جريمة اغتصاب الطفل السوري ابن الثلاثة عشر ربيعاً في بلدة سُحمر البقاعية في لبنان، والتي صوَّرها المغتصبون الثلاثة بأنفسهم (أحدهم اسمه هادي قمر وهو ابن أحد المسؤولين المحلّيين في "حزب الله")، قبل أن يتسرَّب منهم فيديو الاغتصاب الجماعي ويصبح حديث مواقع التواصل الاجتماعي... أثارت غضب الجميع، باستثناء غضب "السفير السوري" في لبنان!
الإدانات والتصريحات المستنكِرة لهذه الجريمة التي هزَّت أركان كلّ من شاهدها، خرجت من أفواه الجميع ومن مكاتب الجميع، باستثناء فم علي عبد الكريم علي ومكتبه!
وإذا كان من المعروف أنَّ مشكلةً حين تحصل مع شخصٍ أجنبيٍّ مقيمٍ في بلدٍ ما، لا بدَّ أن يكون اسم السفير هو الأكثر تردُّداً في نشرات الأخبار، بسبب تحرُّكه الحثيث لمواكبة القضية ومساعدة مواطنه صاحب المشكلة... فإنَّ الحال هاهنا يختلف كلّياً مع هذا "السفير" الذي يصعب على المرء أن يجد له مثالاً واحداً عن تحرُّكٍ قام به نصرةً لأي مواطن سوري موجود على الأراضي اللبنانية، على الرغم من كثرة الانتهاكات التي حصلت، بل والتي تحوَّل بعضها إلى قضايا شهيرة شغلت الرأي العام في لبنان وسوريا.
والحقّ أنَّ إنعام النظر قليلاً في حالة هذا "السفير"، وحالة النظام الذي يمثّله، ربما يكون السبيل الوحيد لتبرير صمته وسكوته تجاه شتَّى الانتهاكات التي يتعرَّض لها مواطنوه في لبنان.
فإذا أخذنا الجريمة الأخيرة مثلاً، جريمة اغتصاب الطفل السوري، ماذا في وسع هذا "السفير" أن يقول ويستنكر، إذا كان النظام الذي انتدبه سفيراً قد اغتُصب في معتقلاته عددٌ لا يُحصى من الأطفال؟!
بأيّ عينٍ سيتحدَّث هذا "السفير" عن بشاعة الفيديو، وجنود جيشه قد صوَّروا فيديوهاتٍ لا تقلُّ بشاعةً في انتهاك الكرامة الإنسانية؟
هل سيتحدَّث عن ضحكات المغتصبين الماجنة، وثمَّة ضحكاتٌ أشدّ مجوناً لشبّيحته وهم يُعذّبون الناس متلذّذين مستمتعين؟
هل سيتعجَّب من إصرار المغتصبين على توثيق جريمتهم عبر التصوير، بينما ضبَّاطٌ من أبناء منطقته، يحملون النجوم والنسور على أكتافهم، قد وثَّقوا جرائمهم بهواتفهم المحمولة؟
بماذا سيجيب الصحافيين، في حال قرَّر عقد مؤتمر صحافي، إذا ما سُئلَ سؤالاً حملَ بين طيَّاته اسم الطفل حمزة الخطيب الذي قضى تحت التعذيب في درعا بعدما قطعوا عضوه التناسلي؟
إذا فكَّرنا في هذا السيناريو، فسنجد –وبكلّ موضوعية- مبرّراتٍ وجيهةً لصمت "السفير".
*شاعر وكاتب سوري - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية