أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

البلكون "المقاوم" المزروع حشيشاً!... ماهر شرف الدين*

بيروت وهي غارقة في الظلام

بعدما أخذ البلادَ إلى المذبحة الأهلية، ها هو اليوم، بالشعارات ذاتها وبالأسلوب ذاته، يأخذها إلى المجاعة.

"محور الممانعة"، والممانعة هنا ليست أكثر من تمويهٍ مصطلحيّ للحلف الطائفي العميق اللابس قميص فلسطين، بعدما أخذ البلاد الواقعة تحت هيمنته –في سوريا ولبنان والعراق واليمن- إلى حتفها السياسي كبلدان ذات حدود ووجود على الخارطة الدولية، يأخذها اليوم نحو حتفها الغذائي.

وبعدما ذاقت تلك البلاد الأَمرَّيْن من شعارات "الجهاد" بالصيغة "الرسمية" التي رفعها طوال عقود، يستولد هذا المحور التخريبي مشتقَّاتٍ جديدةً لذلك "الجهاد"، أوَّل غيثها "الجهاد الزراعي" وفق التعبير الذي استعمله حسن نصرالله في دعوته اللبنانيينَ للعودة إلى الزراعة.
وفي المدن، حيث يعيش حوالى 90% من اللبنانيين بحسب إحصاءات "الأمم المتحدة"، وحيث لا يملك الإنسان مساحةً يزرع فيها، تصبح زراعة البلكون –بحسب زعيم الميليشيا- واجباً جهادياً أو "مقاومة زراعية"!

وعلى هذا المنوال المتهافت، يستطيع المرء أن يستولد "جهاداً كهربائياً"، لمواجهة الظلام الذي تغرق فيه المدن والقرى، عبر صناعة الشموع في المنازل... و"جهاداً نقدياً"، لمواجهة انهيار العملة الوطنية، عبر تجريم كلّ من يسأل عن سعر صرف الدولار... و"جهاداً نظافاتياً"، لمواجهة جبال النفايات في الشوارع والأزقَّة، عبر رشّ المعقّمات والمطهّرات فوق تلك النفايات... وهكذا حتى نأتي على جميع المشاكل المستعصية فنجد لها حلولاً من نوع البلكون "المقاوم" الذي يقدّمه نصرالله كحلّ سحريّ لمواجهة المجاعة الزاحفة!

أمَّا سبب هذه الكارثة المكتملة الأركان، وهُويَّة المسبّب لها، والأطراف التي تتحمَّل مسؤوليتها، فتلك مسائل غير جديرة بالنقاش العام لدى نصرالله، ما دامت "كرامة البلاد" محفوظة، حتى وإن لم يكلّف نفسه عناء إخبارنا كيف لكرامةٍ أن تستقيم مع وجود كلّ هذا القهر والجوع والمهانة!

الصور النهارية لبيروت وهي تغرق في المزابل، والصور الليلية لها وهي تغرق في الظلام، ومثلها بغداد ودمشق وصنعاء، ليست صورة مكان، بل صورة زمان. صورة زمان تسيَّد به هؤلاء في غفلةٍ من شعوبنا، وفرضوا عليها أجنداتهم الإجرامية.

منطقة مثل القصير السورية، تحوَّلت أرضُها الخصبة –على أيدي أتباع صاحب نظرية "الجهاد الزراعي"- إلى كبرى مزارع الحشيش في المنطقة. وغيرها العديد من المناطق السورية التي احتلّها "حزب الله" وهجَّر سكَّانها منها، ثمَّ حوَّلها مزارعَ ومصانعَ للمخدّرات.

وقد بات جلياً في الفترة الأخيرة، ومن خلال الأخبار المتواترة عن مصادرة شحنات ضخمة من المخدّرات، في مصر والسعودية وإيطاليا، قادمة من سوريا، أن "الجهاد الزراعي" الحقيقي الذي يمتهنه أقطاب هذا المحور، يختلف كلّياً عن ذلك "الجهاد" الذي يدعون الناس لممارسته من على الشرفات.

بل ربَّما يمكن القول بأنَّ دعوة نصرالله إلى زراعة البلكون لن تصبح ذات جدوى اقتصادية فعلية، إلَّا إذا اقتدى الناس به وبحزبه، وجرَّبوا "الزراعة" التي يمارسها هؤلاء في البقاع وسوريا.

عندئذٍ، ومن خلال فحص سريع للبلكون المنزلي، يمكننا أن نميّز بسهولةٍ بين زارعي الحشيشة المقاومين... وزارعي الورود العملاء!

*شاعر وكاتب سوري - من كتاب "زمان الوصل"
(511)    هل أعجبتك المقالة (501)

muhsin fejir

2020-07-21

طريق القدس يمر عبر زرع الحشيش والمخدرات في الدول والمدن العربية ...اسقط الله رايتهم.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي