أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

فوضى على فوضى ... السوري يفقد خصوصيته!

 

تحول شهر رمـــضان في سوريا إلى بازار، إلى بورصــــة يمـكن لها أن تدرَّ أرباحاً طائلة. فهذا منطق الأمور الذي لم نعد نملك قبوله أو رفـــضه، منطق اقتصاد السوق الاجتماعي ورأس المال، الــــذي يقتنـص الفرص ويلـــهث وراء تحقيق الأربـاح، ويستــــثمر في الدِين كما في أي شيء آخر، بصـــرف النظر عن الطـــرق والوسـائل والــتوقيت.

قد نفهم ان الشركات القوية تحاول السيطرة على وسائل الإعلام لتوظف كل شيء خدمة لمصالحها، لذا لن نغرق بحساب الأرباح الطائلة - بلا حسد- التي ستجنيها شركتا الخلوي في حال استقطبت كل منها مليون اتصال زيادة عن المعدل كل يوم بفضل البرامج التي تقوم على الاتصالات وإرسال الرسائل النصية. ولن نغوص في التحليل من باب أن ما يقوم به البعض ليس إلا "يانصيب" يربح دائماً لكن من دون أوراق مطبوعة وباعه وضرائب.

سنختار جانبا آخر لا نقبله تحت أية حجة كانت، يتعلق باستخدام الهاتف المحمول في الحملات الإعلانية "المجوقله ـ أرضي جوي"، إذ يبدو ان شركتي الخلوي العاملتين في سوريا استخدمتا قاعدة بيانات أرقام المشتركين التي تملكها، أو على الأقل سمحت لشركات أخرى، أن تقتحم خصوصية البشر بلا حسيب أو رقيب. فها نحن نُغرق برسالة تلو الرسالة في الفترة الأخيرة على مدار اليوم، بعضها يصل في وقـــت متأخر من الليل، يحثك كي لا تفوّت الفرصة عليك وتقوم بالاتصال أو شراء سلعــــة، ابتكار لا نعرف أين يمكن ان ينتهي في حال قررت كل الشركات في البلد استخدامه..!

لكن هذا الاختراع "السيرياليتي" يقوم على اختراق أبسط حقوقي كمشترك في خط هاتف خلوي شخصي، استخدمه لاتصالاتي الشخصية، فالشركة المتصلة ليست زوجتي ولا صديقي ولا زميلي في العمل، و حتى هؤلاء يراعون وقت الاتصال ولا يعطون رقمي لأحد دون علمي..!

في سوريا تمّ وضع أسس قانونية وخطط لمعالجة مشاكل التلوث البيئي، أصبح لدينا وزارة للبيئة، ولكن ماذا عن اقتحام خصوصية البشر ان كان عبر مكبرات الصوت او الهاتف النقال أو الثابت "لدينا توصية بحضرتك كي نقدم لك عرضاً..." أو بطريقة الرسائل التي لا تترك لك أي خيار لتقول أي تعليق أو حتى أن تغلق السماعة..!

أليس اقتحام الخصوصيات "بلا شور أو دستور" عبر "الموبايل" أكثر من مجرد تلوث سمعي؟ ام ان شدة وتنوع التشوهات والاخـتراقات رفعت من عتبة إحساسنا، وأصبحنا نقبل أي شيء على مبدأ "كله عند العرب صابون"؟

تضع القوانين الأطر وترسم حدودا للعلاقة بين البشر بوصفهم أفرادا أو مؤسسات، وتنطلق أولاً وأخيرا من صون حرية الإنسان، وأي إكراه على تلقي أو سماع أو رؤية ما لا يريده، مرفوض بحكم كل المواثيق القانونية والأخلاقية. وبطبيعة الحال، الهاتف النقال ليس محطة فضائية لبث الإعلانات، ولا راديو ولا صحيفة، بل وسيلة اتصال شخصية، فردية، وقد آن الأوان لتكون هناك قوانين تنظم العلاقة وتضبط الحدود وتحمي حقوق الناس.

 

جديع دوارة
(138)    هل أعجبتك المقالة (142)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي