليست على سلم الاولويات المطلوبة في المرحلة مع تراجع العديد من المرافق الخدمية في البصرة.

مدير سينما أطلس محمد محمود شاكر قال لوكالة (اصوات العراق) إنه "تم افتتاح سينما أطلس في أول أيام عيد الفطر المبارك، كونها دارا ثقافية اولا، وبسبب ان مدينة البصرة هي عاصمة الثقافة، ونطمح بذلك من الحكومة ان تقدم لنا الدعم"، منوها "لقد جاهدنا في افتتاحها، لأنه من الصعب جدا افتتاح سينما بعد هذه الفترة الطويلة من الإغلاق بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة والصعبة وانتشار الميليشيات".
وكانت البصرة تحتضن أربع دور للعرض السينمائي قبل عام 2003 هي أطلس والوطن والرشيد في شارع الوطن وسط سوق العشار، فيما تقع الرابعة وتحمل اسم "الكرنك" في ساحة ام البروم الشهيرة في العشار ايضا، وقد اغلقت دور العرض الثلاث، وتم تهديم "الكرنك" ليصبح موقعها ساحة لوقوف ومبيت السيارات.

ولفت شاكر "كان هناك إقبال في أيام العيد ووصل العدد فيه الى 200 شخص، لكن لم نتوقع أن ينحسر العدد من الجمهور بعد العيد الى 25 شخصا".
وأشار الى ان "الصالة كانت متروكة لفترة طويلة واستلمناها قبل العيد بأسبوع وقدر المستطاع عالجنا بعض الأمور ومنها طلاء الجدران والتنظيف والمجاري وغيرها، وهناك مشاكل موجودة حاليا كمشاكل الكهرباء ومكائن تشغيل الافلام وغيرها".
وطالب مدير السينما الجهات الحكومية بتقديم وتوفير الدعم، مبينا "حين افتتحنا السينما لم تكن غايتنا الجانب المادي بل ان السينما هي دار ثقافية ومن العجيب ان نعرف ان اقتصاد دول يعتمد على السينما فلماذا لا يكون لدينا دار سينما وإنتاج سينمائي أيضا".

الى ذلك، اعتبر المخرج السينمائي كاظم حسين افتتاح هذه السينما خطوة يمكن ان يحتفى بها، متمنيا ان تكون خطوة جيدة وتؤدي دورها الثقافي والاجتماعي.
وأضاف حسين لوكالة (اصوات العراق) "اتمنى ان تحقق ايضا بعض الشروط، ومنها اختيار الأفلام واحترام ذائقة الجمهور والمواطنين فضلا عن الشروط الصحية الأخرى مقابل ما يدفعه روادها من أموال"، مبينا "يجب ان تتوفر وسائل راحة  من صالة مرتبة ونظيفة وكراس مريحة وغيرها من المستلزمات الضرورية".
وتابع "كما يجب ان تكون هناك مواصفات محددة لصالة السينما وتحتاج إلى رقابة لتكون مكانا يحترم المشاهد والجمهور ولا يفكر فقط بموضوع الربح المادي".
ولفت "اننا في البصرة بحاجة الى افتتاح وإنشاء صالات حديثة للسينما، كما إننا بحاجة إلى افتتاح صالات مسارح التي تفتقدها المدينة، وننحن بحاجة أيضا إلى الارتقاء بالذائقة العامة من خلال توفير أماكن مرتبة ونظيفة".

كما رأى التدريسي في كلية الفنون الجميلة ياسين وامي بأن "السينما ليست مكانا ترفيهيا او تجاريا فحسب بل هي فسحة مغلقة ومظلمة بإمكانها استثارة الحلم والمخيلة والإبداع"، وهي "مكان ثقافي وتأملي بامتياز، بإمكانها ان تربط خطوطا مع العالم ذات أنسجة عديدة ومختلفة".
وأضاف لـ(أصوات العراق) "نعلم جيدا الدور الاجتماعي للسينما في توفير ملاذ أسري تتنفس فيه الأسرة من ضيق البيوت والتوتر الاجتماعي وهذا ما كانت تتوق له الأسر العراقية في زياراتها لدور السينما خلال العقود الستينية والسبعينية".

وتابع "ولكون السينما فنا متعدد المشارب ومتنوع الجذور والمكونات فهو يغني الذهن العراقي بوعي حضاري وجمالي في آن واحد، كما بإمكانه أيضا أن يستثمر الطاقة الكامنة في الشباب لما هو صالح وايجابي".

واستدرك "لكن الجانب السلبي لدور السينما في التسعينات ساهم في تشويه صورة السينما وتقديم ما هو رديء وضحل يخاطب الغرائز ويعتمد الأفلام الرخيصة ما أثار ردود أفعال أبعدت التنوع الجماهيري عن صالات العرض"، فضلا عن "تأخر واندثار الدور السينمائية على مستوى البنية المعمارية وهذا ما لا نريد العودة إليه وتجاوزه في المرحلة المقبلة". 
اما الناقد السينمائي احمد ثامر جهاد فقد قال لـ(أصوات العراق) إنه "سيكون للسينما بوصفها ممارسة ثقافية ذات بعد اجتماعي دورها الأساس في تجسيد القيم الجمالية والفكرية الإنسانية، لاسيما في مجتمعات عانت ما عانت من فقدان وحرمان وتشوهات جراء أنظمتها الشمولية".

وتابع "من هنا فان خطوة إعادة الحياة ثانية إلى إحدى صالات العرض في البصرة (سينما أطلس) تعد خطوة رائدة بكل المقاييس، لاسيما بالنظر إلى بلد أعيد الى نقطة الصفر على المستويات كافة"، لافتا الى أنه "من الضروري ان تساند النخب الواعية هذه الخطوة المدنية والثقافية وتدعمها وتفعلها بحضورها ومباركتها لتتسع إلى فضاء اكبر من شأنه ان يبعد عن الحياة الراهنة سوادها ويعيد البهجة إلى أرواح المواطنين العراقيين".

المواطنون تباينت آراؤهم حول الموضوع، فقد رأى المواطن فاضل عبود، وهو معلم، بأن "افتتاح السينما في البصرة قد يعيد الأمل الى الجو الثقافي، لكن هل يمكن ان نتمنى دور سينما تؤدي الدور الذي كانت تؤديه دور السينما العظيمة في الستينات والسبعينات".
ولفت عبود خلال حديثه لوكالة (أصوات العراق) إن "السينما مطالبة الان ان تقدم مميزات مضافة للوقوف امام هذه التحديات".
وانتهى إلى  أن "الامان وهو عنصر مطلوب تماما، والشعور بأهمية هذا الدور من قبل العائلة لكي نأخذ أبناءنا كما يمكن ان نأخذ عوائلنا الى مكان نحترمه ويحترمنا".
كما قال المواطن عباس عبد الواحد، كاسب، لـ(أصوات العراق) "ماذا يعني ان تفتح دار سينما في البصرة وهي مدينة بحاجة الى رفع هذا الركام من الانقاض والقمامة وايجاد حلول لمشاكل كثيرة منها حلول للماء المالح والكهرباء".

واضاف "وهي بحاجة ايضا الى بنية تحتية، اضافة الى ايجاد فرص عمل من اجل القضاء على البطالة وغيرها من الامور التي يجب اصلاحها اصلا قبل التفكير بالسينما".

(109)    هل أعجبتك المقالة (118)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي