وثائقيات الألم
ماهر شرف الدين
1- إفطار في المقبرة
عند قبور أبنائها
تناولت العائلاتُ إفطارَها
كان الهواء شبهَ ساكنٍ
احتراماً لصمتها
بينما كان الغروبُ
-وكأنما واجبٌ مدرسيٌّ-
يُلوِّنُ جميعَ الفراغات
في المشهد المؤلم.
*
عند قبور أبنائها
تناولت العائلاتُ إفطارَها:
الطعام فوق التراب
والأحباب تحته.
2- أُذُن على الصدر
بعينَيْن لا ترمشان
وضعت الأمُّ أُذُنها اليسرى
برفقٍ شديدٍ
على صدر طفلها المقتول.
وبرفقٍ شديدٍ أيضاً
راحت عيناها ترمشان
وكأنها بالفعل سمعت شيئاً!
3- أنوف مكسورة
الذين أقسموا بأنهم
شمّوا رائحة المسك
تضوع من قبره
لم يكذبوا
بل نحن فقدنا
حاسَّة الشمّ
بعدما كُسِرتْ أنوفنا.
4- صور "قيصر"
يفتِّشون عنه
كما لو أنه طفلٌ ضائعٌ
في سوق مزدحم
ومن خلف الشاشات
تتوقَّف قلوبهم
-كتفاً بكتفٍ إلى جانب الزمن-
كلَّما لمحوا شَبَهاً ما
بين صورةٍ على الشاشة
وصورته في الذاكرة.
*
أهل المعتقل
يتصفَّحون الصور الرهيبة
بإحساس من ينبش قبراً
بإحساس من يحفر في التراب
لاستخراج جثَّةٍ
مطمورةٍ بالصُّوَر.
*
وكلَّما تصفَّحوا صوراً أكثر
أُزيحَ الترابُ أكثر
وبدأت الجثَّة بالظهور.
*شاعر وكاتب سوري
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية